في ذكرى وفاته الخامسة: درويش حيّ بقصائده

تجمع عشرات من الفنانين والمثقفين ثاني أيام عيد الفطر السعيد حول قبر محمود درويش داخل حديقة البروة في مدينة رام الله. قالوا كلمات قليلة تذكر بالشاعر ومناقبه. بعضهم قرأ سورة الفاتحة. ثم انفض الجميع، وتركوه وحيدا. تماما مثلما تركهم وحدهم وسط "توهان" فلسطيني حول الرؤية والهوية والتطلعات نحو حلم قيام الدولة وزوال الاحتلال، وهوية وطنية ثقافية سياسية كان درويش أبرز من رسم ملامحها

في التاسع من آب عام 2008 رحل درويش، ورحلت معه حقبة كاملة من التاريخ والهوية، الفلسطينية، لكن لم ترحل القصة؛ فدرويش قصة لا تنتهي، كما يقول الكاتب والمثقف عبد الباسط خلف. ويضيف "هو القصة لا تنتهي، والحصان الذي تُرك وحيداً، والحنين إلى خبز الأمهات، ودمع الزيتون ودمه، وحضرة الغياب، وريتا، وفلسطين، والعاصفة، ولاعب النرد، وصوت المنادي على المارين بين الكلمات العابرة، وكل شيء". 
خلف يؤكد ان درويش وإن رحل عن الفلسطينيين فإن قلبه "لم يتوقف عن العزف لأن صداه وحبره وسطوره وجداريته وفلسطينه وجليله مصابة بعدوى لا شفاء منها، اسمها محمود درويش. صحيح أن فلسطين فُجعت بفقدان بوصلتها، ومداد حبرها، لكن، في حضرة غياب الأسطورة، يصبح الخلود الذي لا يخبو، هو درويش المتجدد". 
ربما ان قلة قليلة من تذكرت درويش في ذكرى رحيله. غالبيتها من النخبة المثقفة في فلسطين المحتلة. لكن ذلك لا ينفي إطلاقا "ان الشاعر حاضر في وجدان جميع الفلسطينيين، وذكراه ليست مرهونة بيوم وفاته وإنما بقصائده التي نرددها يوما بعد يوم وكأنها دستور"، على ما يقول سعد العاروري الصحافي الفلسطيني.
يقول العاروري "الأمة العربية والشعب الفلسطيني فقدا شاعرا عملاقا ذا حس رقيق، وفقدا ثوريا شاعرا، جعل من الشعر لحن ثورة ونضال". أضاف "محمود درويش الشاعر الإنسان أحس بوجع شعبه، انه حي بشعره في قلوب الثائرين في أرجاء الأرض". 
من جهته الشاعر والكاتب جميل لدادوة، قال في ذكرى رحيل درويش إنها "قاسية، ومنها تنثر عبق الزهور التي نحتاج اليها كل يوم وفي كل ليلة ممطرة وفي كل يوم مشمس". أضاف "غادرنا لتبقى كلماته روحا ونفسا وإحساسا قريبا. إنها مثل قلادة معلقة فوق كل غصن، وفي كل جيد ". 
أما الشاعر ايهاب بسيسو، فيرى عند حديثه لـ"السفير" عن درويش أنه خلق حالة جديدة في الثقافة الفلسطينية تسمح بالتأمل، ونجح من خلال مشروعه الشعري بتقديم الرواية الفلسطينية في إطارها الإنساني "بشكل متجدد وذلك من خلال حالة إبداعية مستمرة سعت دوماً للتميز". أضاف "هذا ما يدفع للقول إن مشوار محمود درويش الشعري وقدرته الإبداعية المميزة شكلت جسراً للثقافة الفلسطينية على العالم، ومنحت المشهد الفلسطيني نكهة خاصة في تأمل الذات والنظر إلى المستقبل". 
ويختم بسيسو "نستطيع أن نقول وبكل ثقة ان محمود درويش لم يمت شأنه شأن الكثير من المبدعين الفلسطينيين أمثال، ابراهيم طوقان، غسان كنفاني، وناجي العلي، وإميل حبيبي".

 

 

حرره: 
ا.ش