التشهير بالجيش الإسرائيلي ممنوع بقوة القانون !

بقلم: جدعون ليفي

أمثال يريف لفين ضربوا مرة أخرى، فكان قانون جنين جنين. وسيكون من الممكن منذ الآن رفع دعوى قضائية ضد من يُشهر بالجيش الاسرائيلي، وبهذا بدأ فقط احتفال ديمقراطية الكنيست التاسعة عشرة.

قبل لحظة من الموافقة على اقتراح القانون هذا في الكنيست، بعد ان مُرّر في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، إليكم عددا من اسباب الدعوى القضائية: إن الجيش الاسرائيلي هو جيش احتلال؛ وإن جزءا كبيرا من نشاطه هو نشاط عمل شرطة لمحتلين؛ وجيش الاحتلال قاسٍ؛ والجيش الاسرائيلي يقتل أبرياء، بينهم أولاد؛ والجيش الاسرائيلي يعتقل أولادا لا تنطبق عليهم سن المسؤولية الجنائية؛ وأيدي جنوده خفيفة على الزناد احيانا كما في الاشهر الأخيرة؛ ويُخل الجيش الإسرائيلي بصورة منهجية بالقانون الدولي. وبعد قليل قد تجر هذه الجُمل الى رفع دعوى قضائية ولذلك يُفضل أن نقولها الآن.

نشك في ان يردع القانون الجديد أحدا؛ فلا يكاد يوجد من يُردع. فالجيش يتمتع بحصانة واسعة لدى الرأي العام وفي وسائل الاعلام التي تعبد الأمن وتقدس الجيش. إن القانون الجديد سيضعضع صورة الجيش الاسرائيلي أكثر من حمايته، فالجيش الذي يحتاج الى قوانين تمنع توجيه انتقاد ضده هو جيش عنده مشكلة. "إن الخرق القانوني استدعى اللص"، ورد في التفسيرات السخيفة للقانون واتسع الخرق الآن خاصة: لماذا الجيش الاسرائيلي وحده؟ إن قانون التشهير الذي كان نافذا الى الآن وبحق على الأفراد فقط وُسع ليشمل الجيش الاسرائيلي. وماذا عن "الشاباك"؟ والشرطة؟ ولماذا لا تكون الحكومة كذلك؟ والكنيست؟ والحاخامية الرئيسة؟ والتأمين الوطني؟ أليس الانتقاد الموجه ضدها جميعا يكون كاذبا احيانا فلماذا لا تُحمى بقوانين؟ اتكلوا على عضو الكنيست يوني شتبون، مقترح القانون.

كان يجب على رئيس هيئة الاركان ان يعلن الآن قائلا: لا، شكرا. فالجيش الاسرائيلي لن يختبئ وراء قوانين وتخويف. واذا كانت اسرائيل تفخر بجيشها وتعتقد بجدية أنه "الأكثر أخلاقية في العالم" فلماذا تحتاج الى هذه القوانين؟ يبدو أنها لا تحتاج. فإذا بُثت أكاذيب عن الجيش الاسرائيلي فستنتهي الى أن تتضعضع حتى بغير وجود قوانين، والاحتياج الى هذا القانون المضاد لحرية التعبير هو البرهان الناصع، أكثر من كل الشهادات والتشهير، على أنه يوجد مع كل ذلك شيء يحترق تحت البساط، ويوجد شيء من عدم اليقين في عدالة الطريق يفترض أن يعالجه هذا القانون. ومن هذه الجهة توجد قيمة لهذا القانون خاصة؛ فهو يبرهن على وجود ما يُخفى.

تُشتق صورة الجيش الاسرائيلي من أعماله. إن ألف مقالة انتقاد أو تشهير لم تُسبب له ضررا سببه يوم واحد من الفوسفور الابيض في غزة (الذي أُخرج من الاستعمال في الآونة الاخيرة بفضل التوثيق والانتقاد فقط). وكانت عملية "عامود السحاب" ستبدو بالضبط مثل "الرصاص المصبوب" لولا الانتقاد الذي وُجه في البلاد وفي العالم. وقد شهّروا هنا بتقرير غولدستون الى أن استجابوا له جزئيا آخر الامر. وأصروا هنا على الصراخ بأن جنود الجيش الاسرائيلي تصرفوا كما ينبغي مع "مرمرة" الى أن اعتذرت اسرائيل عن أعمالها. ولم تُسبب ألف شهادة صادقة أو كاذبة للجيش الاسرائيلي هذا القدر الكبير من الضرر الذي سببه يوم واحد من عملية "الرصاص المصبوب" و "السور الواقي" واعمال التصفية والاعتقالات الجماعية وأعمال التطويق والحصار.

يجب الاستمرار في الاتيان بشهادات عليها، ويجب الاستمرار في إسماع الآراء الصائبة فيها. إن الجيش الاسرائيلي يملك ما يكفي ويزيد من اجهزة الدعاية والاعلام كي يدحض ما يراه أكاذيب ولا يُحتاج من اجل ذلك الى قانون.

إن القانون الجديد الذي ولد مع فيلم محمد بكري (الذي حظي الآن بقانون مسمى باسمه وليس هذا أمرا يُستهان به) وبانتقاد صارخ من قلة قليلة من جنود الاحتياط جندوا أنفسهم ايضا لجيش الدعائيين، هو حلقة اخرى من السلسلة. وليس هو الأول ولا الأخير، بل إنه يرسم اسرائيل جديدة وهي التي ستحاول أن تبث جو الخوف وتردع الصحافيين وتخنق الجمعيات وتُضعف المحكمة.

إن هذا القانون مثل كل ما سبقه سيُشهر باسرائيل أكثر، فهو سيُضعف ادعاءها الأقوى وهو واحد من آخر ادعاءاتها المقنعة أنها ديمقراطية حقا حتى لو كانت جزئية. أجنين جنين؟ اسرائيل، اسرائيل.

حرره: 
م.م