"قضيتي ضد إسرائيل" للصحافي الأسترالي لوينستاين

 

 

عن "شركة المطبوعات للتوزيع والنشر"، كتاب جديد بالعربية للصحافي الكبير الذي يقيم في العاصمة الأسترالية، سيدني، أنطوني لوينستاين، بعنوان "قضيتي ضد إسرائيل"، وهو الإصدار

الذي كانت صدرت أوامر عليا بعدم نشره بالإنكليزية.
ينتمي المؤلف الى اليهودية، غير أنه دأب منذ بداياته المهنية على خرق جدار الصمت، وإبداء تعاطفه الشديد مع القضية الفلسطينية. وراح يعرّي وحشية الصهاينة من الداخل في تعاملهم مع

الفلسطينيين. وبذل جهوداً فائقة في محاولته تغيير الصورة الراسخة لدى الغالبية العظمى من أن كل يهودي هو صهيوني بالضرورة.
التقى حنان عشراوي التي قلبت حياته رأساً على عقب من خلال ما سمع منها ولمس. أقرّ، على الملأ، بأنه إنسان أولاً ليكتسب بذلك صدقية وموضوعية عميقتين غير قابلتين للطعن بهما.
يتابع ما يقوم به اللوبي الصهيوني في الغرب، والكيفية التي يستخدمها للتأثير على السياسات الدولية. لا ينقطع عن التحدث، في ما يكتب، عن غزة والضفة الغربية وسائر المناطق الفلسطينية المحتلة. كما لا ينفك يثير قضايا الحصار والدمار الذي تسببه إسرائيل، إضافة الى العزلة التي يعانيها المجتمع اليهودي. يربط، على نحو من التحليل العميق، بين الربيع العربي وتغير

المواقف لدى قيادات الكيان الصهيوني والنظرة المستجدة الى الخطر الإيراني في غمرة الأحداث تلك. كذلك، يتابع يهود الشتات راصداً استياءهم للتعنّت الإسرائيلي.
يفضح، بشكل موثّق، التعصّب اليهودي وقد بلغ ذروته حين دعا القرار الديني في إسرائيل، بعد أن وقّعه مئات الأحبار وزوجاتهم، الى منع التعامل التجاري مع العرب، وعدم مقاربة النساء اليهوديات لأي عربي على الإطلاق. والأهم من بين طروحاته، أنه يدين عملية السلام الظالمة التي يرى أنها لن تفضي إلا الى مزيد من التأزم وعدم الاستقرار وإغراق المنطقة في الحروب والنزاعات والفوضى.
ينقسم الكتاب ثمانية فصول هي: خريطة فلسطين المحتلة، مقدمة خاصة بالعربية، نظرة شخصية حول إسرائيل، الصهيونية واللاسامية، مغامرات في أرض اللوبي، أخبار وسائل الإعلام

واللوبي، الى أين الآن، ملحق القضية الأسترالية الإسرائيلية. ويشتمل الكتاب على قائمة بالمصطلحات وأخرى بالأسماء.
يشير المؤلف، في مقدمته، الى أن هذا الكتاب يتمثل في كونه تحقيقاً يهودياً مختلفاً يغوص في عمق مسألة الشرق الأوسط. وتستند قضيته ضد الكيان الصهيوني الى قناعة تفيد بأن المسار الراهن الذي يسلكه القادة الصهاينة قد أصابه العجز والإخفاق. يقول: "زوروا الضفة الغربية وغزة، وأشعروا بذلّ الاحتلال الإسرائيلي، وقولوا لي ما إذا كان رأيكم مختلفاً". وكان سبق لأحد المتخصصين الإسرائيليين في الديموغرافيا أن زعم في تشرين الثاني نوفمبر 2010، أن عدد اليهود اليوم يشكل أقل من نصف إجمالي السكان في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة.

وبتعبير آخر، يعيش الفلسطينيون اليوم في ظل نظام يقوم على التمييز العنصري أسوة بما كان عليه الوضع في جنوب افريقيا أثناء الأيام القاتمة من القرن العشرين.
ويقتبس المؤلف من الصحافي الإسرائيلي في "هآرتس"، جدعون ليفي، بأن الذين ينكرون سياسة التمييز العنصري "الابرتهايد"، فإنهم يخدعون بذلك أنفسهم وهم يتشبثون بخرافات تبعث على

الدهشة والقرف.
ويتساءل المؤلف، في سياق الكتاب، داعياً الى الإجابة، في المقابل، عن القضايا الآتية: لماذا يُسمح للإسرائيلي بمغادرة إسرائيل وعدم العودة إليها من دون أن تُسحب منه مواطنيته، في حين يُمنع على الفلسطيني، ابن البلد، التمتّع بالحقّ عينه؟ لماذا يُسمح للإسرائيلي بالزواج من أجنبية والحصول على إذن لها بالإقامة، ولا يُسمح للفلسطيني بالزواج من جارته السابقة التي تعيش في الأردن؟ ويضيف أنه أقدم على توثيق أحداث مأسوية، على مرّ السنين، لا تُحصى ولا تُعد، حول عائلات فلسطينية سُلخ أفرادها بعضهم من بعض ولم يُسمح لأبنائها وبناتها العيش في الضفة

الغربية أو في غزة نتيجة للقوانين المتوحشة التي تفرضها إسرائيل، قسراً، على الفلسطينيين.
يؤكد المؤلف أن الكتابة حول القضية الفلسطينية والتوحش الإسرائيلي، تقتضي التحلّي بالصدق ونفاذ البصيرة. ويورد مثالاً على ذلك، تعهّد الرئيس الأميركي باراك أوباما أثناء ولايته الأولى، تعزيز علاقة أميركا بالعالم والسلم العالمي. ويضيف المؤلف أنه خلال زيارة أوباما الى أندونيسيا في تشرين الثاني نوفمبر 2010، انتقد المستوطنات الإسرائيلية، داعياً الى التأسيس لحلّ الدولتين. جرى اعتقاد وقتئذٍ، أن أوباما على وشك أن يحمل تغييراً إيجابياً الى الشرق الأوسط. في المقابل، بقي السواد الأعظم من المصريين، بعد إطاحة الرئيس حسني مبارك في العام 2011، ينظر بعين الريبة والشك الى أهداف واشنطن في بلادهم. ويرى، في الوقت عينه، أن الوقائع على أرض فلسطين، تثبت بأن عملية السلام المدعومة من الغرب، لم تؤدِ سوى الى شقاء الشعب الخاضع للاحتلال. فقد استمرت المستعمرات بالتوسّع في الضفة الغربية، وتم تجاهل المغريات التي قدمتها واشنطن الى حكومة نتنياهو الإسرائيلية من أجل النظر في مسارات أخرى.

وقد جاء ذلك بالتزامن مع وهن شديد أصاب السلطة الفلسطينية مترافقاً مع استشراء الفساد في مؤسساتها، إضافة الى النزاعات الفلسطينية الفلسطينية التي أهرقت الطرفين.
ويعتبر الكاتب أن الوقت قد حان للتفكير الحي، فأميركا لم تكن يوماً وسيطاً نزيهاً، بل تبدو ميّالة، بالوراثة، الى دعم إسرائيل. ويؤدي اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة دوراً بارزاً في ترهيب أعضاء الكونغرس لكي يقوموا بتقديم الدعم الى حزب ليكود وتعزيز رؤيته الصهيونية الى الشرق الأوسط. ويتطلع الكاتب، كما يقول في سياق الكتاب، الى اليوم الذي تتمكن فيه الدول العربية، وقد تحرّرت من سلطة النخب الفاسدة والهجمية المدللة للغرب، من التحلّي بسمة القيادة الحكيمة وتوظيفها في تأييد الحق الفلسطيني والوقوف الى جانب أصحاب الحق بالأرض.

 
حرره: 
م.م