أدرمة المشاهد الدموية على الشاشات الفضائية العربية.. الى متى !!

pencci

حينما يعاد انتاج او بث المشاهد الدموية على الشاشات الفضائية العربية من منطلق ان الحدث هو الصورة وفق لقطات اقرب الى السلعية التجا – اعلامية (ان صح التعبير)، حينها فقط يصبح من غيــر المنصف مهنيا ان تبقى الوسيلة الاعلامية الصورية محتفظة بطابعها المهني العملي ، في اطار ما تدعيه ان المهنية الاعلامية تتطلب من

الوسيلة الاعلامية نقل الحقائق دون المساس بمجريات حدوثها.

تتخذ بعض الفضائيات الاخبارية العربية العريقة ، التي اخذت تحذو مسارا اعلاميا خاصا امثال قناة الجزيرة القطرية ومن سار على نهجها الاعلامي في نقل الاحداث، تتخذ من اللقطات الصورية المسجلة (الفيديو) اسلوبا اعلاميا فريدا في نقل مجريات الاحداث على ارض الواقع ، متخذة في ذلك الاسلوب مسارا اعلاميا يخلو من المهنية والانسانية، التي يجب ان تكون المعيار الاول في الكيفية التي تتعامل فيها الوسيلة الاعلامية الصورية في تغطيتها من مجريات احداث على الارض، خصوصا ان كانت تلك المشاهد مؤلمة ومأسوية كتلك التي تجري على الاراضي السورية .

وإذا افترضنا ان هذه الأحداث العنيفة التي تعج بها نشرات الأخبار عبر هذه الفضائيات ، قد شرعت فعلياً في صناعــة مســارها الإعلامي الخاص الذي يستجيب بانفتاح كبير على كل معطياتها وينقلها كمــا هي، فقد أدى هذا في الوقت ذاته إلى رفع مستوى التوقع إلى حده الأعلى ، حين يتعلق الأمر بعرض الصور والمشاهد الدموية بحيث لم تعد تتوقع وجود منظر يمكن استثناؤه من العرض، فيما ستعرف لاحقاً أن عددا من المشاهدين باتوا ينظرون إلى هذه اللقطات كأمر طبيعي لم يعد يؤذيهم بصرياً أو نفسياً من فرط

التعود عليه، لكن هؤلاء ليسوا قاعدة بطبيعة الحال.

في هذا السياق يشير د.وليد الشرفا رئيس دائرة الاعلام في جامعة بيرزيت،" أن التغني بالاخلاقية المهنية في مثل هذه التغطيات ليس سوى تعميق لحالة الغرائزية غير القابلة

للنقاش، تعيد انتاج الانسان العربي من صيغة التساؤل حول الشكل الابهى للحياة الى التساؤل حول الشكل الابهى للموت (القتل) " ، بعبارة اخرى يصبح المشاهد مجرد الة تخلو من مشاعر الانسانية تخضع تحت تأثير واقع الشاشة المخدر المعتمد على عنصر الاثارة والتشويق وفق نظرية موت الانسان.

من الممكن تفهم التطابق الواقعي الى حد ما بين الحدث والصورة بحسب قواعد الإعلام الجديد الذي لا يتقيد بأي أعراف مهنية لأسباب متصلة بطبيعة حقها المشاعية في التصوير والبث، ويمكن إدراك أن اليوتيوب هو القناة المرئية الكبرى لمشاهدة كل ما لا يمكن مشاهدته في القنوات الفضائية من مشاهد بمختلف مستويات القسوة والفظاعة أحيانا، ولكن أن تقوم قنوات باستخدام تلك المقاطــع في تقاريرها يبدو أمراً غير مستساغ لمتابعين كثر، فضلا عن قيام تلك القنوات بتعمد تصوير وبث لقطات فظيعة تحت عنوان عريض هو إثبات المصداقية الإعلامية وتحقيق السبق، وهو العنوان الذي جعل قناة مثل الجزيرة تقول في أحد تقاريرها اثناء تغطيتها لاحداث العنف في سوريا ''لم نكن نرغب في عرض هذه الصور، لكن بات علينا نشرها الآن لإثبات موقفنا'' وطبعا دون أن تسبق ذلك التقرير اي عبارة تلمح لوجود مشاهد مؤلمة، فهذا على ما يبدو ليس أمراً بأهمية إثبات الموقف.

لذا يمكنني القول ، انه بات من الاولى على الوسيلة الاعلامية تحري المهنية الاعلامية الانسانية والاخلاقية، والابتعاد عن السلعية التجارية في التغطية الاعلامية ، قبل ان تتحول المشاعر الانسانية والمنطق التجاري الى شكل متداول في التغطية الاعلامية، لدى القنوات الاخبارية والى مادة بديهية او عادية للاستهلاك الاعلامي الجماهيري !! .