ميزانية الدفاع: هكذا يديرون "المعركة"

بقلم: اليكس فيشمان
كتجار الجياد يجلس موظفو المالية ووزارة الدفاع متقابلين ويديرون المفاوضات حول الموضوع الأكثر حرجاً لحياتنا في هذه البلاد. لا يقول أي طرف كل الحقيقة ولا يصدق أحد الآخر حقاً. 
وضع موظفو المالية على الطاولة مشروعا أوليا لميزانية دفاع من 49 مليار شيقل. أما موظفو وزارة الدفاع ففي موقف أولي وضعوا مشروعاً كلفته 59 مليار شيقل. والآن يبدأ البازار، الذي يضم كل المناورات، التسريبات، والقذارات.
يقول رجال المالية لرجال الدفاع: خفضوا الآن عدة مليارات، إذ في منتصف 2014 تتوازن الميزانية على أي حال. الأزمة الحالية قصيرة. فيرد رؤساء جهاز الأمن: اذا كانت الأزمة في الميزانية قصيرة فلماذا يدمر كل المبنى؟ هيا نبني خطة قروض جسر وجدولة الدفاعات للصناعة الى جانب تقليص مؤكد في ميزانية الدفاع – وانتهينا. أما في واقع الحياة: ستطلب المالية تقليصاً كبيرا يكون مثيراً للانطباع في كتاب الميزانية، ولكن في غمزة عين سيكون واضحا لميزانية الدفاع انه خلال السنة ستسترد قسما مهماً من المال. 
ليست ميزانية الدفاع من شأن موظف كبير في الميزانية أو من شأن موظف كبير في وزارة الدفاع. وحتى وزير الدفاع، وبالتأكيد وزير المالية الجديد، ليسا العنوان الحصري الذي يحسم ما هو مستوى الامن الذي سيحصل عليه المواطن مقابل الضرائب التي يدفعها. من يقرر حجم الجيش وأي مخاطر محسوبة يمكن لدولة اسرائيل أن تأخذها هي الحكومة، وللدقة: وزراء المجلس الوزاري. 
وعليه، فكل لجنة مهنية – سياسية من موظفي المالية مقابل موظفي الدفاع – مثل تلك التي تشكلت في نهاية الأسبوع لجسر الثغرات بين الطرفين – يجب أن تكون فنية فقط. فالعملية يجب ان تبدأ من فوق، في المجلس الوزاري. في البداية تتقرر السياسة، فقط بعد ذلك يجري الحديث عن التفاصيل وعن المال.
ولكن السياسيين يكرهون المسؤولية. فلماذا يتخذون قرارا صعبا، مصيريا، اذا كانوا سيتهمون فيما بعد بفشل عسكري على نمط لبنان 2006؟ من الأكثر راحة لهم أن يلقوا العبء على موظفي الدولة ليقرروا بدلاً منهم، ويرفعوا إليهم توصية جاهزة، ثمرة مصالح ضيقة لوزارات مهنية. ولهذا فان موظفا كبيرا في وزارة المالية يسمح لنفسه بأن يعلن بانه يمكن تقليص 4 – 5 مليارات شيقل من ميزانية الدفاع لانه طرأت "تغييرات استراتيجية" في المنطقة. عفوا، من حضرتك؟ الن ديلون؟ من قرر أن التهديد الاستراتيجي انخفض؟ المجلس الوزاري؟ هل أعد الجيش على الأقل ثلاثة بدائل لتقليص حتى 2.5 مليار شيقل، وإلى جانب كل بديل تظهر النتائج. فهل رأى أي من أعضاء المجلس الوزاري هذا الكراس؟
لقد وعدوا بسياسة جديدة، ولكن حين يصل هذا الى ميزانية الدفاع نجدها سياسة قديمة حقاً. نحن ندير شيئاً ما مثل إمبراطورية الحمص، نتمسك مرة اخرى بلجان حزبية وميزانيات هامشية في الوظائف والرواتب. ليس هناك المال الكبير. المال الكبير هو في المشاريع للمدى البعيد، 5 حتى 10 سنوات. تريدون أن تقلصوا بضعة مليارات؟ يمكن مثلاً التفكير بوقف مشروع نقل الجيش الإسرائيلي إلى النقب، بالآثار الاجتماعية والاقتصادية التي تكون لذلك. ولكن لا يمكن لهذا أن يكون قرار موظفين. يجب ان يكون هذا قرار حكومة. 
بناء القوة على أساس تقويم الوضع للمدى المنظور خطأ. فطالما لم تدخل المنطقة الى عصر الاستقرار، تكون اسرائيل فيه في إطار منظومة من الاتفاقات، التفاهمات والتحالفات، فان التهديد سائل جدا. ولهذا تبنى القوة العسكرية في نظرة بعيدة المدى، ويحتاج الجيش بالفعل الى تغيير في تشكيلة القوى والتكيف مع التهديدات المتغيرة. يمكن تقليص اطر قديمة في ضوء الفرص التكنولوجية. هذه مسؤولية الحكومة واعضاء المجلس الوزاري. وهم لا يبصمون. 

المخاطر والفرص
ايران
التهديد: الايرانيون يواصلون السباق نحو القنبلة رغم العقوبات.
من جهة اخرى: العقوبات آخذة في الاحتدام، منظومة الدفاع ضد الصواريخ آخذة في التحس.
سورية
التهديد: "الجهاد العالمي" على حدود هضبة الجولان، وتسلل للسلاح الكيميائي والاستراتيجي الى محافل الارهاب.
من جهة اخرى: جيش الاسد منشغل بالأزمة الداخلية ولم يعد يشكل تهديدا حقيقيا. 
لبنان
التهديد: لدى "حزب الله" عشرات آلاف الصواريخ التي تصل الى كل نقطة في اسرائيل تقريبا. 
من جهة اخرى: القوة السياسية لـ "حزب الله" ضعفت وفي هذه اللحظة ليس له نية للشروع في مواجهة.
"يهودا" و"السامرة"
التهديد: ثورة شعبية وأعمال إخلال بالنظام واسعة في غياب افق سياسي وفي ضوء المصالحة بين "فتح" و"حماس".
من جهة اخرى: أبو مازن غير معني بانتفاضة ثالثة.
غزة
التهديد: الهدوء السائد منذ حملة "عامود السحاب" قد يتحطم في كل لحظة.
من جهة اخرى: المصريون يبذلون جهودا لمنع تهريب وسائل القتال من السودان ومن ليبيا.
مصر/سيناء
التهديد: "الجهاد العالمي" في سيناء يتعزز، وثمة تطرف ديني في أوساط البدو في سيناء.
من جهة اخرى: رغم الثورة، الجيش المصري لا يشكل في هذه اللحظة تهديدا.
التحديات
• انعدام الاستقرار.
• تعزز الإسلام.
• الحسم حيال إيران.