أونروا: حان وقت عودة أطفال غزة إلى مقاعد الدراسة

زمن برس، فلسطين: بعد أيام على دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في قطاع غزة المنكوب، راحت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تطالب بعودة أطفال غزة إلى مقاعد الدراسة. وتشدّد الوكالة، التي تُعَد أكبر منظمة إنسانية عاملة في القطاع الفلسطيني المحاصر وبالتالي مقدمّة الخدمات الرئيسية فيه، على ضرورة إتاحة المجال أمام الصغار ليعيشوا طفولتهم، وذلك في إطار حملة أطلقتها أخيراً مع صندوق "التعليم لا يمكن أن ينتظر".
وبعد انقطاع قسري عن التعليم، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تُبيّن وكالة أونروا أنّ إعادة الأطفال الفلسطينيين في غزة إلى مقاعد الدراسة لا بدّ من أن تأتي سريعاً، واصفةً التعليم في القطاع المدمّر بأنّه "شريان حياة". وتؤكد أنّ إعادة انخراط الفلسطينيين الصغار في العملية التعليمية من شأنها أن تجلب لهم "الأمل" كما "التعافي" و"البقاء/ الاستمرارية"، ولا سيّما أنّ هؤلاء "لم يعرفوا سوى الحرب والنزوح على مدى أكثر من عامَين".
وتوضح وكالة أونروا، التي حاربتها إسرائيل طوال عدوانها الأخير على قطاع غزة هادفةً إلى تفكيكها، أنّ "استعادة التعليم أولوية في إطار عملها، إذ أنّ جميع الأطفال، أينما وُجدوا، يستحقّون فرصة للتعلم واللعب والحلم مرّة أخرى".
يُذكر أنّ أحلام أطفال غزة استحالت كوابيس على مدى الحرب الأخيرة التي انتهك في خلالها الاحتلال الإسرائيلي طفولة هؤلاء الصغار؛ هم حوصروا واستُهدفوا بالقنابل والصواريخ والرصاص وهُجّروا من بيوتهم ومناطقهم وجُوّعوا وأُصيبوا بجروح خلّفت إعاقات أو ندوباً عميقة في أجسادهم ونفوسهم، كذلك قُتلوا واحتُجزت جثث بعض منهم تحت الأنقاض. وكلّ هذا، إلى جانب انتهاكات أخرى، جعل وكالات عدّة تابعة للأمم المتحدة، ولا سيّما وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، تعلن أنّ ما ترتكبه إسرائيل هو "حرب على الأطفال"، وذلك منذ الأيام الأولى من العدوان، لتعيد تأكيد المؤكد في مناسبات عديدة.
وتفيد بيانات وكالة أونروا بأنّ أكثر من 660 ألف طفل في قطاع غزة هم خارج المدارس منذ أكثر من عامَين، لافتةً إلى أنّ "كلّ ما يريدونه هو العودة إلى صفوفهم، حتى وإن كانت مجرّد خيام". يُذكر أنّ آلة الحرب الإسرائيلية دمّرت المدارس، ولا سيّما تلك التابعة للوكالة، علماً أنّها كانت قد تحوّلت في خلال العدوان إلى مراكز إيواء للنازحين الذين هجّرتهم من مختلف مناطق القطاع. واليوم، بعد اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، تشدّد الوكالة الأممية على أنّ "الوقت حان لإعادة جميع الأطفال إلى مدارسهم".
في هذا السياق، كتب المفوّض العام لوكالة أونروا فيليب لازاريني أنّ "وسط الحرمان والصدمات النفسية، حُرم أطفال غزة من التعليم بوحشية مطلقة"، مشيراً إلى ضرورة استئناف التعليم على الرغم من الدمار. وشدّد على أنّ "إعادة الأطفال في مختلف أنحاء قطاع غزة إلى مسار التعلّم هي أولويتنا"، مؤكداً أنّ الفشل في تحقيق ذلك سوف يخلّف مزيداً من اليأس.
وبيّن لازاريني، في تدوينة نشرها على موقع إكس في إطار حملة وكالته، أنّ "أكثر من 60 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة استفادوا قبل وقف إطلاق النار من مساحات التعلّم المؤقتة التي أقامتها أونروا في ملاجئ النازحين"، شارحاً أنّ "هذه المساحات أتاحت فرصاً للتعلّم الأساسي والأنشطة الترفيهية، الأمر الذي منح الأطفال شيئاً من الراحة من أهوال الحرب". أضاف أنّ "مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، نعمل على زيادة عدد هذه المساحات لتوفير التعليم غير الرسمي في مناطق القطاع التي صار الوصول إليها ممكناً". وتابع أنّ "بموازاة ذلك، سوف يتلقّى نحو 300 ألف طفل سوف دروساً أساسية في القراءة والكتابة والحساب عن بُعد، بدعم من مدرّسي أونروا".
وإذ أكد المسؤول الأممي أنّ "موظّفينا وفوا بوعدنا؛ مواصلة أونروا عملها"، وذلك "طوال الحرب"، رأى أنّ ثمّة "حاجة إلى المزيد من أجل استعادة التعليم في قطاع غزة". وبيّن أنّ "مباني المدارس بمعظمها دُمّرت أو تضرّرت بشدّة"، وأنّ "إعادة بنائها وترميمها سوف تتطلّب وقتاً وموارد"، وشدّد على أنّ "لا وقت لدينا لنضيّعه. فالتعليم لا يمكن أن ينتظر". ولفت لازاريني إلى أنّ "مع اقتراب فصل الشتاء، نحتاج بصورة عاجلة إلى إدخال آلاف الخيام والأغطية البلاستيكية لحماية الأطفال من البرد القارس".
وأكمل لازاريني أنّ "موظّفي أونروا يعملون بلا توقّف لتوفير فرص التعلّم واللعب والدعم النفسي للأطفال، مع توسيع نطاق العمل يوماً بعد يوم". وتوضح وكالة أونروا، في إطار حملتها الأخيرة من أجل إعادة أطفال غزة إلى العملية التعليمية، أنّ أكثر من ثمانية آلاف مدرّس ومدرّسة من فريق عملها في قطاع غزة على استعداد تام لمساعدة الأطفال في العودة إلى الدراسة، واستئناف تعليمهم.