أول دليل عن الجنس لليهود الأرثوذكس في إسرائيل

دانيال إيسترن

تل أبيب: الجنس موضوع حساس، ولكنه ليس أقل حساسية لدى اليهود المحافظين المتشددين في إسرائيل، لكن أحد الأطباء في القدس الغربية كتب دليلا توضيحيا للجنس يستهدف هذه الطائفة اليهودية على وجه التحديد.

كان هناك متجر تجاري للجنس في الطريق إلى مكتب الطبيب ديفيد ريبنر في وسط القدس، ولا تزال هناك لافتة تحمل أحرفا باللون الأحمر تقول "متجر الجنس، للجنس والحب"، لكنك تستطيع بالكاد أن تقرأها بسبب ما تعرضت له من خدوش.

وقد توقف ذلك المتجر عن العمل، وهناك الآن متجر واحد لا يزال باقيا في مدينة القدس، وليس ذلك مثيرا للدهشة في مدينة تمتلئ بالأشخاص المتدينين.

وتختلف الأمور في مكتب الطبيب ريبنر الذي يتكتم على أسرار مرتاديه، وهناك صف من الصناديق المعبأة بمواد وزيوت التدليك، ومجموعة غير عادية من الكتب على أحد الرفوف، مثل كتاب: متعة الجنس، ودليل التعرف عليه، وقد وضع جنبا إلى جنب بجوار مجلدات من الكتب الدينية اليهودية.

وقلت للطبيب ريبنر إنني لم أر مثل هذا الرف من الكتب من قبل، فقال لي: "وربما ليس هناك مثله أبدا."

ولد ريبنر في الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل في نيويورك على شهادة الدكتوراة في مجال العمل الاجتماعي، كما حصل على شهادة بالعمل كحاخام يهودي أيضا.

ثم انتقل بعدها إلى إسرائيل حيث عمل في مجال الاستشارات الطبية للمرضى من اليهود المتدينين على مدى 30 عاما.

كما أسس برنامجا تدريبيا للعلاج الجنسي في جامعة بار إيلان في تل أبيب، وقال إن نشر دليل حول الجنس لليهود المتشددين أمر طال انتظاره.

ويتعلم الأولاد والبنات من أبناء هذه الطائفة المتشددة دينيا بشكل منفصل، وليس هناك تفاعل كبير بين الجنسين قبل ليلة الزواج، حيث يوثق هذا الزواج حينئذ رسميا.

ولا يُسمح بالملامسة الجسدية بين الجنسين إلا بين الزوجين وأفراد العائلة المقربين، حتي أن ذلك يشمل عدم المصافحة باليد. كما أن هناك قيودا في أغلب الأحيان على مشاهدة الأفلام والدخول على مواقع الإنترنت.

ويقول ريبنر: "أردنا أن يكون هناك مكان يستطيع الناس فيه أن يقولوا أشياء لا يقولونها في الخارج، مثل: لا أعرف شيئا، وأريد أن أعرف شيئا ما (عن الجنس)."

ويبدأ الدليل الذي شارك ريبنر في كتابته مع الباحث الأرثوذوكسي جيني روزينفيلد، بتناول العلاقة الجسدية الحميمية بين حديثي الزواج، وبالقواعد الأساسية جدا، التي تشرح على سبيل المثال الاختلاف في شكل الجسد بين الرجل والمرأة.

ويقول ريبنر إن الديانة اليهودية تعتبر الجنس شيئا إيجابيا، لكن مناقشة ذلك في العلن أصبح من المحرمات.

ويقول ريبنر: "إن الجنس مناسب فقط داخل إطار العلاقة الزوجية، وخلاف ذلك لا يتم الحديث عنه، ولهذا السبب، أصبح من الصعب جدا لمثل هؤلاء الأشخاص أن يدخلوا في أي حوار حوله."

لذا، فإن هذا الكتاب يتطرق إلى موضوعات لم تكن مطروحة من قبل، وبمجرد تقليب صفحاته لا تجد أي رسومات توضيحية، لكن هناك ظرف مغلق مرفق بالغلاف الخلفي للكتاب، ويحذر القراء بأنه يحتوي على رسوم وأشكال جنسية، وأنه إذا لم ترغب في الاطلاع عليها، فيمكنك أن تنزعها وتتخلص منها.

وفتح ريبنر هذا الظرف ليطلعني على محتوياته، وكانت هناك ثلاثة أشكال توضيحية للأوضاع الجنسية الأساسية.

ويقول ريبنر: "أردنا أن نقدم للناس توضيحا، ليس فقط لأماكن الممارسة الجنسية، ولكن أيضا لكيفية وضع الأيدي والأرجل، بحيث إذا لم تكن قد شاهدت فيلما من قبل، أو قرأت كتابا، فمن المفترض أن تعرف ما يمكنك فعله."

وتقدم هذه الرسوم البسيطة شخصيات بدون وجوه.

وبدأ ناتشون ديفيد كارمي المتخصص في علم الجنس الاجتماعي في الاحتفاظ ببعض نسخ هذا الدليل التوضيحي في مكتبه، كما بدأ يوصي بعض مرضاه باقتنائه.

ويقول كارمي: "إنه كتاب مفيد جدا بالنسبة للأشخاص الذين تلقوا تربية دينية، ولم يتلقوا من قبل أي شكل من أشكال التعليم الجنسي."

وأضاف: "ما هو فريد من نوعه في هذا الكتاب هو أنه يتحدث إلى الجمهور اليهودي المتدين عن الجنس بشكل معلن."

ويتلقى غالبية أبناء اليهود الأرثوذكس المتشددين تعليمهم في مدارس دينية خاصة إما لا تدرس الجنس، وإما تقدم القليل جدا من المعلومات حوله.

ويقول كارمي إن هذا "الصمت" يخلق "حاجزا للخجل" حول قضايا أخرى تتعلق بالجنس، حيث ينظر إلى أولئك الذين يسعون إلى تثقيف أنفسهم حول هذا الموضوع على أنهم "مفسدون ومتمردون".

وقد صدر كتاب ريبنر باللغة الإنجليزية العام الماضي، وهو على وشك أن يصدر باللغة العبرية أيضا، وهو الأمر الذي سيجعله في متناول الكثير من الجمهور الإسرائيلي.

ويقول ريبنر إن الأمر استغرق بعض الوقت لإيجاد مترجم منفتح له خلفية يهودية أرثوذكسية ليترجم الكتاب إلى العبرية باستخدام اللغة التي تروق للقارئ المتدين.

ويقول مناحم فريدمان، أستاذ علم الاجتماع الذي كتب العديد من الكتب عن المجتمع المتشدد في إسرائيل، إنه عندما يصدر هذا الكتاب في غضون أسابيع قليلة باللغة العبرية، فإنه قد يتسبب في إحداث جدل في إسرائيل.

وقال فريدمان: "أشك في أنه سيلقى رد فعل سلبيا هائلا، لكن قد يحدث ذلك على الأقل بين العناصر الأكثر تشددا داخل المجتمعات اليهودية."

لكن فريدمان يوافق على أن مثل هذا الكتاب مطلوب بشدة، ويتوقع ارتفاعا كبيرا في مبيعاته.

ولاختبار رد الفعل، أخذت نسخة من الكتاب إلى أحد مراكز الدراسات اليهودية المتشددة جدا، والتقيت برجل يبلغ من العمر 22 عاما، يرتدي الزي اليهودي الأسود، وله لحية طويلة. ودخلنا إلى حجرة جانبية، وقمت بعرض نسخة من هذا الكتاب عليه.

وقال الرجل: "أنا لا أعرف عن وجود أي كتب مثل هذا الكتاب، لكنني أعتقد أن هناك حاجة لشرح هذا الموضوع ولفهمه، وللقيام به بالطريقة الصحيحة."

وأخذني الرجل إلى غرفة في الطابق العلوي، حيث لا يوجد أحد آخر حولنا، ليلقي نظرة على الرسوم التوضيحية.

وبمجرد أن بدأ في إخراج الأشكال التوضيحية من الظرف المرفق بظهر الكتاب، غير الرجل رأيه، وأعادها إلى الظرف مرة أخرى، وقال: "أنا لست متزوجا، وسأنتظر حتى يأتي دوري."