سجون لبنان.. "براميل بارود"

 

بيروت: تُجمع المصادر السياسية والقضائية والأمنية في لبنان على أن أزمة السجون اللبنانية باتت "أشبه ببرميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة"، وأن الحلّ الحاسم لهذا الملف يحتاج أموالا طائلة تعجز خزينة الدولة حاليا عن توفيرها، معتبرة أن القضية ليست ضمن أولويات السلطة "الغارقة في ملفات سياسية واقتصادية شائكة"، بحسب ما ذكرت وكالة "الأناضول" للأنباء.

وبحسب قول مسئول أمني معني بقضية السجون، فإن "ملف السجون له ثلاثة أبعاد، أولها البعد السياسي والقانوني، الذي بدأ بنقل إدارة السجون من عهدة وزارة الداخلية إلى العدل، رغم أن الأخيرة لم يتوفر لديها حتى الآن الكوادر البشرية والتنظيمية لمعالجة هذا الملف، وكذلك عدم توافر الجهاز المتخصص في إدارة السجون من الداخل، إذ يقتصر دور الأمن على حماية المباني من الخارج، وتوفير المواكبة عند نقل السجناء من السجون إلى المحاكم".

والبعد الثاني، وفقا للمصدر، هو بعد "أمني"، حيث إن "عدد عناصر الأمن المكلفة بإدارة السجون من الداخل وحمايتها من الخارج، وتولي نقل السجناء من أماكن التوقيف إلى قصور العدل والمحاكم، أقل من الأعداد المطلوبة لمثل هذه المهمات الخطيرة".

أما البعد الأخير، فهو "بعد لوجستي وتقني لا تتوافر مواصفاته بالحدود الدنيا، فسجون لبنان، بما فيها سجن (روميه) المركزي، لا تتمتع بالمواصفات التي تتمتع بها سجون الدول المتقدمة، أو حتى تلك الموجودة ببعض الدول العربية، مثل دول الخليج"، بحسب المصدر.

ويشير المصدر الذي رفض نشر اسمه لحساسية منصبه إلى أن "أحدث سجن في لبنان هو سجن روميه الذي يزيد عمره عن خمسين، وهو أكبر سجن لبناني، جرى بناؤه ليستوعب 1200 سجين وموقوف كحدٍ أقصى، لكن نزلاؤه اليوم يزيد عددهم عن الأربعة آلاف". ويوجد في لبنان قرابة 22 سجنا.

ويمضى قائلا إن "هذا السجن أفضل حالاً من بقية السجون الموجودة في الشمال والجنوب والبقاع، إذ  تفتقر، في معظمها، للشروط الصحية والعامل الإصلاحي للسجين المعني بتحويله من عالة على المجتمع إلى إنسان منتج صالح للتأقلم مع محيطه بعد خروجه من السجن".

ويحذر من أن "الاكتظاظ في سجن روميه والاضطرار لوضع أعداد كبيرة من الموقوفين والمحكومين في زنزانة واحدة يشجع هؤلاء على تشكيل خلايا تمرد، ترفض أحيانا تنفيذ تعليمات العناصر الأمنية المكلفة بحمايتهم".

ويختلف القاضي عمر الناطور المدير العام لوزارة العدل مع سابقه قائلا في تصريح لـ"الأناضول"، أن "الخطوة الأولى لإصلاح السجون بدأت بنقل مسؤوليتها إلى عهدة وزارة العدل".

الناطور يوضح أن "الوزارة شكلت لجنة من القضاة لدراسة ملف السجون، واطلعت على الخبرات الأمريكية والفرنسية، لنقلها للبنان، وإن استغرق الأمر بعض الوقت".

ويقدم رياض أبو غيدا قاضي التحقيق العسكري الأول بلبنان مقاربة مختلفة عن المعالجات المطروحة، انطلاقاً من تجربته القضائية والتحقيقات التي أجراها في ملفات فرار سجناء كثر من سجن روميه، واطلاعه المباشر على معالجات متقدمة، في أستراليا وبريطانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا ودول عربية، حوّلت السجون إلى منشآت استثمارية ذات مردود مالي واقتصادي على المستثمر وعلى السجين أيضا.

 

حرره: 
ا.ش