رئيس الشاباك السابق: الجمود في العملية السلمية سيجعل الإسرائيليين أقلية

تل أبيب: يُواصل رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك) السابق، يوفال ديسكين، توجيه سهام انتقاداته اللاذعة إلى صناع القرار في تل أبيب، ففي مقال نشره بموقع وللا أمس حذر ديسكين من الوصول إلى نقطة اللا عودة وذلك نتيجة لتلك للمخاطر التي تقوم القيادة الإسرائيلية من حيث توجهاتها، التي تتجاهل المسألة الفلسطينية عن سبق الإصرار والترصد، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد في حالة الإحباط لدى الفلسطينيين، كما أنه أضعف جدًا اعتقادهم بأن حل النزاع مع الإسرائيليين، يُمكن أنْ يتم عن طريق المفاوضات، وهذا الشعور، سيؤدي عاجلاً أمْ أجلاً إلى خروج الجماهير الفلسطينية إلى الشوارع، لنعود مرة أخرى إلى دوامة جديدة من العنف الدموي، على حد تعبيره، وقال أيضًا إن عدد المستوطنين الإسرائيليين خارج ما يُسمى بالكتل الاستيطانية وصل إلى نسبة لم تشهدها أي حكومة في الدولة العبرية، وبهذا تكون حكومة نتنياهو قد أغلقت الباب على أي حل سلمي للقضية، وهي بالأصل ليست معنية بالحل السلمي.
وأضاف ديسكين، أن الأمر الأخطر هو أن العديد من أصدقاء إسرائيل في العالم، والذين يؤمنون بأن العملية السلمية وصلت إلى حدٍ خطير، يفهمون الآن عجز القيادة الإسرائيلية والفلسطينية، كما أنهم باتوا على قناعة بأن مواصلة الاستيطان هو هدام، وأعلنوا عن عدم اقتناعهم في القدرة على تطبيق مبدأ دولتين لشعبين، قال ديسكين، مشددًا على أن الهدوء الأمني، الذي نتمتع به في هذه الأيام، خلق انطباعًا خطيرًا لدى معظم الإسرائيليين، وكأن صراعنا مع الفلسطينيين قد انتهى، والأخطر من ذلك، هو الجمود الذي يسود الوضع الحالي. ولفت ديسكين إلى أن القيادة الإسرائيلية وعلى رأسها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو جعلت الموضوع الإيراني، على رأس سلم الأولويات، وذلك على حساب العديد من المواضيع المشتعلة، وفي مقدمتها الموضوع السياسي مع الفلسطينيين حسب ما نقلته صحيفة القدس العربي.
وفي هذا السياق حذر رئيس الشاباك السابق من أنه إذا استمر الجمود في العملية السلمية، فإن الإسرائيليين سيجدون أقلية في الدولة من البحر إلى النهر. وتابع قائلاًُ: حتى الآونة الأخيرة آمنت بصدق أنه لا زالت هناك فرصة لحل الدولتين، إلا أنه ومع انعدام التصرفات الحقيقية والتي يمكن أن تؤدي إلى خطوات فعلية وليس فقط بيانات وأقوال، فقد بدأت أفقد الأمل في ذلك.
وأشار ديسكين إلى ما أسماه بلعبة الاتهامات والتي قال إنها تدور حاليًا بين نتنياهو والرئيس عباس، واصفًا تلك اللعبة بالسخيفة والتي لا قيمة لها، محذرا من التمادي في ذلك على المستوى الاستراتيجي وأن الخاسرين الحقيقيين، ليس القادة في الطرفين وإنما الشعبين، على حد تعبيره. وفي مقارنة بين الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني فقد اعتبر أن عدم التوصل إلى حل للصراع القائم بين الجانبين هو خسارة بالدرجة الأولى للجمهور الإسرائيلي الذي سيفقد دولته من خلال محو هويتها كدولة ديمقراطية يهودية، على حد تعبيره.
وأكد على أنه إذا لم يكن لدى القيادة الإسرائيلية والفلسطينية القوة المطلوبة من أجل التوصل لاتفاق إلى حل الدولتين للشعبين، فإننا سننتقل إلى البحث عن مصطلحات سياسية جديدة كالتي ظهرت في الآونة الأخيرة والتي أطلق عليها اسم دولة ثنائية القومية. وساق قائلاً إن هناك من يقولون إن النزاع مع الفلسطينيين لا يُمكن أنْ يُحل، وأنا أقول بأن الحل يحمل في طياته الكثير من المخاطر الإستراتيجية والتكتيكية، ولكن البديل، الدولة من النهر إلى البحر، واستمرار فرض الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني هو بديل أسوأ بكثير، وبالتالي فإن الصراع لا يمكن الالتفاف عليه أوْ تجميده، على حد تعبيره.
وخلص إلى القول إنه يتحتم على الإسرائيليين، قادةً وشعبًا، أنْ يمحو من ذاكرتهم الجماعية، أمكانية الحل من طرف واحد، أيْ أنْ تقوم إسرائيل بالانسحاب أحادي الجانب من مناطق معينة في الضفة الغربية، وخلص إلى القول: علينا الاعتراف بأن نتنياهو لا يملك حلاً لاتحاد المستوطنات، التي باتت خارجة عن السيطرة في الضفة الغربية، وكما هو معلوم، فإنه من المستحيل، أنْ نتوصل إلى حلٍ مع الفلسطينيين بدون موافقة المستوطنين، على حد وصفه.
وكان ديسكين حمل على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير أمنه آنذاك، إيهود باراك، وقال إنهما يتخذان قرارات غيبية ويخلقان صورة كاذبة، موضحًا أنه لا يثق بقدرتهما على قيادة حرب ضد طهران.
وقال ديسكين الذي كان يتحدث ضمن مؤتمر في منطقة تل أبيب إنه تعرف إلى نتنياهو وباراك عن قرب، وفي الحرب المقبلة مع إيران لا يرغب برؤيتهما يمسكان بمقود القيادة، موضحًا أنه لا يثق بقدرتهما على دخول هكذا حرب أو الخروج منها، متهمًا نتنياهو وباراك بمحاولة الاستخفاف بالجمهور الإسرائيلي والضحك عليه.
وأشار ديسكين الذي كان تحفظ من استهداف إيران خلال أدائه مهمته لآراء خبراء يؤكدون أن مهاجمة طهران ستدفعها لحث الخطى بشكل درامي نحو امتلاك السلاح النووي، لأن الإيرانيين الذين يسعون لذلك ببطء سينتقلون للعمل بسرعة وبفترة زمنية قصيرة بعد نيلهم الشرعية نتيجة الضربة الإسرائيلية.
وتحدث ديسكين عن النقاشات السرية والحساسة التي شارك فيها، لافتا إلى أنهما درجا على احتساء الكحول وتدخين السيجار، وأن نتنياهو يُعاني من عقدة نفسية اسمها إيران، وقال إن رئيس الوزراء يخاف، ويُغير مواقفه، ولا يتحمل المسؤولية، لافتا إلى أنه في حقيقة الأمر يوجد في الدولة العبرية أزمة قيادة، وأزمة قيم، واستخفاف كبير بالمواطنين. وأضاف: ربما يقولون إنني أرى الصورة سوداوية، ولكنني أرد عليهم وأقول إن الصورة التي أتحدث عنها أكثر سوداوية عن قريب، وأكثر خطرا، وهذا ما كنت شاهدا عليه، على حد قوله.
وتطرق ديسكين إلى الشعور الذي انتاب كبار قادة الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية، خلال الاجتماعات مع نتنياهو وديسكين، اللذين لم يتوقفا عن احتساء الكحول وتدخين السيجار، وقال إن الصورة تُساوي ألف كلمة، فرجال الأمن يتحدثون عن قضايا مصيرية بالنسبة لإسرائيل والقادة يستخفون ويدخنون السيجار ويحتسون الخمور، ولا أعرف كيف أصف الشعور الذي واكب رجال المؤسسة الأمنية في تلك اللحظات، على حد تعبيره.