أبو مازن يضغط قبيل زيارة أوباما

 

بقلم: عمير ربابورت

يلوح بعض القلق على وجه الضباط في هيئة الاركان العامة: فعلى مدى أكثر من أربع سنوات دحرت قضايا "المناطق" الى أسفل قائمة التقارير اليومية. وكان هدف قيادة المنطقة الوسطى الحرص على رعاية الهدوء في "المناطق" ليركز الجيش الاسرائيلي على الجبهات الاكثر اشتعالا: الحدود المصرية، الحدود الشمالية، وبالطبع ايران.

ليس بعد اليوم. لقد أدت أحداث الايام الاخيرة، أول من امس، أيضا الى أن يبدأ اليوم بالتقرير الميداني: ما هو حجم الاضطرابات على خلفية اضراب المعتقلين الفلسطينيين عن الطعام، ولا سيما على خلفية وفاة معتقل (بنوبة قلبية) في نهاية الاسبوع.

الحقيقة هي أنه رغم أن الاحداث ضخمت في وسائل الاعلام في اليومين الاخيرين (بعد أن كادت وسائل الاعلام الاسرائيلية قبل ذلك تتجاهل الاضطرابات في الميدان) فان حجم الاضطرابات لا يزال بعيدا عن أن يذكر باحداث الانتفاضتين، الاولى والثانية. ومع ذلك فان امكانية مواصلة التصعيد هائلة. يكفي أن يموت أحد المعتقلين المضربين عن الطعام كي يؤدي الى احتدام فوري للوضع. كما أن عمليات الارهاب من جانب اليهود في "المناطق" (تلك التي تسمى "شارة الثمن") من شأنها أن تصب الزيت على النار.

يوجد فارق كبير بين ما يحصل اليوم وبين الفترة التي أدت الى اندلاع الانتفاضة الثانية (ايلول 2000) في حينه كان يسيطر في السلطة الفلسطينية ياسر عرفات، الذي اشعل اللهيب ولم يكن معنيا حقا بالسيطرة عليه. أما الرئيس الحالي، ابو مازن، فبالذات يعارض "الارهاب"، وينقل رسالة واضحة في هذا الشأن لقوات الأمن الفلسطينية.

أم المسائل هي ماذا يريد أبو مازن وكيف سيتصرف الجيش الاسرائيلي. وصحيح حتى الان، يبدو أن ابو مازن يريد أن يوجه هياج جمهوره، عقب الجمود السياسي وعدم دفع السلطة للرواتب، نحو اسرائيل، بتأثير موجة الاحتجاج العامة في الشرق الاوط. وهو لا يزال يؤمن بالطريق السياسي، ولكن جمهوره لديه اسباب وجيهة للاعتقاد بانه بالذات طريق كفاح "حماس" هو الذي يؤدي الى الانجازات الاكبر ("حماس" نجحت في الوصول الى انجازات ذات مغزى في الرؤية الفلسطينية، من خلال اختطاف جلعاد شاليت واطلاق النار على تل أبيب في "عامود السحاب"). ومن المناسب لابو مازن بعض الضغط من الشارع قبيل زيارة براك اوباما، ولكن ليس أكثر من ذلك.

لو كان الامر منوطا بالجيش الاسرائيلي لاوصى بتحرير أموال السلطة المحتجزة في اسرائيل منذ توجه الفلسطينيون للاعتراف بهم كدولة في الامم المتحدة، وذلك للسماح بدفع الرواتب، وأولا وقبل كل شيء للشرطة، وتخفيض مستوى الضغط. الكثيرون في الجيش الاسرائيلي كانوا سيوصون ايضا بمزيد من البادرات الطيبة تجاه السلطة، بما في ذلك تحرير سجناء قبل زيارة اوباما، ولكن مثل هذه القرارات منوطة بالقيادة السياسية.

في هذه الاثناء سيحاول الجيش الاسرائيلي احتواء الاحداث. وهو سيستخدم اقل ما يكون من السلاح ويأمل في ان تنجح المخابرات والشرطة في اعتقال رجال الارهاب اليهودي الذين يسخنون الميدان عمدا. وفي الجيش الاسرائيلي اتخذ قبل عدة اسابيع قرار بالاستعداد لانتفاضة ثالثة. الاستعدادات، التي تتضمن اساسا تدريبات وتسلحا بالسلاح الاقل فتكا، ستنتهي في نهاية اذار، مع حلول "يوم الارض" وسلسلة "ايام الغضب" الاخرى.

في الجيش والمخابرات الاسرائيلية ليسوا واثقين من أن لدى الجمهور الفلسطيني ما يكفي من الطاقة المتراكمة لاشعال الانتفاضة الثالثة واستدامتها لزمن طويل. والامل هو أن ينتهي اضراب السجناء دون موت احد من المحتجزين وان تخبو الاضطرابات في غضون أيام أو أسابيع. من غير المستعد أن يحصل العكس بالضبط.