وسـائـل الإعـلام تـهـدد أمـن إسـرائـيـل

 

بقلم: اسرائيل هرئيل

صدرَ أوجزُ تلخيص حتى الآن لقضية بن زغيير عن وورن ريد، رجل "الشاباك" الاسترالي: "يدور الحديث بالضرورة عن تجسس وخيانة ومعلومة شديدة الحساسية إذا عرفها الآخرون فستكون تهديدا أمنيا مباشرا لاسرائيل". إن من لا يشمت بـ "الموساد" حينما تقع لديه اخفاقات وكوارث يجب ان يحكم هو ايضا على القضية – إلى ان تتضح الحقيقة – بهدي من هذا الكلام الموزون.

لكن ما يقوله استرالي بعيد لا يقبله عدد من اعضاء الكنيست وجهات مهمة في وسائل الاعلام الاسرائيلية. أجل لا يمكن في أيامنا إسكات قضية حتى لو كان الكشف عنها "تهديدا أمنيا مباشرا لاسرائيل" (أوربما بسبب كونها خاصة "تهديداً مباشراً لإسرائيل" لا يمكن إسكاتها). اجل حينما توجد وسائل اتصال بديلة كثيرة جداً فلا أمل – حتى لو كان الحديث يدور عن "تجسس وخيانة ومعلومة شديدة الحساسية" – في أن يُطلب إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية الامتناع عن تناول القضية الخفية. ولا سيما حينما يكون الطالب ديوان رئيس الوزراء، أي بنيامين نتنياهو، المسؤول عن الاجهزة السرية في الفترة التي حدث فيها ما حدث.

لا شك للبتة في ان "الموساد" ليس أقل علما من الصحافيين الذين يسخرون منه لطلب الامتناع عن النشر، لأنه لا يمكن في أيامنا اخفاء معلومات. ومن المؤكد ان سيد الاتصال رئيس الوزراء يعلم هذا. ومع كل ذلك ولاسباب ستتضح بيقين (لأنه لا يمكن في أيامنا كما قال الصحافيون اخفاء شيء) توسل الى محرري الصحف يقول: لا تؤججوا النار.

لماذا لا يُستجاب ولو مدة قصيرة فقط لهذا الإلحاح؟ لأنه إذا تبين أن هذا الطلب قُدم بذعر كبير جداً وانه يُستغل لغير المصلحة لاسباب لا تتصل بالأمن القومي فسيكون من الممكن دائما محاسبة من يستعملون الأمن القومي عبثا.

حينما تبحث وسائل الاعلام هي نفسها في أن الرقابة تسلبها "حرية التعبير" فانها تبلغ ذروة نفاقها. إن طلب الانضباط وتدخل الرقابة نبعا من تأثيرات سياسية وأمنية متشعبة وربما من تأثيرات في حياة مرسَلي اسرائيل. وقعت في الماضي وقائع استُغلت فيها هذه الطلبات لطمس قضايا، وليس الامر كذلك في السنوات الاخيرة. لأنه يصعب أن نصدق أنه في أيامنا ولا سيما منذ وقعت قضية الخط 300، أصبح يخطر ببال جهاز الامن ورئيس الوزراء ان يُخفوا القضية المتحدث فيها لغير اسباب أمنية واضحة حساسة ومن غير تأييد قضائي. لأن هذه الامور لا يمكن إخفاؤها زمنا طويلا. واذا تم شيء على غير مقتضى القانون فسيوجد من يطالبون بالمحاسبة، ولن يكون أحد منيعاً.

ستُعلم التفصيلات في شبه يقين إما بلجنة تحقيق وإما بطريقة اخرى. واذا وجد من فسدوا فسيعاقبون. لكن يمكن الآن أن نُفرق بين من يألمون لألم "الموساد" في الايام الصعبة التي تمر عليه وبين الذين يردون في شماتة؛ وبين من يسعون وراء الحقيقة من اجل الاصلاح وتقوية هذا الجسم الحيوي، وبين من ينبشون في القضية لاضعاف "الموساد" وإحداث خلاف بين دولة اسرائيل ودول صديقة واستغلال قوة الأمواج الارتدادية "في هذه الفرصة الاحتفالية" للاضرار بالمستوى السياسي الذي يكرهونه.