تحليل: الثورة الشعبية على حكام قصور الرئاسة المصرية

القاهرة ـ حمدي رزق 

كان ملايين المصريين يهتفون في ميدان التحرير والميادين المصرية الأخرى، يجأرون بأصواتهم التي صمت آذان ساكن قصر " الاتحادية "، لم يكن مجرد تهديد أو هتاف، بل كانوا اتخذوا قرارهم بعد وقوفهم في الميادين والشوارع 18 يوما مطالبين بإسقاط نظام مبارك . 
كان اليوم الخميس الموافق 10 فبراير/ شباط ، والأجواء الباردة لا تفتر عزم الصامدين. الثائرون في الميادين يهزون عرش الرئيس الذي لم يجد أمامه مخرجا غير تفويض نائبه اللواء عمر سليمان، بمهام رئيس الجمهورية. ألقى مبارك" خطابه بينما كانت طائرته الخاصة تستعد للاقلاع فوق رؤوس المصريين متجهة إلى شرم الشيخ.
لكن المتظاهرين قابلوا الخطاب بالهتاف "إرحل إرحل يا سليمان .. مش عاوزينك إنت كمان"، معلنين التوجه إلى قصر الرئاسة، في اليوم التالي الجمعة، مرددين "بكرة بعد العصر.. هنجيلك جوه القصر"!
عامان ونصف هو الزمن الذي يفصلنا عن الهتاف ضد مبارك، ومازال المصريون يجأرون بالهتاف، يتلمسون طريق ثورتهم، مطالبين برحيل محمد مرسي أول رئيس منتخب، منحوه الفرصة بعد الأخرى، وأخيرا رفعوا له الكارت الأحمر مع إنذار أخير بالرحيل قبل 30 يونيو/ حزيران، أو المحاكمة الثورية.
اليوم أصبح المصريون يعلنون "لا خوف لا رعب.. السلطة بأيد الشعب"، قرروا التوجه إلى القصر، ولكن هذه المرة الأمر يختلف، اليوم يحملون معهم توقيعات ملايين المصريين على استمارات سحب الثقة من الرئيس، والتي عرفت بحملة "تمرد".
اليوم (30 يونيو / حزيران) ليس اليوم الأول الذي تتوجه فيه أنظار المصريين والعالم باتجاه "الاتحادية" بعد وصول مرسي إلى الحكم، فمنذ أشهر قليلة وتحديدا في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 كانت الجماهير تهتف "ارحل.. ارحل"، و"يسقط يسقط حكم المرشد"، وذلك بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني وحصن به قراراته وجعلها نهائية. توجه مئات الآلاف من الثوار والغاضبين باتجاه القصر، ونصبوا خيامهم، وسجلوا اعتراضهم، فى رسوم جرافيتية مصورة، على أسوار القصر العالية، التي لم تستطع حماية الرئيس، وفر هاربا بسيارته وسط الثائرين، حيث نالت مؤخرة موكبه بعضا من أحذية المتظاهرين. قصر "الإتحادية" مركز السلطة، صار ثكنة عسكرية، تحيطه الأسوار الأسمنتية من كل جانب، الأسلاك الشائكة التي تستخدم عسكرياً في الصحراء القاحلة لمنع تقدم العدو، هذه الأسلاك تلف القصر لمنع تقدم المتظاهرين، الذين فجعوا في خطاب الرئيس ليلة الأربعاء الماضي الذي أستمر لنحو ساعتين ونصف الساعة، ما يعد الأطول من نوعه فى تاريخ الأمة المصرية، لاينافسه عالمياً إلا خطابات "بشار الأسد" في سوريا.
إرتفعت أسوار الاتحادية الى عنان السماء، وتسلل الفولاذ الصلب لبواباتها العتيقة دقيقة الصنع، صارت قلعة حصينة من قلاع العصور السحيقة عليها حراس شداد من الحرس الجمهوري، تتقدمه خوذات الأمن المركزى درعا واقيا من المتظاهرين السلميين.
"الاتحادية " ليست أستثناء من الحالة الرئاسية ، صارت المواكب الرئاسية تتحرك كقافلة عسكرية متحركة، والرئيس يصلي الجمعة بين حرسه الخاص، راكعاً ساجداً وهم وقوف يؤمنون صلواته "الاتحادية" حالة قصر الحكم تذهب بنا الى حالة قصور الحكام الذين تقلبوا على فرشها وتساندوا على أرائكها، من سندس واستبرق .
قصر الاتحادية
أنشئ قصر الاتحادية عام 1910، وكانت تملكه شركة فرنسية افتتحته كفندق يحمل اسم "جراند أوتيل"، كباكورة فنادقها الفاخرة في القارة الافريقية. والقصر صممه المعماري البلجيكي إرنست جاسبار، ويضم 400 غرفة و55 شقة خاصة، بالإضافة إلى عدد من القاعات الفخمة، وحظيت غرف القصر بأثاث فاخر من طرازي لويس الـ14 ولويس الـ15، بينما وضعت في القاعة المركزية الكبرى ثريات من الكريستال كانت الأضخم في عصرها وتحاكي الطراز الشرقي.
للقصر قبة يبلغ ارتفاعها 55 مترا من الأرض وحتى السقف، وتبلغ مساحة القاعة الرئيسية 589 مترا مربعا، وتم فرشها بسجاد شرقي فاخر، ووضعت بها مرايا من الأرض إلى السقف، كما وضع 22 عمودا إيطاليا ضخما من الرخام.
أما الطابق السفلي بالفندق فكان يضم مكاتب الإدارة والمطابخ والثلاجات والمخازن ومخازن الطعام وغرف العاملين، وتم تركيب خط للسكك الحديدية بطول الفندق لتعبر تلك المناطق كلها.
نزل في الفندق عدد من مشاهير العالم في ذلك الوقت، منهم ألبير الأول، ملك بلجيكا، وزوجته الملكة إليزابيث دو بافاريا. وقد عاصر الفندق الحربين العالميتين، ما عزز نشاطات القصر من الشخصيات الوافدة، كما تحول في بعض الفترات من الحربين إلى مستشفى عسكري ومكان لتجمع الضباط من قبل سلطة الاحتلال البريطاني في مصر.
عقب ثورة يوليو/ تموز 1952، تم تأميم الفندق والقصر ليصبح مهجوراً لفترة قبل أن يتحول في الستينات من القرن الماضي إلى مقر لعدة إدارات ووزارات حكومية. وفي عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات تحول القصر في عام 1972 إلى "مقر اتحاد الجمهوريات العربية" الذي ضم آنذاك كلا من مصر وسوريا وليبيا، ليعرف منذ ذلك الوقت باسم "قصر الاتحادية".
بعد تولي مبارك الحكم في الثمانينات، وضعت خطة صيانة شاملة للقصر، وتم تجديده، ليحتوي على مكتب رئيس الجمهورية الذي يجري فيه كل مقابلاته مع الرؤساء والمسؤولين الزائرين لمصر بشكل رسمي. ولعل السبب الذي جعل مبارك يفضل ذلك القصر هو قربه الشديد من منزله، الذي يفصله عن "الاتحادية" شارع واحد فقط. 
بعد رحيل مبارك عن القصر، وأثناء قيام اللجنة القضائية بجرد قصور رئاسة الجمهورية، كشفت عن وجود متحف كبير في هذا القصر، يتضمن عدداً كبيراً من السيارات، التي استخدمها الرؤساء السابقون في أحداث تاريخية. 
قصر عابدين
بدأ بناء القصور الملكية (الرئاسية) فى عهد الخديو إسماعيل الذى أراد نقل مقر الحكم من القلعة إلى قلب القاهرة، وكانت القلعة مقرا لحكم مصر منذ عهد صلاح الدين الأيوبى حتى عهد الخديو إسماعيل. وكانت القاهرة تُحكم في العصور السابقة على عصر حكم صلاح الدين من المدينة نفسها، حتى إن "المعز لدين الله الفاطمي " عندما بنى القاهرة القديمة، كانت مقرا له ولحاشيته ودولته فقط، حتى جاء " صلاح الدين " وقرر حكم مصر من القلعة، وعندما تولى محمد على حكم مصر اشترط مشايخ مصر ألا يحكمها من القلعة وأن يقيم في منزله بحي الأزبكية، لكنه اختلق قصة ليسكن القلعة، وقد صار رجل القلعة، التي شهدت واحدة من المذابح المروعة على مر التاريخ المصري عرفت بمذبحة القلعة التي أجهز فيها" محمد على " على مماليك مصر، ودانت له البلاد، وأستتب الأمر له. ظلت القصور الملكية ومن بعدها القصور الرئاسية محط أنظار العامة، ففيها تتحدد المصائر ويروى عن مايجري فيها من الدسائس والمكائد، وإليها يُيَمّم الثوار أنظارهم.
التوجه الثوري نحو القصور الرئاسية لم يكن وليد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، فعلى مر تاريخ القصور الرئاسية، لم تستطع الأسوار العالية أن تمنع المصريين الغاضبين من التوجه إليها ومخاطبة قاطنيها.
في يوم بعيد من عام 1881 وتحديدا في 9 سبتمبر/ أيلول توجه الجنرال أحمد عرابي على حصانه إلى قصر عابدين، مطالبا بعزل وزارة رياض باشا، وزيادة عدد الجيش، وتشكيل مجلس شورى النواب على النسق الأوروبي.. نزل الخديوي توفيق على سلالم القصر، وطلب كبير الياوران أن يترجل عرابى عن فرسه فرفض، فما كان من الخديوي توفيق إلا أن قال: كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا.
فجاء رد عرابي: "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقاراً فوالله الذي لا إله إلا هو، لن نُورَّث ولن نُسْتعبد بعد اليوم". وبالفعل استجاب الخديوي لمطالب الأمة، وعزل رياض باشا وعهد إلى شريف باشا بتشكيل الوزارة، التي سرعان ما قدمت استقالتها بسبب تأزم الأمور، وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي، شغل فيها عرابي منصب وزير الحربية.
تمضي السنوات وتأتي سنة 1942، وفي 4 فبراير/ شباط كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة مساء، عندما قام السفير البريطاني بتنفيذ إنذاره إلى الملك فاروق وتحركت قوة عسكرية بريطانية بعرباتها المصفحة وقامت بمحاصرة قصر عابدين، واقتحم السفير البريطاني يرافقه الجنرال ستون بوابة القصر بدبابة، ودخلا إلى مكتب الملك من دون استئذان. وطلب منه أن يعين النحاس باشا رئيساً للوزارة وأن يترك له حرية اختيار وزرائه وإلا فإنهم سيعملون على عزله من على عرش مصر. واضطر الملك إلى الخضوع لهذا التهديد ونفذ مطلبهم، وهو ما يعرف تاريخيا بـ"حادث 4 فبراير".
قصر عابدين
كان المهندس الفرنسي دي كوريل روسو يجلس في مكتبه، ثم فجأة ومن دون مقدمات دخل مكتبه رجل متوسط القامة تبدو عليه علامات الثراء والبذخ، ولكنه ذو هيبة، سحب كرسيا وجلس عليه صامتا لفترة ثم قال له: أريدك أن تقوم بوضع تصميم لقصر خاص بي. 
قال المهندس في نفسه هذا شيئ بسيط ، وقام من فوره وعرض عليه العديد من التصاميم لفيلات وقصور عديدة، فلم يعجبه شيئ من تلك الرسومات، وقال: أنت لم تفهم ما اعنيه أنا اريده قصراً كبيراً فخماً لا يوجد مثله في مصر، فنظر إليه المهندس مستفهما، فقال: مهما تكلف هذا القصر من أموال وعمال لبنائه، فأنا أريد قصر يليق بمقر دائم لحكم مصر بدلا من قلعة صلاح الدين، فنحن الأسرة العلوية نبحث عن مكان يجسد قوتنا وملكنا ويعكس ثراءنا ويكون بعيدا عن القلعة. هنا زادت دهشة المهندس الفرنسي ولم ينطق بكلمه فقد عرف هذا الرجل انه الخديوي إسماعيل بنفسه!
هذا ما يرويه مصمم قصر عابدين دي كوريل روسو في كتابه عن قصة بناء القصر، يضيف: "همّ الرجل بالانصراف، وأنا ما زلت في دهشتي، وقبل أن يغادر مكتبي قالها بصوت الواثق: أريد التصميم في أسرع وقت.ويبدو أن صوت الرجل جعلني لا أضيع دقيقه واحده في التردد فبدأت بتجهيز أوراقي وأقلامي، وبدأت باستدعاء كل ما تعلمته عن الهندسة والبناء، وبدأت العمل، وها هي ملامح القصر تتشكل على الورق أمامي وعلى مساحة 24 فداناً جعلت منها 5 أفدنة للقصر و 19 فدان حدائق. القصر يتكون من دورين وفيه 500 غرفة وقاعة، هذا بخلاف الممرات، ذات الأرضية من الرخام الملون، المنقوش بالمرمر".
عرض المهندس التصميم على الخديوي فوافق وطلب البدء بالتنفيذ، فبحثت في أنحاء القاهرة عن مكان يصلح لبناء هذا القصر الكبير، حتى وجدت مكان شرق النيل، في منطقه تسمى بركة الشقاق، في منطقة الدرب الجديد وهى عبارة عن منطقه مزدحمة بالحواري والازقة، وان كان فيها بعض القصور المتناثرة، ومنازل بعض الباشوات أيضا، والكثير من الجوامع. ورفع الأمر الى الخديوي إسماعيل، فقرر شراء كل المنطقة بحواريها وأزقتها وقصورها وبيوتها وجوامعها، لتدخل ضمن نطاق الحي الجديد، والذي سيحيط بالقصر. وطلب أن يشق شارع كبير يربط الحي الجديد بطوله، فتم تصميم شارع يبدأ من جهة اليسار عند حارة درب الملاحفية، ويمتد حتى شارع درب الجماميز، عند أول القاهرة الفاطمية بواسطة قنطرة أطلق عليه شارع عابدين .
عابدين بك هو أحد الضباط الأتراك في عهد محمد علي باشا، كان يملك بيتاً صغيراً فى مكان القصر الحالي. وبعد وفاته اشترى الخديو إسماعيل المنزل من أرملته، وهدمه وضم إليه أراض واسعة من الجانبين، وأمر بتشييد قصر عابدين ليكون المقر الرئيسي لحكم مصر بتكلفة 565 ألفاً و570 جنيهاً، بخلاف الأثاث الذي تكلف 2 مليون جنيه.
يعتبر القصر البداية الأولى لظهور القاهرة الحديثة، ففي الوقت نفسه الذي كان يجري فيه بناؤه أمر الخديو إسماعيل بتخطيط القاهرة على النمط الأوروبي من ميادين فسيحة وشوارع واسعة وقصور ومبان وجسور على النيل وحدائق غنية بالأشجار وأنواع النخيل والنباتات النادرة، التي تتخللها أكشاك الموسيقى.
ظل قصر عابدين مقراً لحكم الأسرة العلوية في مصر من العام 1872 حتى عام 1952، والذي بدأ تشييده عام 1836، ليصبح أشهر وأول التحف الفنية لقصور ذلك العصر. على عكس القصور الأخرى، يجمع قصر عابدين بين الحرملك (المكان المخصص للنساء) والسلاملك (المكان المخصص للرجال) فى مبنى واحد، وهو الأمر المخالف للتقاليد المتبعة فى مصر واستانبول. وتعد أشهر وأضخم بوابات القصر هو باب باريس، وهذا الباب يؤدي إلى المدخل الرئيسي للحرملك. وجاءت التسمية نسبة إلى الإمبراطورة أوجينى.
بعد بناء القصر قرر الخديو إسماعيل تمليك القصر إلى زوجاته الثلاثة، هو وقصر الرملة وقصر الجيزة، ولكن عندما نفى الخديو إسماعيل عام 1879 أصدر الخديو توفيق قانونا رسميا ينص على أن القصور الرسمية كلها هى ملكية منفردة لمصر وينبغي أن تظل محلا لإقامة الأسرة المالكة من دون أن تكون ملكا لها.
يشمل القصر العديد من القاعات والصالونات، التي تتميز بلون جدرانها، فسميت بهذه الألوان مثل الصالون الأبيض والأحمر والأخضر، وتستخدم في استقبال الوفود الرسمية أثناء زيارتها لمصر، ليتذكر كل ضيف ذلك الذوق الذي ساد القصور في تلك الفترة. إضافة إلى مكتبة القصر التي تحوي نحو ما يقرب من 55 ألف كتاب من نوادر وأمهات الكتب. أما مكتب رئيس الجمهورية، أو الملك أو الخديوي سابقا فهو آية في الأناقة الأوروبية حيث يقع في صالون يسمى قناة السويس، وهو المكان الذي تم الاحتفال بحفر قناة السويس فيه وزينت حوائط هذا المكتب بثلاث صور لأعمال الحفر وإنشاء القناة.
يضم القصر العديد من الأجنحة، مثل الجناح البلجيكي الذي صمم لإقامة ضيوف مصر المهمين، وسمي كذلك لأن ملك بلجيكا هو أول من أقام فيه. أما الصالة البيزنطية فهي من أكثر قاعات القصر روعة حيث جمعت في تصميمها ونقوشها بين الفن البيزنطي والقبطي وكانت تستخدم لتجمع الضيوف قبل الدخول لقاعة الرقص. ويحتوي على مسرح يضم مئات الكراسي المذهبة وفيه أماكن معزولة بالستائر خاصة بالسيدات يستخدم الآن في تقديم العروض المسرحية الخاصة للزوار والضيوف. كما كان يستخدم قديما في عروض أفلام السينما وعروض الباليه والأوبرا.
الأهم في القصر هو احتواؤه لعدد من المتاحف غاية في الثراء التاريخي، الأول للأسلحة، والثاني لمقتنيات أسرة محمد علي، ومتحف للنياشين والأوسمة ومتحف السلام، ومتحف الوثائق التاريخية.
قصر القبة
يمتد "قصر القبة" من محطة مترو" سراي القبة إلى محطة " كوبري القبة ، وتصل مساحته إلى 80 فداناً إضافة إلى الحديقة المحيطة به وتبلغ مساحتها 125 فداناً. لذا يعتبر من أكبر القصور في مصر، بناه الخديو إسماعيل. وفي فترة حكم الخديو "توفيق " صار القصر محلا لأفخم الاحتفالات وحفلات الزفاف الملكية، وخلال فترة حكم عباس حلمي الثاني، صار القصر وحدائقه مضاهيا لقصر عابدين الرسمي، وعندما اعتلى فؤاد الأول عرش مصر في 1917، صار القصر مقر الإقامة الملكية الرسمي. وخلال فترة إقامته فيه أمر بإضافة سور بارتفاع 6 أمتار حول الأراضي التابعة للقصر، وبوابة جديدة وحديقة خارجية، كما أضيفت محطة سكة حديد خاصة بالقطار الملكي، حيث كان الزوار يأتون اليه مباشرة، سواء من الإسكندرية أو من محطة مصر في القاهرة.
في 28 إبريل عام 1936 توفي الملك فؤاد الأول في هذا القصر. وفيه أيضا قام الملك فاروق بإلقاء أولى خطبه عبر الإذاعة المصرية في 8 مايو/ أيار 1936، كما احتفظ بمجموعاته الخاصة في ذلك القصر، والتي تم بيع معظمها في مزاد علني عام 1954. 
جاءت ثورة يوليو/ تموز 1952، ليتحول القصر إلى أحد القصور الرئاسية الثلاثة في مصر، وكان الرئيس جمال عبد الناصر يستقبل فيه الزوار الرسميين، ويستخدم القصر حاليا لنزول الضيوف الأجانب من رؤساء.
رأس التين 
كان قصر رأس التين في الإسكندرية مقراً صيفياً للحكام على مر العصور، وكذلك للأميرات السابقات شقيقات الملك فاروق، كان المصيف الرئيسي لهن في الإسكندرية. ومن عشق الملك فاروق لهذا المكان قام بعمل حمام بحري على حاجز الأمواج بعد الحرب العالمية الثانية في مكان كان معدا ليكون موقعا للدفاع الجوي عن ميناء الإسكندرية، كما أنشأ بجواره محطة السكك الحديد الخاصة التي تصل إلى داخل القصر، وكانت مخصصة لانتقالاته. 
ترجع تسمية القصر إلى أن أشجار التين كانت موجودة بوفرة في تلك المنطقة، وكان "محمد علي " بدأ في بناء قصر رأس التين عام 1834، ليضمه إلى قصوره، مستعينا بمهندسين أجانب، واستغرق بناؤه أحد عشر عاما، ولكن ظلت الأعمال التكميلية وإنشاء الأجنحة الإضافية قائمة به إلى عام 1847، حيث تم افتتاحه رسميا. واتخذ وقتها شكل الطراز الأوروبي الشائع في الإسكندرية في ذلك الوقت، وكان على شكل حصن، ثم أعيد بناؤه في عصر الملك فؤاد على طراز يتماشى مع روح العصر.
ولا يوجد من القصر القديم حاليا سوى الباب الشرقى الذى أدمج فى بناء القصر الجديد، ويتكون من 6 أعمدة جرانيتية تعلوها تيجان تحمل عتباته سبع دوائر من النحاس كتب بداخلها: "العدل ميزان الأمن"، و"حسن العدل أمن الملوك"، و"العدل باب كل خير"، و"اعدلوا هو أقرب للتقوى"، ويحيط به تمثالان لأسدين، تتوسطهما كتلة رخامية بها طيور ودروع ونسران متقابلان، وكتب في وسطها اسم محمد علي.
تعود أهمية القصر التاريخية إلى أنه القصر الوحيد الذي شهد وعاصر ستة ملوك، كما أنه الوحيد أيضا الذي شهد قيام أسرة محمد على باشا في مصر والتي استمرت نحو مئة وخمسين عاما، وحتى نهايتها بخلع الملك فاروق، الذي رحل إلى منفاه بإيطاليا على ظهر اليخت الملكي المحروسة من ميناء رأس التين.
ومازال رأس التين محط أنظار الثائرين، فمنذ أيام توجه المئات من المتظاهرين المؤيدين للقوات المسلحة، إلى قصر رأس التين بمنطقة بحري في الإسكندرية، بعد أن انطلقت من أمام ميدان سعد زغلول بمنطقة محطة الرمل، بالتزامن مع تظاهرات وزارة الدفاع في القاهرة.
وردد المتظاهرون هتافات منها "الشعب والجيش أيد واحدة"، و"جيشنا على الرأس مرفوع"، و"يوم 30 العصر الثوار حتحكم مصر"، وحملوا الأعلام المصرية، للمطالبة بتشكيل مجلس بقيادة الفريق عبد الفتاح السيسى واثنين من المحكمة الدستورية وعدد من النخب السياسية.
قصر الدوبارة
كان قصر الدوبارة يخص الأميرة أمينة، بنت إلهامى بن عباس حلمى الأول، زوجة الخديوى توفيق ووالدة عباس حلمى الثانى الذى عزله الإنجليز سنة 1914 عن حكم مصر، وكانت الملكة تعرف بلقب أم المحسنين
فى رسالة بعنوان وليمة بقصر الدوبارة أرسلتها صوفيا لين، شقيقة الرحالة إدوارد لين، إلى صديقة مجهولة، وصفت القصر بأنه المقر الرئيسى لنساء محمد على باشا، وهو بيت فخم يقع فى غرب القاهرة على الشاطئ الشرقي للنيل، ويستحق فعلاً أن يكون ملاذهن المفضل، وبعد الركوب من خلال مزارع إبراهيم باشا التي تكاد تحيط بالبناء وصلنا إلى بوابة القصر الضخمة التي اخترقناها ومضينا داخل الأسوار العالية في طريق طويل مغطى بعريشة يتشابك فيها نبات الكروم وعندما انتهينا إلى آخر الطريق، ترجلنا عن مطايانا، وسرنا على أرضية مرصوفة برخام بديع على امتداد ممرات عديدة حتى وصلنا إلى ساتر مدخل الحريم رفع الساتر، وهناك استقبلتنا زوجة شابة لمحمد علي ورحبت بنا بمودة فائقة، وكانت الغرف فخمة جداً أرضيتها من الرخام مثل جميع الممرات، وإن بقية حجرات الطابق الأسفل مثلها، أما أرضية الصالون فلا يكسوها سوى رخام أبيض ناصع من أنقى وأرقى ما رأيت فى الشرق.
بعد فرض الحماية البريطانية على مصر، أصبح القصر الذي يقع في حى غاردن سيتي، المقر الرسمي للمندوب السامي البريطانى، وإتخاذه مركزاً للحكم الفعلي لمصر، وخلال النضال السياسي ضد الاحتلال البريطاني، كانت المظاهرات تتجه إلى قصر الدوبارة، حيث مقر السفارة البريطانية.
ومع مرور السنوات اختزل اسم قصر الدوبارة في الكنيسة الإنجيلية، ومدرسة، بعد أن تم شراء القصر في ديسمبر / كانون أول بنحو ألف جنيه مصري بهدف هدمه وبناء الكنيسة الجديدة مكانه.
قصر الطاهرة
يعد قصر الطاهرة رغم صغر حجمه من أفخم القصور في العالم، لكن حالت المساحة الصغيرة إلى قصر الطاهرة، دون تحويله إلى مقر للحكم، حيث لا يكفي القصر، الذي يقع شرق القاهرة بين روكسى وحدائق القبة، جميع إدارات مؤسسة الرئاسة. 
اشترى الملك فاروق القصر باسم الملكة" فريدة عام 1941 بمبلغ 40 ألف جنيه، واشترى الفيلا المجاورة له، وضم إليه عدداً من الأراضي، حتى بلغت مساحته 8 أفدنة، ثم استرده منها، مقابل 117 فداناً بمحافظة الشرقية.
يحتوي القصر على عدد من التحف والتماثيل الرخامية لفنانين إيطاليين. وكان القصر مسرحا لعمليات حرب أكتوبر / تشرين 1973، حيث توجد به صورة شهيرة للرئيس الراحل أنور السادات وحوله رجال الجيش، يقفون حول طاولة كبيرة يناقشون عليها خطة الحرب، وهي نفسها طاولة البلياردو التي كان أحضرها الملك " فاروق" من قصر محمد علي فى شبرا الخيمة وضمها للقصر.
شهد القصر جلسة تسوية موقتة، بين الرئيسين الراحلين محمد نجيب وجمال عبدالناصر، خلال زيارة "الملك سعود" فى مارس/ أذار 1954، أدت في نهايتها إلى الإطاحة بمحمد نجيب من السلطة. كما كان مقر إقامة زوجة وابنة زعيم غانا كوامي نكروما كلما زاروا مصر في أعقاب تشكيل حركة عدم الانحياز، وكان مقر إقامة أرملة شاه إيران في عام 1980. واستضاف شخصيات دولية ورؤساء لحركات التحرير، وأقام فيه رئيس الوزراء الفرنسي السابق ليونيل جوسبان . 
وفي عام 1996 رفعت بنات الملك فاروق، دعوى قضائية للمطالبة، باسترداد القصر لأنه كان ملكاً لوالدتهم الملكة فريدة، وأنها لم تكن من أسرة محمد علي، فلا يحق تنفيذ قرار المصادرة على القصر، لكنهن خسرن القضية.
وخلال عام 1973، شهد لقاءات الاستعداد لحرب أكتوبر وكان هناك نشاط من نوع مختلف في قصر الطاهرة أقرب القصور لقصر القبة، حيث تحولت أجزاء من القصر إلى غرف متابعة للحرب ووجه فيه السادات تعليماته بشأن عبور القناة، حتى استقبال نصر أكتوبر/ تشرين .
قصر " الأتحادية " الذى شهد خلع الرئيس مبارك بثورة شعبية هائلة يستعد الآن لاستقبال أحداث جسام، ستسجل حتما في تاريخ القصر الذي يدخل التاريخ المصري من أوسع أبوابه التي صارت مكينة وفولاذية، لكن مكن الثورة المصرية الجامح يخرق الفولاذ.