ما بعد اتفاق الدوحة!!!!

تضمن الاتفاق الموجز والمركز والمحدد، الذي وقع مؤخراً في قطر، خطوطاً عريضة للبدء بخطى جادة، لوضع حد حاسم لحالة الانشقاق الجيو-سياسي الفلسطيني.

السؤال هنا، هو: هل أن هذا الاتفاق سينفذ، وتسير خطاه بسلام وأمان؟!!

في الذاكرة الفلسطينية، تراكمات تجارب سابقة، من شأنها الإجابة بالنفي. لكن وقائع قائمة ومستجدة، ليست قليلة الشأن، من شأنها التدليل، بأن ما وقع، هو أمر جدي للغاية، وبأن ما وقع عليه معني حقيقة بوضع حد نهائي لحالة الانشقاق.

ما تلا التوقيع على اتفاق الدوحة، من شأنه ان يرسم صورة واضحة، بأن ثمة خلافا داخل حركة حماس، بشأن هذا الاتفاق، ومحاولة تمريره. لعل أولى المؤشرات، هي غياب رئيس الوزراء المقال، اسماعيل هنية عن حفل التوقيع، وغياب أيّ من قادة "حماس" في غزة، عن تلك المراسم، وثانيها، رزمة من التصريحات الصادرة عن مسؤولي "حماس" في غزة، إضافة لتحركات ميدانية، سياسية ودبلوماسية، تشير الى أن "حماس" في قطاع غزة، ليست معنية، بما ورد في اتفاق الدوحة!!!

لا يمكن الجزم، بالطبع، بأن هذا الخلاف العلني، سيؤدي الى حالة انشقاق داخلي. لكنه يمكن الجزم، بأن مسؤولي "حماس" في قطاع غزة، يتحركون، وكأن غزة، باتت كياناً سياسياً وجغرافياً، لحركة سياسية، ذات أيديولوجيا معينة. وبالتالي لا يرون في انتخابات تشريعية ورئاسية قادمة، حلاً يمكن التعديل عليه.

ما ستشهده الأسابيع القليلة القادمة، من شأنه أن يكشف عن جوهر مواقف "حماس" في الداخل والخارج على حد سواء.

هناك استحقاق عمل لجنة الانتخابات المركزية، وتجديد السجل الانتخابي. ستشهد الأسابيع القادمة، حدوث أو عدم حدوث ذلك!!!

وهنالك استحقاق المشاورات بشأن تشكيل حكومة التكنوقراط برئاسة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) هل ستقبل قيادات "حماس" في غزة، برئاسة هذه الوزارة؟، وهل ستشهد مشاهدات تشكيلها، خلافات لا تنتهي؟!!

وهنالك عمل لجان المصالحة و "م.ت.ف" وغيرها، وجميعها تستلزم مواقف وخطى عملية وميدانية، لا تقبل التأجيل أو التأويل..

يبدو اتفاق الدوحة، بما تضمنه من نقاط واضحة ومحددة، بأن من وقع (خالد مشعل والرئيس محمود عباس) لديه النية الجدية الصافية والأكيدة، للوصول الى بر المصالحة الوطنية. لكن وبالمقابل، فإن التطبيق العملي للاتفاق، سيصطدم بمصالح سياسية وأمنية واقتصادية لا يستهان بها، عند قادة "حماس" في قطاع غزة، الذين يرون في أنفسهم، أنهم باتوا قادرين على إدارة شؤون القطاع، ومن النواحي كافة، دون الاعتماد على قادة "حماس" في الخارج، لا سيما وأنهم هم من "قاتلوا وصمدوا" في وجه العدوان الإسرائيلي، وهم من قام بحسم الأمور عسكرياً في قطاع غزة.

يصعب التنبؤ، حقاً، بما ستشهده الأسابيع القادمة، بشأن ما ورد في اتفاق الدوحة، وتأسيساً عليه، ستظهر "حماس"، كحركة واحدة متماسكة، أو حركة تشهد خلافات عميقة، تهدد وحدتها ومستقبلها في آن!!!

فيما إذا سارت الأمور، سيراً إيجابياً، وتم تطبيق الخطى الأولى من الاتفاق، ظهرت "حماس" حركة موحدة وقوية، وهذا ما نتمناه حقاً، أما إذا تم عرقلة تلك الخطى، وفي المقدم منها، عمل لجنة الانتخابات المركزية، وتجديد السجل الانتخابي، ستظهر "حماس"، كحركة مختلفة، وهذا ما سيضعفها ويهدد وحدتها، ويفقدها مصداقيتها؟!