"شارع الموت"

182823_10150090280381819_103552476818_6360053_6720450_n

صباح الخميس، تأهبت لمديح "المزاج".. لكن المزاج تعكر بمأساة أطفال باص "رحلة" في "شارع الموت" عند مفرق "جبع".. الوصف الفوري: "حادث سير مروع، لكن التفاصيل أكثر ترويعاً... في يوم ضغط أعظمي على حركة السير، أعاق سيارات الإسعاف عند حاجز قلنديا. يقولون: "يذر الملح على الجرح" ويبدو لي ان هذا الشارع يستحق اسم "شارع الموت" لكثرة ترداد الحوادث المميتة فيه. في حادث سير سابق، لقيت زوجة صديقي الموسيقي الرهيف سعيد مراد مصرعها قبل حوالي العام.. ولا يمر عام دون حوادث مميتة على هذا الشارع القصير والضيق، بين الحاجز الإسرائيلي ومستديرة - مفرق طرق تقودك، إن كنت فلسطينياً الى طريق القدس-أريحا، وإن كنت إسرائيلياً تقودك الى المستوطنات، بدءاً من مستوطنة آدم. لكل حادث سير سبب ومسبب، وأحياناً يتداخل السبب مع المسبب: هندسة الطريق الضيق والمنحدر، بحيث لا ترى السيارة النازلة السيارة الطالعة. تجاوزات حركة السير من جانب بعض السائقين، وهي خطيرة دائماً، وبخاصة في طريق نازل وضيق، ويزيد من خطورتها حوادث الانزلاق في طقس ماطر. في الفترة الأخيرة، جرى تنظيم السير من مفرق قلنديا حتى الحاجز، بعد شق طريق حديثة، مخططة ومزودة بـ"عيون القط".. لكن من الحاجز الى المستديرة، بقي الطريق ينتمي الى طرق العالم الثالث، لأنه يقع في المنطقة (ج). من المستديرة نزولاً، تكثر إشارات التحذير من "خطر الانزلاق" حتى على شارع فسيح ومنظم، وكثير المنحنيات. فوضى تقسيم الضفة الى "أ.ب.ج" تتبعها فوضى هندسة شوارع، لأن اسرائيليين يمارسون كيفياً سلطة السماح وعدم السماح بتحديث الشوارع، لتلبية ازدياد كثافة حركة السير. لمدة تزيد على عشر سنوات عرقلوا تحديث شارع البيرة-القدس حتى "معبر قلنديا"، ويعرقلون تعريض الشارع عند "حاجز حوارة" لكن، لا يمكن إلقاء اللوم على كاهل الاحتلال، لأن الحوادث قليلة على أخطر طريقين: طريق المعرجات الجبلي المفضي لأريحا، وطريق وادي النار الصاعد الى بيت لحم، حتى قبل أن تقوم السلطة ببعض التحسينات الجوهرية أو الثانوية على هذين الطريقين. هناك، أيضاً، رعونة السائقين الفلسطينيين، الذين يربطون حزام الأمان، فقط قبل الحواجز الإسرائيلية، وكذلك مشكلة السيارات المشطوبة التي لا تخضع لفحوص الميكانيك، علماً أن طرق الضفة صعبة هندسياً لأنها طرق جبلية غالباً، وأحياناً ضيقة ملأى بالمطبات الضرورية منها وغير الضرورية حتى في شوارع المدن (أخيراً، تم للبلديات بناء مطبات صحيحة). المسافر بالسيارة بين المدن الفلسطينية يلاحظ وجود دوريات سير اسرائيلية ترصد مخالفات السرعة، لكن لا وجود لدوريات السير الفلسطينية خارج المنطقة (أ) عدا أن "الحواجز" تعيق أحياناً سرعة وصول سيارات الإسعاف الفلسطينية، وتعيق أكثر سيارات الشرطة الفلسطينية. على العموم، تميل حوادث السير في شوارع إسرائيل نحو الانخفاض خصوصاً مع رادارات مراقبة السرعة، لكنها تميل نحو الارتفاع في الشوارع الفلسطينية. وفي شوارع إسرائيل يضعون لافتات تحذر السائقين بأن حوادث قاتلة حصلت في هذه المنطقة أو تلك.. انتبه وتمهل.. وخذ العبرة! في الحادث المروع الجديد على طريق جبع، اصطدمت سيارة نقل الطلاب بسيارة ضخمة (قاطرة ومقطورة) قد تكون صالحة للسير في البلدان ذات الشوارع العريضة والمستقيمة (أتوستراد) لكنها خطيرة في شوارع الضفة، ويكتبون على مؤخرتها تحذيراً "قاطرة طويلة" للفت انتباه السائقين خلفها وقت التجاوز. تلاميذ في عمر الزهور قضوا، وعائلات كثيرة ثكلت بأولادها.. وليس المطلوب أن يذهب الحادث المروع الى إحصائيات حوادث السير، بل الى أخذ العبرة، بدءاً من تحسين الشوارع الى تحسين الانضباط والمسؤولية في القيادة، وصرامة تطبيق مخالفات السير، وأيضاً زيادة التنسيق بين سيارات الإسعاف الفلسطينية والإسرائيلية، وسماح إسرائيل للسلطة بتحسين الطرق، وهي ناجحة في ذلك.. ورفع عقوبات حوادث السير الى درجة القتل غير المقصود. حسن البطل