إنشاء صندوق وطني للمسؤولية الاجتماعية سينقذ الاف العائلات من الفقر

رام الله: أشارت دراسة حديثة صادرة عن مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية (المرصد) في فلسطين حول المسؤولية الاجتماعية للبنوك، وذلك ضمن سلسة دراسات حول التنمية البديلة التي يعمل عليها المرصد، إلى أن وجود صندوق وطني للمسؤولية الاجتماعية يمكن أن تساهم فيه البنوك والشركات الخاصة ويسخر في مجال التنمية الريفية والمجتمعية، ويغطي المجالات التي يتجنبها المانحون، أو تعجز الحكومة عنها نتيجة "سوء التخطيط" أو عدم المقدرة على التقرير في بعض المجالات، ويخرج ذلك مفهوم المسؤولية الاجتماعية من إطارها التجاري والإعلامي للمساهمين فقط إلى تطبيق حقيقي للمفهوم. إن وجود صندوق للتنمية المجتمعية يساهم القطاع الخاص فيه بنسبة 10% من الأرباح سيسهم ذلك في توفير 50 مليون دولار سنوياً، ويرفع مساهمة البنوك من 3 ملايين إلى حوالي 15 مليون دولار في العام.

وإذا ما تم ترويج هذا المفهوم ليشمل الشركات غير المسجلة في سوق فلسطين والتي يصطلح على تسميتها بالعمل العائلي، فإن ذلك سيضيف إلى هذا الصندوق ما لا يقل عن 20 مليون دولار أخرى في السنوات اللاحقة.

وبين المرصد أن تطور ودائع العملاء في البنوك العاملة منتصف عام 2012 إلى ما يقارب أكثر من 7.2 مليار دولار أمريكي، علماً بأن ودائع البنوك خلال عام 2000 كانت 3.5 مليار دولار تقريباً، هذا التطور الحاصل على الودائع والذي أزداد وتضاعف خلال السنوات السابقة. كان يجب أن يعكس نفسه بشكل أكبر وأوسع في مجال المسؤولية الاجتماعية. حيث أن بنك واحد من البنوك ال18 العاملة في الضفة الغربية وقطاع غزة قدم حوالي 1.9 مليون دولار بينما البنوك ال17 الأخرى مجتمعة قدمت ما يقارب المليون وثلاثمائة ألف.

استطاعت البنوك الفلسطينية تخطي الأزمة العالمية بأقل الإضرار، البنك الأجنبي الوحيد وهو بنك HSBC الشرق الأوسط المحدود الذي يعمل في الأراضي الفلسطينية سجل خسائر متتالية طوال الأعوام الماضية حيث بلغت خسارة البنك عام 2012: (473,099- $). ويتضح أن البنك لم يلجأ إلى التسهيلات الائتمانية التي تحقق أرباح وعائدات كبيرة للبنوك في الأراضي الفلسطينية. وباستثناء بعض البنوك الفلسطينية التي لها إيداعات واستثمارات في الخارج، فان تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الجهاز المصرفي الفلسطيني محدودة جداً. والسبب في أن البنوك المحلية استطاعت تجاوز الأزمة لان الجهاز المصرفي معزول. ووصلت التسهيلات الائتمانية للبنوك 3.8 مليار دولار في الربع الثالث من العام 2012 .

ولتصبح لبرامج المسؤولية الاجتماعية ذات جدوى اجتماعية وتنموية في الواقع الفلسطيني يجب أن تتخلص تلك البرامج من الكثير من المحددات والإجراءات، حيث أن برامج البنوك تخلو من أي دعم لمشاريع لها علاقة بالقضايا الوطنية العامة و/أو دعم برامج تنموية إنتاجية. وتركيز البنوك أكثر على مجال الدعاية والميل إلى برامج الرعايات سواء للمهرجانات الفنية أو المهرجانات الرياضية أو الافطارات الرمضانية..الخ، وأحياناً ينشأ "تعارض" أو" تبادل" في المصالح بين المقدم والمتلقي لتلك المنح، ففي الوقت الذي تم التبرع فيه لبناء جامع في ضاحية سكنية جديدة تحت بند المسؤولية الاجتماعية فإن البنك كان يهدف من ذلك  التبرع هو الحصول على اتفاقيات تمويل ترفع من نسبته في السوق المحلي. ومن جانب أخر يكون البنك قد تبرع فعلياً لأحد المساهمين الرئيسين فيه، هذا واحد من الأمثلة التي تمارس فيها المسؤولية الاجتماعية بطريقة خاطئة.

على المستوى العالمي أشار المرصد إلى أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يستخدم للتغطية على أعمال لكثير من الشركات العالمية، حيث الفجوة تتسع أكثر بين الدور الذي تلعبه العديد من الشركات على المستوى العالمي وبين برامجها الدعائية في مجال المسؤولية الاجتماعية.هذا الوضع مشابه تماماً عندما تقوم شركات التبغ بالتبرع لمرضى السرطان لتحسين صورتها في المجتمع، ويغيب أن تلك الشركات تعتبر منتجاتها مسبباً ومساهماً فعلياً في انتشار هذا المرض. وكأن تقوم شركات النفط بتمويل برامج البيئة وزراعة الأشجار، ودعم بعض المبادرات المحلية في مناطق نفوذها لتصبح مقبولة أكثر للسكان المحليين ولتغطية عمليات الاستغلال والفساد والنهب المنظم لثروات الشعوب.

نرى العديد من المبادرات التي تقوم بها شركات الأغذية فعلى سبيل المثال تمول ماكدونالدز وكوكاكولا عدداً من الأنشطة المجتمعية والتي تترافق مع ترويج منتجاتها وعلاماتها التجارية، لكن في مقابل ذلك تدفع على سبيل المثال حكومة الولايات المتحدة عشرات مليارات الدولارات لمعالجة الأمراض الناتجة عن السمنة والتي تعتبر كوكاكولا وماكدونالدز من الشركات التي يشار إليها من أسباب تغير نمط الغذاء الذي يساهم بارتفاع نسبة البدانة.

 

حرره: 
ع.ن