في غزة...حين يجبر الفقر 37 فرداً على العيش في غرفتين!

غزة/ سناء كمال – خاص زمن برس

شارع ترابي طويل، تتناثر على جانبيه مبانٍ سكنية قديمة تآكلت جدرانها مع الزمن فبدت رمادية اللون، تغطيها طبقات كبيرة من الشحم الأسود نتيجة الطبخ على الحطب والنيران، أشبه بمناطق العشوائيات التي نشاهدها في الأفلام المصرية وربما تكون أشد قسوة منها، ولكن الأصعب ذلك البيت الصغيرة في آخر الشارع الضيق، الذي لا يبدو عليه هيئة منزل آدمي.

ربما غاب عن أذهان العديد من الأسر والعائلات التي تطورت وتحضرت على مدار أعوام، الحياة البدائية حيث تشعل الأم الحطب من أجل تحضير وجبة الطعام لزوجها وأبنائها، وتذهب لحلب الماعز كي تحصل على قليل من الحليب فترم به عظام صغارها، وتغسل الملابس في وعاء كبير مستخدمة الصابون الذي يصنعونه بأيديهم، ويغسلون الأواني بالرمل ورماد الحطب.

لكن هذه الحياة بالفعل موجودة في منتصف قرية الزوايدة وسط قطاع غزة، تعيشها عائلة المسن عايش أبو قطة (70 عاماً)، حيث يعيش مع عائلته المكونة من 37 فرداً، بينهم متزوجين  وعشرون طفلاً في غرفتين وصالة لا تعرف جدرانها من سقفها من أرضيتها فكلها ذات لون واحد "الأسود".

 يعيشون في  عهد الفقر والحاجة والعوز، فيرافقون الحيوانات والبهائم في حياتهم، ولا يضير بهم شيئا إن ناموا معها في فراش واحد، فهم يعتبرونها شبيهتهم بالحياة التي يذوقون قسوة الفقر والجوع والحرمان فيها، على حد تعبير أفراد العائلة.

الناظر للبيت لا يستطيع أن يطلق عليه هذا الاسم فهو أقرب إلى كهف قديم كسى سواد النيران المشتعلة دوماً من أجل الطهي جدرانه، لا يتوفر فيه عامل التهوية ولا تدخله الشمس، فسمحت الزواحف والعقارب لنفسها أن تشاطرهم هذه المساحة الصغيرة.

ولكل فرد يعيش في هذا البيت حكايته مع الفقر ، بيد أن أصعبها قصة غازي (31 عاما) الذي تعرض لحادث دراجة نارية، كسرت قدمه اليمنى، ودخل على إثرها المستشفى ولكن الإهمال الطبي وعدم التشخيص الصحيح حال دون علاجه، وما زال يجري العمليات الجراحية لمدة أربع سنوات متواصلة دون أي يطرأ أي تحسن على صحته.

ويقول غازي لزمن برس:" عندما أدخلوني المستشفى لم يجبروا الكسر جيداً، بل وضعوا عليها جهاز ثقيل حتى لا تتحرك العظمة، ولم تنجح، وبعدها زرعوا البلاتين في العظم من الداخل، إضافة إلى جهاز التثبيت من الخارج، ولكن البلاتين الداخلي كسر لعدم وضعه صحيحاً في رجلي، وهو ما تسبب لي بالكثير من الآلام والنزيف الداخلي"، متابعا:" أجروا لي عملية أخرى لتصحيح الخطأ ولكن دون جدوى، فمنذ أربع سنوات وأنا أجري عمليات أتعذب خلالها دون أي تحسن يطرأ على حالي".

ويعاني غازي الشلل نتيجة استمرار وضع الأجهزة على قدمه لسنوات طويلة، مما تسببت في عدم قدرته على ثني ركبته اليمنى، وهي بحاجة لإجراء عملية جراحية أخرى كي يتمكن من تحريكها.

وتقول أم محمد، زوجة غازي، لزمن برس:" نحن نعاني الأمرين في الحياة، الفقر والعوز من جهة، لا بيت طبيعي وصحي يأويني وأطفالي ، ولا طعام متوفر لدينا، ولا أستطيع توفير الدواء لزوجي، ومن ناحية أخرى مرضته وعدم تمكنه من العمل وتوفير قوت أولادنا وأن ننتقل من هذا المنزل".

ونوهت أم محمد إلى أنها وجدت صعوبة بالغة في توفير النقود وكانت قيمتها 400 شيكل قامت باستدانتها من أكثر من 10 أشخاص حتى يتوفر المبلغ معها، وإجراء صورة مقطعية لزوجها تظهر من خلالها الالتهابات والكسر المتبقي في قدم زوجها، ولا تستطيع توفير أي دواء يسرع من شفائه من شدة فقرها وعائلتها.

وناشدت الرئيس محمود عباس وجميع المسؤولين في غزة والضفة الغربية بضرورة النظر إلى وضعهم ومساعدتهم في ترميم بيت صحي ومناسب لحياة أطفالهم الصغار الذين سيكبرون ولا يجدون بيت صحي لهم.

كما رجت الرئيس بتوفير تحويل طبي لزوجها المصاب منذ أربعة أعوام إلى المستشفيات الإسرائيلية أو المصرية لعله يتمكن من الشفاء، خاصة وأنه يعاني من التهابات شديدة تكونت في فخده من كثرة العمليات التي أجراها ولم تنجح.

أما والدته العجوز (فاطمة التي لم تعرف عمرها حين سألناها عنه) فهي تعاني من أمراض مزمنة مثل السكر وضغط الدم، إضافة إلى تعرضها للعديد من الجلطات، كان سببها الحزن على حال أبنائها الذي تراهم لا يستطيعون العمل من أجل تغيير حياتهم المأساوية.

وتقول :" يخرج زوجي العجوز من أجل جلب الرزق القليل لعله يساعد أبنائه في الحياة، على الرغم من كبر سنه ومرضه"، وتتابع:" يذهب بعد آذان الفجر من أجل تجميع بعض الحديد والنحاس وبيعها للنحاسين والحصول على القليل من النقود، ثم يتوجه إلى الأسواق ويحمل الأكياس للزبائن مقابل أن يمنحوه القليل من الخضار لتسد جوع أحفاده الصغار".

شاهد المزيد من الصور....

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وهذه وثائق طبية تبثت حالة غازي

 

حرره: 
م.م