مدارس مسيحية في غزة مهددة بالإغلاق بفعل قوانين المقالة

غزة: يهدد قانون التعليم الجديد الذي أقرته الحكومة المقالة في غزة المدارس المسيحية بالإغلاق، بفعل ما جاء في مواده من حظر اختلاط الطلاب من الجنسين في المؤسسات التعليمية بعد سن التاسعة، والعمل على تأنيث مدارس البنات، في وقت اعتبر مسؤولون مسيحيون أنّ هذا القانون مدمر لمدارسهم واعتداء على الحريات الشخصية، فضلاً عن أنه يتسبب في إحداث مشاكل إدارية كبيرة، ويساهم في توتير العلاقة مع "حماس"، بينما يرى حقوقيون أنّ الأخيرة تسعى من خلال فرض هذه القوانين إلى تعزيز سلطتها ونظامها القائم في غزة وخدمة مشروعها الاسلامي.
وأقر المجلس التشريعي الفلسطيني في غزة قانون التعليم الجديد بعد اعتماده من مجلس الوزراء ووزارة التربية والتعليم، في شهر نيسان الماضي، ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في أيلول المقبل، حيث يحظر في مادته الـ(46) اختلاط الطلبة من الجنسين في المؤسسات التعليمية بعد سن التاسعة، ومادته الـ(47) تأنيث مدارس البنات حسب ما نقلته صحيفة القدس العربي.
وفي هذا السياق، يؤكد وكيل وزارة التربية والتعليم في الحكومة المقالة بغزة محمد أبو شقير أن وزارته ستحاول أن تجد صيغة تفاهم مع المدارس المسيحية في غزة، إما بوضع الطلاب في جهة والطالبات في جهة أخرى، أو إنشاء صفوف مستقلة، مشيراً إلى أن وزارته ستحاول ايجاد صيغة مناسبة مع المسؤولين عن هذه المدارس دون أي ضغوط يمكن أن تؤدي إلى اغلاقها وتعثر عملهم.
و ينفي أن يكون للقرار أيّ علاقة بالديانات، لافتاً إلى أن الدول الأوروبية لديها نظرية بعملية الفصل، مؤكداً أنه سيجد آلية معينة لحل للتفاهم مع مدراء المدارس المسيحية في غزة حول هذا القرار.
ويضيف أبو شقير: "الذي نخشى منه هو الاختلاط في المدارس الثانوية، حيث أن الطلاب والطالبات يكونوا في مرحلة مراهقة وهذا يحتاج إلى ضبط سلوكي، والاختلال يمكن أن يؤثر على هذا سلوكهم".
ويقرّ وكيل الوزارة بمساهمة هذا القرار في التضييق على الحريات، ويقول: "تعاطينا معه، لأنه فعلياً موجود ومطبق وأنا قلت أنه ليس هناك داع لإقرار هذه المادة، ولكن تم اقرارها".
وفي نفس الإطار، ينبّه مدير عام مدارس البطريركية اللاتينية في فلسطين الأب فيصل حجازين إلى أنّ هذا القانون مدمر للمدارس المسيحية في غزة، واعتداء على الحريات الشخصية والانسان، مؤكداً أنهم لن يوافقوا على تطبيق هذه القوانين حتى لو اضطروا إلى إغلاق مدارسهم.
ويوضح الأب حجازين، أن هذا القرار يتسبب في إحداث مشاكل إدارية في المدارس المسيحية بغزة، من خلال إجبارهم على ايجاد مساحات جديدة وتوظيف موظفين جدد ضعف الموجودين حالياً، وبناء فصول جديدة لأجل تطبيق الفصل بين الذكور والاناث.
ويلفت حجازين إلى أنّ هذا القانون يبدو أنه اتخذ من قبل أفراد في المقالة وليس عليه اجماع، خصوصاً وأنّ المجلس التشريعي معطل بفعل الانقسام، مؤكداً أنّ هذا القرار لن يكون في صالح المقالة على الإطلاق.
ويشدّد حجازين على أنّ "المدارس المسيحية في غزة تعيش ظروفاً سيئة أصلاً، ولا يوجد هناك أي مدرسة تتلقى أرباحاً، فضلاً عن أن كل المعلمين هم من الاناث بنسبة 90 بالمئة، لأن المعلم لا يكفيه راتب المدرسة فيتجه للعمل في مؤسسات أخرى".
ويضيف: "حماس تدعي أنها تحافظ على علاقة جيدة مع المسيحيين في غزة، لكنها تفعل العكس تماماً".
ويعبر حجازين عن استغرابه من اتخاذ مثل هذه القرارات، لافتاً إلى أن الآداب والأخلاق يجب أن يحافظ عليها الجميع.
في المقابل، يؤكد الكاتب والناشط الحقوقي في الهيئة المستقلة لحقوق الانسان مصطفى إبراهيم "أنّ حركة "حماس" بسنها مثل هذه القوانين وبعض القرارات التي تتخذها، تسعى إلى تعزيز سلطتها ونظامها القائم في قطاع غزة، وكل خطوة تقوم بها هي ليست من فراغ فهي خدمة لمشروعها وسيطرتها على القطاع، وتعزيز الفصل مع ما تبقى من الوطن، وكأن قطاع غزة هو كل فلسطين".
ويعتبر ابراهيم، أن الاختلاط في مدارس قطاع غزة لم يكن في أي يوم من الأيام السمة السائدة في المجتمع الفلسطيني، ولم يكن مطلباً مجتمعيا للفلسطينيين، إذ أن المجتمع الفلسطيني محافظ بطبعه، ويحافظ على الدين وعاداته وتقاليده المستمدة من الدين الاسلامي، حتى مسيحيو قطاع غزة هم محافظين كإخوتهم المسلمين.
ويوضح أن هدف الحكومة المقالة من القانون الجديد باعتباره اصلاح الناس وقيمهم، يعتبر بمثابة اهانة للمجتمع الفلسطيني، مؤكداً أنّ الهدف من القانون هو فرض رؤية "حماس" وقيمها على الناس في قطاع غزة.