الرؤية الأميركية لإحلال السلام تنطلق من استنتاج "خاطئ"

بقلم: غيورا ايلند

يعدّ وزير الخارجية الأميركي الجديد، جون كيري، بالوصول الى منطقتنا في محاولة لدفع التسوية السلمية الاسرائيلية – الفلسطينية الى الامام. وعد الرئيس اوباما بالوصول هو أيضا الى اسرائيل قريبا ريح إسناد لهذه المبادرة. من المذهل أن نرى النمط الثابت ذاته في السياسة الأميركية منذ عشرين سنة. كل ادارة جديدة تعود لتخلق توقعات بالنسبة لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. وهي تفعل ذلك دون ان تكون هناك مسيرة حقيقية لإعادة التقويم، مسيرة بدايتها التصدي للسؤال الاساس: لماذا فشلت هذه المساعي حتى الان؟ 
ينشأ انطباع بان التفكير الأميركي يجري حسب السياق التالي: توجد مشكلة (النزاع) ولهذا يجب ان يكون هناك حل. ما هو الحل؟ دولتان. لماذا لم يتحقق هذا الحل حتى الان؟ يبدو أننا لم نجتهد بما يكفي. ما هو الاستنتاج؟ نجتهد أكثر. 
الاستنتاج الأميركي بالطبع خاطئ. فالحل لم يتحقق حتى الان لان الطرفين لا يريدانه حقا. بالنسبة للطرفين فان ثمن تبني الحل اكبر بكثير من منفعته. من ناحية اسرائيل يوجد ثمنان غير ممكنين، او على الاقل غير مجديين: الخطر الامني الهائل الذي ينطوي عليه الانسحاب الى خطوط 67، الى جانب عدم الثقة في أن ينفذ الطرف الاخر وعوده. المشكلة ليست فقط "التنازلات الاليمة"، بل الخوف من أن يصعد بعد التنازل في الضفة حكم "حماس" أو حكم آخر اسوأ منه، ببساطة لا ينفذ تعهداته في الاتفاق. الثمن الثاني هو الحاجة الى اخلاء 120 ألف اسرائيلي على الاقل. الثمن السياسي، الاجتماعي، والاقتصادي هائل. فكلفة التعويض المباشرة للسكان وحدها نحو 120 مليار شيكل! من أين سيأتي المال وماذا بالنسبة للطرف الفلسطيني؟ 
توجد فرضية أميركية تبدو منطقية، ولكنها خاطئة تماما. فحسب هذه الفرضية يوجد تماثل بين أمرين: الاول الرغبة الفلسطينية في التخلص من "الاحتلال". الثاني: رغبتهم في اقامة دولة صغيرة خاصة بهم في الضفة وغزة. القسم الاول حقيقي وصحيح. القسم الثاني – تماما لا. 
الفكرة الفلسطينية الاصيلة لم تكن أبدا اقامة دولة صغيرة خاصة بهم، وهي ليست هكذا اليوم أيضا. فالفلسطينيون يريدون "العدل"، الثأر، الاعتراف بكونهم ضحايا، وفوق كل شيء "حق العودة". لا توجد أمنية فلسطينية حقيقية لإقامة دولة صغيرة ومنفصلة، ولهذا لا يوجد أيضا استعداد لدفع ثمن لقاء ذلك: الالتزام باعلان نهاية النزاع، انعدام المطالب في المستقبل، والاعتراف بأن إسرائيل دولة يهودية. عندما تكون الإرادة غير حقيقية فلن يكون هناك استعداد فلسطيني لـ "تنازلات أليمة"، وهو الامر الضروري إذا كان يراد تحقيق السلام. 
إذاً، ما العمل؟ من ناحية الأميركيين، كان مرغوبا فيه أن يجروا اعادة تقويم حقيقية. وتقويم كهذا يستدعي السير عدة خطوات الى الوراء والفحص الجذري للفرضيات الاساس. الفرضية الاهم التي يجب فحصها من جديد هي "خريطة المصالح" – ما المهم حقاً للاعبين المختلفين: اسرائيل، السلطة الفلسطينية، "حماس"، مصر، الأردن، السعودية وغيرها. حتى لو كان من المهم جداً حل النزاع، إلا أنه يجب الفحص هل حل "الدولتين" هو الوحيد ولا يوجد غيره. برأي الكثيرين هذا حل سيئ كونه توجد له طبيعة "لعبة محصلتها صفر". فهل ثمة ربما حلول اخرى؟
من ناحية اسرائيل، من الواضح أنه اذا اصرت الولايات المتحدة على استمرار نموذج التفكير القديم، فان كل ما يتبقى هو المشاركة في اللعبة: الموافقة على العودة الى المفاوضات دون شروط مسبقة والمعرفة بان وجود مسيرة سلمية هو أمر مرغوب فيه. فهل ستؤدي المسيرة الى السلام؟ يبدو أن لا، ولكن هذا أقل أهمية. المهم ألا يتهمونا. 

عن "يديعوت"

حرره: 
ز.م