ينبغي عدم الاستخفاف بالحريديين

بقلم: متاي شموئيلوف

 

كان نشر صورة عدد من الحريديين يشوون اللحم في حديقة ساكر مساء يوم المحرقة خطوة صحيحة. فحرية التعبير في اسرائيل مهمة ولا يجوز إسكات صور وإن لم تكن سهلة وذلك خاصة لوجود خطر من يحاول ان يكتم المشكلة. إن حريديين كثيرين، مثل علمانيين كثيرين لا يوافقون دائما الرواية الغالبة لكن الدعوة الى مضاءلة الاختلاف والفرق لا تستوي حقا مع حرية التعبير. إن للاعلام الحق والواجب ان ينشر صورا قاسية تشير الى صراعات تجري في أوقات حساسة كيوم المحرقة أو يوم الذكرى.

لا تنبغي محاولة تجميل الأمور – فقد علم أكثر الحريديين الذين كانوا يشوون اللحم على النار في القدس مساء يوم الأحد ان هذا هو مساء يوم المحرقة. ولا يوجد انسان في اسرائيل لم يسمع الصافرة– من العرب واليهود والعلمانيين والمتدينين والأغنياء والفقراء، فالجميع يعلمون ان الحديث عن يوم ذكرى يوحد شعبا كاملا وينبغي احترامه. لكن اولئك الأشخاص اختاروا على علم ان يذهبوا ويظهروا عدم احترام اولئك الناجين من المحرقة الذين ما زالوا يعيشون بيننا. يجب في الحقيقة ألا نسوي هذا الأمر بالتجديف كما فعل الحاخام متسغار لأن الدولة التي حددت يوم العطلة ليست هي المسؤولة الروحانية عن المواطنين ويجوز لهم ان يذهبوا الى كل مكان في كل يوم لكن الامر الداخلي عند كل واحد من اولئك المحتفلين كان يمكن ان يوجههم الى سلوك مختلف.

ستعلو أصوات تقول ان هؤلاء هم الشاذين فقط من المجتمع الحريدي خاصة واليهودية الارثوذكسية بعامة، لكن هذا استخفاف ايضا باولئك الذين يعارضون الرواية الصهيونية. ليست القصة العامة للمجتمع الحريدي هي نفس قصة الصهيونية، فهي قصة مختلفة وتعارض بصور كثيرة وأفكار عديدة قصة دولة اسرائيل المهيمنة. والأعراض في هذه الحال – وهي اعراض يهود ارثوذكسيين ذهبوا ليشووا اللحم في يوم المحرقة – أعمق من المعلوم. ولا أقول ذلك كي أحرض بل أقوله لأنه يوجد واقع لا تتطابق فيه الثقافتان وعلينا ان ننتبه لذلك.

يجب ان نسأل اسئلة صعبة عن التربية في العالم الحريدي وعن موقع المحرقة فيه. ولا يجوز ان نتقبل بسهولة الأجوبة العقائدية للتربية الدينية الارثوذكسية. يجب على أعيان هذا المجتمع وعلى المجتمع نفسه ايضا ان يفحصوا فحصا داخليا جديا وان يفحصوا أين وكيف يستقبلون يوم المحرقة فيهم. لو أنه وجدت صورة معاكسة لاستخفاف وعدم احترام لقيم اليهود الارثوذكسيين لأثار ذلك ضجيجا عاليا.

وحتى لو قال ناس من المجتمع الحريدي إن هذا هامش هامش المجتمع واستخفوا بأقوال اولئك الذين شووا اللحم فلا يجوز ان نقبل ذلك. لأنه ينبغي ان ننفر من الرفض العميق الذي يعبر عنه كثيرون للقيم الأكثر أساسية للمجتمع اليهودي. ولا يقول إنه يجب على الجميع أن يحدوا بنفس الطريقة لكن توجد هنا مسألة احترام فضاء عام، فاذا تغيرت ذات يوم قوانين ذلك الفضاء فسنغير طريقة الحكم.

توجد سبل مختلفة للتمرد على الاسرائيلية وعلى قوانين الدولة، ويوجد من يجعلون فعل مقاومتهم سياسيا لكن يوجد من يفعلون بصورة مختلفة ببساطة. ولا يجوز الاستخفاف بهم، فالظاهرة واسعة وقاسية وتستحق علاجا صائبا وأساسيا.