هموم ومفارقات فتحاوية /بقلم:نبيل عمرو

109460_345x230

في يوم صيفي جميل من أيام بيت لحم.. وفي القاعة العملاقة، التي اتسعت لاعضاء المؤتمر العام السادس لحركة فتح، وضيوفهم ومساعديهم وقادة حملاتهم الانتخابية.

اقيم احتفال عاطفي، بمناسبة ما اعتبر آنذاك النجاح التاريخي للمؤتمر، وغطى أثير بيت لحم صوتٌ جماعي مؤثر.. غنى اغنيات فتح القديمة الشبيهة بخمر الجنة المعتق. مثل "أنا إبن فتح ما هتفت لغيرها، ولقد كسرت القيد قيد مذلتي، وغلابة يا فتح"، وبعد انتهاء وصلة الغناء العاطفي الذي غالبا ما يخرج من القلوب قبل الالسنة ، بدأت سلسلة من المؤتمرات والمقابلات الصحفية ، اداها الفائزون بعضوية اللجنة المركزية، تضمنت بمجملها وخلاصاتها، وعودا واثقة بالتغيير وترتيب اوضاع الحركة ، وتفعيل نفوذها الذي كان مطلقا في زمن عرفات.. وخلف والوزير وغيرهم، اضافة الى تصريحات وصلت حد الوعد بتغيير جذري في الاتجاه، بعد ان التهمت اوهام التسوية ومغامرات اوسلو كل مميزات الحركة وعلاماتها الكفاحية الفارقة.

لقد فُهم الفرح الغامر في ذلك اليوم التلحمي الجميل، على انه منطقي وبديهي، ولا مجال لتوقع غيره، فالسيد محمود عباس " ابو مازن" توج رئيسا للحركة باجماع اعضاء المؤتمر والضيوف وكل من حضر. وبعده بأيام فاز تسعة عشر عضوا بلقب اعضاء اللجنة المركزية، واكثر من مائة فازوا بعضوية المجلس الثوري .

لم يكن الفرح لمجرد اعتقاد الفائزين بانهم حصلوا على فرصة وشرعية قيادة التغيير المنشود في واقع الحركة ، وانما لسبب اكثر وجاهة، وهو ان من فاز بعضوية اللجنة المركزية تخصيصا، اصبح من خلال اللقب نظيرا لياسر عرفات وصلاح خلف وخليل الوزير وخالد الحسن وابو علي اياد، وغيرهم من المؤسسين الخالدين، الذين منحوا فتح قبل تشريفهم لقب اللجنة المركزية تميزا في العطاء حتى صارت افعالهم في الواقع اكبر من اوزان القابهم ودخلوا التاريخ وادخلوا فتح معهم، تاركين ورائهم بعد الاستشهاد تراثا تتغذى عليه الاجيال، وفي حالات كثيرة لم يتبقى لدى الحركة العملاقة ما تفاخر به الا هذا التراث في زمن عزت فيه الانجازات.

وبتأثير مناخ التفاءل، وتأجج العاطفة والشعور الطاغي بأن التغيير والتطوير اخذ مجاله بالقيادة الجديدة، ولكي لا يشعر الفلسطينيون بفراغ غياب التاريخيين الكبار قدم الرئيس عباس مرشحي فتح لشغل مواقع الشهداء في اللجنة التنفيذية وفي مقدمتهم ياسر عرفات وفيصل الحسيني، فحصل الدكتور صائب عريقات على خلافة عرفات في الموقع بترشيح صريح من الرئيس عباس، وحصل السيد احمد قريع على خلافة فيصل الحسيني بانتخاب الحاضرين من اعضاء المجلس الوطني، وجرى احتفال عاطفي ولكن اقل ازدهارا من احتفال بيت لحم، وقال الرئيس عباس يومها، ان فتح اكملت مهام تجددها ونهضتها وان المنظمة كذلك. أي ان القطار وضع على السكة ومضى في طريقه ناهباً القضبان بعافيته وقوته واندفاعه واننا سنرى خلال اشهر لن تتجاوز الثلاثة او الاربعة وضعا فلسطينيا داخليا شديد القوة والتماسك، وقد كلف السيد ياسر عبد ربه بهذه المهمة.