شارون أخطأ، شارون أصاب!

 

بقلم: أمنون لورد

قنبلة تقرير لجنة التحقيق في مذبحة صبرا وشاتيلا وضعت أمام حكومة بيغن في بداية شباط 1983. من الصعب التفكير في دراما أكبر من تلك التي بحث فيها الوزراء كل تعقيدات التقرير ومعانيه، حين كان الشارع في الخارج يغلي، وفي غضون البحث يصل التقرير عن قتيل وجرحى.

كان أحد نجوم البحث بلا شك الوزير يوسف بورغ الراحل، الذي تحدث في الأيام التي سبقت النقاش، عن اجواء الانقلاب. وفي وسائل الإعلام فسروا ذلك كقول ضد وزير الدفاع آريئيل شارون. في إحدى ذرى البحث قال د. بورغ انه ليس بينه وبين شارون حساب شخصي، ولكنه ادعى بأنه "نشأت أجواء تزلف للشعب وللانقلاب". ومن أقوال بورغ يمكن أن نفهم بان شارون بالذات، بتفسيره المبالغ فيه لاستنتاجات تقرير كهان، فهم إلى أين تؤدي. بورغ يلمح بصعود النازية في ألمانيا، شارون يرى الاتهام بالجرائم ضد الإنسانية. ليس واضحا من في خريف 1982 وفي شتاء 1983 خلق أجواء غليان الشارع. هل كانت هذه حركة "السلام الآن" هي التي خلقت وضعا يدور فيه البحث الجماهيري والبحث الحكومي في التقرير تحت ضغط لا يطاق تقريبا، أو أجواء الرفض والانتفاضة التي بثها وزير الدفاع شارون؟

النهج المتفائل الساذج، الذي مال إليه الكثير من الإسرائيليين في ذلك الوقت، عبر عنه الوزير دافيد ليفي: "بتشكيلها اللجنة أعطت الحكومة تعبيرا عن تصميمها وإرادتها للوصول إلى تقصي الحقيقة. وهكذا عبرت عن قوة وحصانة الديمقراطية الإسرائيلية... فصول كاملة أضيفت من أجل تحسين صورة دولة إسرائيل وطهارة سلاح الجيش الإسرائيلي".

البحث الذي دار في الحكومة حول قبول التوصيات، لماذا وكم، لم يعد مثيرا للاهتمام. ما هو مثير بالفعل للاهتمام هو رؤية إلى أين تدحرجت رواية المذبحة في صبرا وشاتيلا في وعي العالم الذي تغذى بالدعاية الفلسطينية ومن محافل سياسية في الأسرة الدولية. في هذه النقطة ينبغي القول ان إريئيل شارون كان محقا في تقديراته: "بالنسبة للاستنتاجات... يخيل لي الأخطر على إسرائيل والشعب اليهودي بأسره. في صفحة 73 تقول اللجنة إن المسؤولية غير المباشرة تقع على عاتق إسرائيل عما جرى في مخيمي اللاجئين... دولة إسرائيل (مسؤولية) وليس فقط حكومة إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي أو المتسلمين للمناصب". شارون يستخدم تعبير "إبادة شعب" ويدعي: "سيأتي كارهونا وقد يدعون... بان ما نفذ في المخيمين هو إبادة شعب، حسب القانون الإسرائيلي...".

حاول خبراء القانون في الحكومة وبالأساس وزير العدل موشيه نسيم والمستشار القانوني للحكومة اسحق زمير، إيقاف شارون عند خطئه. وكانوا محقين. ولكن المذبحة التي ارتكبتها الكتائب في صبرا وشاتيلا تعتبر اليوم جزءا من الرواية الفلسطينية التي تتحدث عن قتل شعب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتكبتها إسرائيل في لبنان. كل من كان على وجه الكرة الأرضية بين العام 2000 وحتى "عمود السحاب" في تشرين الثاني 2012 يفهم بأنه من ناحية الإعلام العالمي والمنظمات الدولية المختلفة، كل رصاصة أطلقت من سلاح إسرائيلي باتت موضوعا للتحقيق سواء أكانت هذه جريمة حرب أم لا.

من التقى بالنائب العسكري العام السابق أفيحاي مندلبليت يشهد بأن هذا النهج استوعب بقدر كبير من الجهاز القضائي الإسرائيلي، بما في ذلك الجهاز العسكري. من يقرأ التقرير نفسه يمكنه أن يتبين إلى أي معمعان قضائي دخلنا منذ صياغته. وهذا تقرير متوازن، وكان الشخصية الأساسية في صياغته الرئيس المتقاعد المتزن أهرون باراك. اللجنة تقبل كمعطى انه في وضع الحرب يصاب "شيوخ، نساء وأطفال". ولكن حقيقة أن شارون فهم على نحو سليم أن الأمور ستتدحرج، لا تعفيه من أحد الأخطاء الإستراتيجية والسياسية الكبرى في تاريخ الدولة. حرب لبنان الأولى، التي كانت ذروتها المذبحة في المخيمين، خلقت صدعا في الشعب وأصبحت خطا فاصلا في علاقة الأسرة الدولية بإسرائيل.