دراسة: المهاجرون الروس إلى إسرائيل أجّجوا التطرف والعنصرية

 تل أبيب:  «المهاجرون الروس إلى إسرائيل غيّروا وجه المجتمع الإسرائيلي والشرق الأوسط برمّته». هذا ما تقوله الباحثة المتخصصة في دراسة «الهجرة الروسية» إلى إسرائيل في بداية تسعينيات القرن الماضي التي حملت إليها نحو مليون من يهود الاتحاد السوفياتي السابق الصحافية نيلي غليلي في كتابها «المليون الذي غيّر الشرق الأوسط».

وتشير الكاتبة إلى أن «الروس» الذين يشكلون 15 في المئة من عدد سكان إسرائيل نجحوا بسرعة في العقدين الأخيرين في أخذ دورهم في دائرة صنع القرار، بدءاً بعملية السلام مروراً بالحروب وأيضاً في قضايا الاقتصاد والسياسية واحتلالهم مناصب رفيعة في الحكومة،»وكان لهم تأثير بالغ إيجاباً وسلباً». كما توقفت عند ما وصفته «مساهمة الروس في تأجيج التطرف والعنصرية المستشريين في المجتمع الإسرائيلي برمته الذي تأثر بهم وأصبح يمينياً أكثر من خلال مساهمتهم في الإجراءات المناوئة للديموقراطية التي تنال من حقوق العرب على وجه خاص».

واستذكرت الكاتبة سعي إسرائيل إلى استقدام «الروس» لاعتبارات ديموغرافية ضد المواطنين العرب، ولفتت إلى أن القيادات النخبوية العلمانية والأشكنازية رحبت بهم على أساس أنهم «بِيض وعلمانيون ومثقفون» ما ساهم في انخراطهم في حياة المجتمع الإسرائيلي ومنحهم أفضلية على المهاجرين من أثيوبيا وحتى على الشرقيين الذين سبقوهم إلى إسرائيل بعشرات السنين، خصوصاً في السلك الأكاديمي والتكنولوجيا الحديثة.

في المقابل لم ترحب قطاعات واسعة بقدوم الروس، مثل اليهود المتزمتين (الحرديم) الذين شككوا في «يهودية» الروس، والعرب الذين خافوا فقدان أماكن عمل ومصادرة أراضيهم لتوطينهم (وهذا ما حصل)». وتضيف أنه في مرحلة متقدمة أدارت المؤسسة ظهرها للروس وفجأة انتشرت أخبار عن «مافيا روسية» و «بائعات هوى» وشهادات جامعية مزورة، «ما خلق حالة من الكراهية الشعبية ضدهم».

وتتابع الكاتبة أن اليسار العلماني توقع أن يصبح المهاجرون العلمانيون حلفاء له في حربه ضد المتدينين والحرديم، «لكن سرعان ما خاب أمله» إذ تبين أن الروس يعارضون بشدة اتفاقات أوسلو وقادوا الحملة ضد أي اتفاق مع سوريا يقضي بالانسحاب من الجولان، «وهكذا وجد قادتهم في ليكود الحليف المرجو ومذاك الوقت تعزز هذا التحالف، حتى أن «ليكود» و «إسرائيل بيتنا» خاضا الانتخابات الأخيرة في قائمة مشتركة.

وترى غليلي أن الروس «وسّعوا المعسكر القومي العلماني وجاؤوا برؤية مختلفة حول شرعية استخدام القوة وبمقاربة مختلفة عن تلك التي تعتبر الديموقراطية قيمة عليا». وتضيف أنهم نجحوا في «تحويل الكمّ إلى جوهر»، فحققوا خلال 20 عاماً ما لم يحققه الشرقيون في 50 عاماً. وتقتبس أقوالاً للنائب السابق يوري شتيرن: «جئنا لنقود الدولة... جئنا لنقرر». وتضيف: «اليوم يتحدث الروس عن سيطرة ليبرمان على ليكود، إنهم يرون فيه الزعيم القومي القادم». وتشير إلى أن ليبرمان تحالف مع «ليكود» لإدراكه بأنه «فقط عبر تحالف مع الجذور التي يمثلها ليكود ويفتقر إليها المهاجرون يمكن أن يصبح زعيماً للمعسكر القومي كله».

ويرى نائب وزير الخارجية الروسي المولد زئيف ألكين في نفسه رئيس حكومة في المستقبل ويقول بصراحة إن اللغة الروسية التي ينطق بها هي ذخر، والطاقية الدينية على رأسه هي ذخر أيضاً، «والجمع بينهما لن يكون عثرة في الطريق إنما يمنحني أفضلية».