«أن تكون فلسطينياً في لبنان»

بيروت: يجهل كثيرون حقيقة الظروف التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان، وفي المقابل، كثيرون يعرفون وإنما يصمتون أمام الانتهاكات التي تطاول «اللاجئين» ممّن يعيشون على هامش الحياة اللبنانية. أن تكون فلسطينياً في لبنان ليس واقعاً عادياً، إنما هي معاناة حقيقية ترتبط بسلسلة تبِعات ثقيلة تمتدّ من الشقّ الصحي إلى الاجتماعي والسياسي. لبنان، البلد الغارق في خلافاته وأزماته، يخاف أن يتحرّك إزاء قضية الفلسطينيين خوفاً من انعكاس الأمر على نظامه التعدّدي الطائفي. والفلسطينيون لا يهربون من واقعهم إلا عبر الحلم، حلم العودة.

هذه الصورة القاتمة لأوضاع الفلسطينيين في لبنان يقدمها الكاتب والصحافي الفلسطيني سامر مناع في كتابه «أن تكون فلسطينياً في لبنان» (دار نلسن، 2013). يحتوي الكتاب على عدد من المشاهدات الحيّة بلسان شخصياتها. وهو يستعير في مقدّمة كتابه كلمة ناجي العلي الشهيرة «إنّ أفكاري أستمدّها من أحاسيس الناس ويومياتهم»، فقصص كتابه هي في الأساس صور حقيقية نابعة من صميم معاناتهم وحرمانهم من الحقوق الإنسانية الأساسية.

قصصه الواقعية تبدو في بعض الأحيان غرائبية لشدّة قسوتها وعتمتها، خصوصاً أنّه صاغها بأسلوب لا يخلو من الإحساس، لكونه هو في الأصل واحداً من هؤلاء الشخصيات «المهمشة». هكذا، نرى أنّ اللغة حافظت على روحها أكثر من جمالياتها، وهي حافظت في هذا السياق على المصطلحات والمفردات الشائعة في حياة الفلسطينيين ويومياتهم.

كتبت بيان نويهض الحوت كلمة التقديم للكتاب، وممّا جاء فيها: «يضمّ هذا الكتاب قصصاً واقعية قصيرة وتحقيقات، صاغها الكاتب لتحقيق هدف واحد مشترك، ألا وهو تعريف القارئ بطبيعة حياة الفلسطينيين في لبنان وفي معيشتهم اليومية وصعوباتها، ومعاناتهم في مختلف نواحي الحياة (...). أما أروع ما قدّمه سامر مناع فهو كتابته الساخرة التي صوّر فيها أكثر التجارب مرارة داخل المخيمات وأزقتها، بأسلوب يبعث على البكاء والضحك معاً.

أم سعيد (84 عاماً)، نادر (16 عاماً)، أبو سليم (85 عاماً)، أبو رشيد (64 عاماً)، عبدالله (13 عاماً)، رانيا (30 عاماً)... شخصيات «أن تكون فلسطينياً في لبنان» تتنوّع ما بين رجال ونساء وأطفال وكبار، إلّا أنّ المعاناة تجمعهم. هم يتخبّطون في أزمة الهوية والانتماء، إضافة إلى مشاكل كثيرة ليس آخرها الفقدان والحرمان.

كتاب سامر مناع هو رسالة واضحة المضمون إلى جميع المعنيين علّهم ينتبهون إلى حجم هذه الأزمة، لا سيّما أنّ «طريق العودة تُعبّد بالإرادة والمحبّة والحرية وليس بأشواك الحرمان». ويوقع المؤلف كتابه مساء غد الخميس بدعوة من دار نلسن في قصر الأونيسكو - بيروت.

حرره: 
م.م