تفاصيل المشروعين الأميركي والروسي المطروحين على مجلس الأمن

تفاصيل المشروعين الأميركي والروسي المطروحين على مجلس الأمن

زمن برس، فلسطين:  استبعدت سفيرة غانا للأمم المتحدة، كارولين رودريغوز بيركيت، في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" أن يصوت مجلس الأمن الدولي قبل الأسبوع القادم على أي من مشروعي القرار (الأميركي والروسي) حول غزة ووقف إطلاق النار. ويشار أن غانا إحدى الدول العشر غير دائمة العضوية في المجلس في دورته الحالية. وكانت الولايات المتحدة قد وزعت مسودة أولية قبل قرابة الأسبوعين على الدول الأعضاء في المجلس تتعلق بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووقف إطلاق النار والاتفاقيات المختلفة، ووصل عدد المسودات الأميركية المعدلة إلى ثلاثة. ويبدو أن المفاوضات مع الدول الأعضاء، خاصة روسيا والصين، وصلت إلى طريق "مسدود" حالياً بحيث وزع الجانب الروسي مسودة خاصة به. وجزء من الاعتراضات الروسية والصينية، بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، يتعلق بـ"مجلس السلام" وتفاصيل أخرى.

ما بين المشروع الروسي والأميركي حول غزة

ومن اللافت أن الجانب الأميركي يحاول أن يستبق النقاشات المفتوحة التي من المتوقع أن تجري عند التصويت على المسودة/ ات (لم يحدد موعد رسمي بعد) داخل المجلس. حيث أصدر عدداً من البيانات حول مسودته والنقاشات، وهي خطوة نادرة (وإن كانت ليست المرة الأولى) أن تصدر دولة تتفاوض على مسودة مشروع عدداً من البيانات الرسمية حول المفاوضات أو المسودة، آخرها كان البيان الصادر مساء اليوم باسم عدد من الدول ووصل إلى مكتب "العربي الجديد" في نيويورك عن طريق البعثة الأميركية للأمم المتحدة.

وحمل البيان عنوان "بيان مشترك بشأن قرار مجلس الأمن الدولي بشأن غزة " وورد فيه "تُعرب الولايات المتحدة الأميركية وقطر ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا، عن دعمها المشترك لقرار مجلس الأمن قيد النظر حالياً، والذي صاغته الولايات المتحدة بعد التشاور والتعاون مع أعضاء المجلس وشركائه في المنطقة. ويُؤيد (مشروع) القرار الخطة الشاملة التاريخية لإنهاء الصراع في غزة، المُعلن عنها في 29 سبتمبر/أيلول، ويُحتفل بها ويُصادق عليها في شرم الشيخ. نُصدر هذا البيان بصفتنا الدول الأعضاء التي اجتمعت خلال الأسبوع رفيع المستوى لبدء هذه العملية، التي تُمهد الطريق لتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية. ونؤكد أن هذا جهدٌ صادق، وأن الخطة تُوفر مسارًا عمليًّا نحو السلام والاستقرار، ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بل للمنطقة بأسرها. نتطلع إلى اعتماد هذا القرار سريعاً".

ومن اللافت أن البيان المذكور آنفاً عام ولا يدخل في تفاصيل المشروع، خاصة تلك التي عليها خلافات واعتراضات روسية وصينية وحتى اعتراضات من دول عربية.

المسودة الروسية

ووزعت روسيا، مساء الخميس، على الدول الأعضاء مسودة خاصة بها (المسودة الأولى) من أجل التفاوض حولها. واطلعت مراسلة "العربي الجديد" على المسودة الروسية المسربة التي جاءت مختصرة وفي صفحة واحدة، وتشير في بدايتها إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومن بينها قرار الجمعية العامة الذي "أيد إعلان نيويورك بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين" مع الإشارة كذلك إلى الجهود "الدبلوماسية، بما في ذلك تلك التي تبذلها مصر وقطر وجمهورية تركيا والولايات المتحدة".

وتنص الفقرة الأولى العاملة للمشروع على ترحيب مجلس الأمن "بالمبادرة التي أدت إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإفراج عن الرهائن والمعتقلين، فضلاً عن استئناف تدفق المساعدات الإنسانية، التي تحققت نتيجة للخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة المؤرخة 29 سبتمبر/أيلول 2025. ويدعو أطراف الصراع، بالتنسيق مع الدول الأعضاء ذات الصلة وبتسهيل من الأمم المتحدة، إلى تحديد الخطوات العملية لضمان مواصلة تنفيذها". وفي الفقرة الثانية "يُطلب من الأمين العام أن يحدد الخيارات الكفيلة بتنفيذ أحكام الخطة الشاملة المذكورة أعلاه بفعالية وأن يقدم على وجه السرعة تقريراً بهذا الشأن إلى مجلس الأمن، بما في ذلك بشأن خيارات نشر قوة دولية لتثبيت الاستقرار في قطاع غزة".

كما تؤكد المسودة الروسية  "ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في قطاع غزة والذي ينبغي أن يؤدي إلى وقف شامل ودائم للأعمال العدائية، ويؤكد أهمية امتثال جميع الأطراف لالتزاماتها، بما في ذلك في ما يتعلق بحماية المدنيين،" ويطالب المشروع "بالوصول الإنساني الكامل والسريع والآمن وغير المعوق، في المقام الأول بالنسبة للوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وشركائها التنفيذيين، لتسهيل توفير السلع والخدمات بشكل مستمر وكافٍ ومن دون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة، وتمكين المزيد من الجهود الدولية الشاملة لإعادة الإعمار والتأهيل". كما يرفض المشروع "أي محاولة للتغيير الديمغرافي أو الإقليمي في قطاع غزة، بما في ذلك أي إجراءات من شأنها تقليص مساحة قطاع غزة".

ويؤكد التزام مجلس الأمن "الثابت برؤية حل الدولتين حيث تعيش دولتان ديمقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنبًا إلى جنب في سلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ويشدد في هذا الصدد على أهمية وحدة قطاع غزة والضفة الغربية وتواصلهما الإقليمي تحت سلطة السلطة الفلسطينية". ومن اللافت أن المشروع الروسي يحاول أن يعيد الكرة وبعض السيطرة لملعب الأمم المتحدة خاصة في ما يتعلق "بخيارات نشر قوة دولية" و "مجلس السلام" كما لا يذكر المشروع الروسي ترامب بالاسم في ما يخص الخطة الأميركية ذات العشرين نقطة لكنه يشير إليها بوضوح.

مسودات المشاريع الأميركية

على الرغم من التغييرات المختلفة التي طرأت على المسودات الأميركية (الأولى إلى الثالثة واطلعت مراسلة "العربي الجديد" على نسخ مسربة منها) والأخذ بعين الاعتبار لبعض النقاط التي تعطي دوراً أكبر للجانب الفلسطيني، إلا أن بعض الاعتراضات التي تتعلق بـ "ضبابية" اللغة وعدم وضوح التفاصيل ما زالت قائمة. كما أنها لا تعطي أي دور للمجلس أو الأمم المتحدة حول "مجلس السلام" و"قوة الاستقرار" وتفاصيل تشكيلها لتبقى الكرة في ملعب الولايات المتحدة بشكل رئيسي (وحليفتها إسرائيل) مع رغبة في حصول على "ختم مجلس الأمن" من دون أن تعطيه الإمكانية للمحاسبة والنظر في التفاصيل أو اتخاذ قرار حولها. كما تهمش بشكل غير مباشر دور السلطة الفلسطينية، فضلاً عن أنها لا تأخذ بعين الاعتبار المطالب الصينية الروسية (حتى اللحظة بحسب مصدر دبلوماسي مطلع) والتي طالبت بحذف الإشارة إلى "مجلس السلام" خوفاً من أن ذلك سيزيد من تهميش السلطة الفلسطينية.

وفي المسودة الثالثة أضافت الولايات المتحدة إشارة (لم تكن موجودة في المسودة الأولى) إلى "مسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة " لكن اللافت أن ذلك يأتي بشكل مشروط من دون خط زمني محدد وتستخدم عبارة "قد تتهيأ الظروف أخيرًا لمسارٍ موثوقٍ نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة " ويبقى السؤال من يقرر متى تتهيأ تلك الظروف؟

أما النص الكامل لتلك الفقرة في المسودة الأميركية (الثالثة) فجاء كالتالي: "يرحب (مجلس الأمن) بإنشاء مجلس السلام كإدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية من شأنها أن تضع الإطار وتنسق التمويل لإعادة تطوير غزة وفقاً للخطة الشاملة، وبطريقة تتفق مع المبادئ القانونية الدولية ذات الصلة، إلى أن تتمكن السلطة الفلسطينية من إكمال برنامجها الإصلاحي بشكل مرضٍ، كما هو موضح في المقترحات المختلفة، بما في ذلك خطة السلام التي وضعها الرئيس ترامب في عام 2020 والمقترح السعودي الفرنسي، ويمكنها استعادة السيطرة على غزة بشكل آمن وفعال. بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة، وإحراز تقدم في إعادة تنمية غزة، قد تتهيأ الظروف أخيرًا لمسارٍ موثوقٍ نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة. وستُطلق الولايات المتحدة حوارًا بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر".

وتؤكد المسودة الأميركية أهمية إدخال المساعدات وتعطي كذلك دوراً للأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى من دون أن تعطيها إمكانية إدخالها بحرية ومن دون شروط وبحسب الحاجة، بل تجعل إدخالها بالتنسيق مع "مجلس السلام". ومن اللافت في هذا السياق أن النسخة الثالثة حذفت جملة شملتها المسودات الأميركية السابقة، ويبدو أنها كانت تقصد أونروا من دون أن تسميها، مفادها أنه لن يسمح أن يكون توزيع تلك المساعدات على يد منظمة تحولها إلى الجماعات المسلحة في غزة. وهو ادعاء إسرائيلي تدعمه الولايات المتحدة ولم يثبت صحته.

وجاءت المسودة الأميركية الثالثة في ست صفحات وشملت ملحقاً فيه النقاط العشرون للرئيس ترامب حول الاتفاقية. وبالإضافة إلى ما ذكر أعلاه من أبرز ما جاء في المسودة الثالثة للمشروع الأميركي نصه على أن مجلس الأمن يجيز للدول الأعضاء المشاركة في "مجلس السلام" ولـ"مجلس السلام" أن (1) يقوم بـ "تنفيذ إدارة حوكمة انتقالية، بما في ذلك الإشراف على لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية من الفلسطينيين الأكفاء من القطاع ودعمها، كما تدعمها جامعة الدول العربية، والتي ستكون مسؤولة عن العمليات اليومية للخدمة المدنية والإدارة في غزة؛ (2) إعادة إعمار غزة وبرامج الإنعاش الاقتصادي؛ (3) تنسيق ودعم وتقديم الخدمات العامة والمساعدات الإنسانية في غزة؛ (4) أي تدابير لتسهيل حركة الأشخاص داخل وخارج غزة، بطريقة تتفق مع الخطة الشاملة؛ و(5) أي مهام إضافية قد تكون ضرورية لدعم وتنفيذ الخطة الشاملة".

كما تدعو المسودة البنك الدولي والمؤسسات المالية الأخرى إلى "تسهيل وتوفير الموارد المالية لدعم إعادة إعمار غزة وتنميتها، بما في ذلك من خلال إنشاء صندوق استئماني مخصص لهذا الغرض ويديره المانحون". كما تنص على أن مجلس الأمن يسمح للدول الأعضاء التي تعمل مع "مجلس السلام" ولـ"مجلس السلام" بـ"إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة في غزة للانتشار تحت قيادة موحدة مقبولة على مجلس السلام، مع مساهمة الدول المشاركة بقوات، بالتشاور والتعاون الوثيق مع جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل، واستخدام جميع التدابير اللازمة للاضطلاع بولايتها بما يتفق مع القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي".

وتتابع الفقرة بأن قوة الاستقرار الدولية سوف تعمل مع إسرائيل ومصر "من دون المساس باتفاقياتهما القائمة، إلى جانب قوة الشرطة الفلسطينية المدربة والمعتمدة حديثاً، للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية؛ واستقرار البيئة الأمنية في غزة من خلال ضمان عملية نزع السلاح من قطاع غزة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية ومنع إعادة بنائها، فضلاً عن نزع الأسلحة بشكل دائم من الجماعات المسلحة غير الحكومية؛ وحماية المدنيين، بما في ذلك العمليات الإنسانية؛ وتدريب قوات الشرطة الفلسطينية المعتمدة وتقديم الدعم لها؛ والتنسيق مع الدول المعنية لتأمين الممرات الإنسانية؛ والقيام بمهام إضافية قد تكون ضرورية لدعم الخطة الشاملة". كما تشير الفقرة إلى أنه ومع "ترسيخ قوة الاستقرار للسيطرة والاستقرار، سوف تنسحب قوات الدفاع الإسرائيلية من قطاع غزة على أساس المعايير والمعالم والإطارات الزمنية المرتبطة بنزع السلاح والتي سيتم الاتفاق عليها بين قوة الاستقرار وقوات الأمن الإسرائيلية والجهات الضامنة والولايات المتحدة، باستثناء وجود محيط أمني سيبقى حتى يتم تأمين غزة بشكل صحيح من أي تهديد إرهابي متجدد".

وتنص المسودة كذلك على أن وجود "مجلس السلام والوجود المدني والأمني الدولي المصرح به بموجب هذا القرار ساريًا حتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2027"، على أن تكون هناك إمكانية للتجدد مع التنسيق مع مصر وإسرائيل ودول أخرى مستمرة في العمل مع قوة الاستقرار.

روسيا: قدمنا مشروعنا بهدف تمكين مجلس الأمن

ولاحقا، أصدرت البعثة الروسية للأمم المتحدة في نيويورك بياناً حول مشروع قرارها المتعلق بغزة، فيما بدا أنه رد على عدد من البيانات الأميركية حول مسودة المشروع الأميركي. وانتقد البيان المسودة الأميركية، داعيا إلى منح مجلس الأمن "دورًا مشروعًا وتزويده بالأدوات اللازمة لضمان المساءلة والرقابة". وقال البيان: "يُفترض أن تعكس قرارات مجلس الأمن الإطار القانوني الدولي المعترف به عالميًا، وأن تُعيد تأكيد القرارات والمبادئ الأساسية، وفي مقدمتها حل الدولتين للتسوية الإسرائيلية الفلسطينية"، معتبرا أن المسودة الأميركية "لم تُراعَ هذه الأحكام".

وشدد البيان الروسي أن "هدف مشروعنا هو تعديل المفهوم الأميركي بما يتوافق تمامًا مع قرارات مجلس الأمن الراسخة والمتفق عليها سابقًا"، مضيفا أن "وثيقتنا لا تتعارض مع المبادرة الأميركية، بل على العكس، فهي تُشيد بالجهود الدؤوبة التي بذلها الوسطاء والتي لولاها لما كان وقف إطلاق النار المرتقب والإفراج عن الرهائن والمعتقلين ممكنًا". ورحب البيان كذلك "بالأحكام ذات الصلة في خطة الرئيس ترامب الشاملة التي أفضت إلى وقف إطلاق النار".

وأشار البيان إلى "أن الهدف من مشروع القرار الروسي بشأن غزة هو تمكين مجلس الأمن من تحديد آليات واضحة لنشر قوة لحفظ السلام وإقامة إدارة في غزة، مع ضمان توافق هذه الآليات تمامًا مع المعايير القانونية الدولية المعترف بها عالميًا، وتسهيل وقف العنف وتحقيق الاستقرار". وبحسب البيان الروسي، "يدعو مشروع القرار الأمين العام إلى إعداد تقرير لمجلس الأمن يعرض فيه خيارات تنفيذ الأحكام ذات الصلة من خطة الرئيس ترامب".