رئيس وزراء قطر: سنواصل جهودنا الدبلوماسية ولن نتهاون في المس بسيادتنا

زمن برس، فلسطين: قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في كلمة أمام مجلس الأمن، إن دولة قطر ستواصل جهودها الدبلوماسية والإنسانية دون تردد، لكنه أكد في الوقت ذاته أن بلاده لن تتهاون إزاء أي مس بسيادتها وتحتفظ بحق الرد على العدوان الإسرائيلي، متهماً إسرائيل، بمحاولة عرقلة جهود الوسطاء لإنهاء الحرب على غزة من خلال مهاجمة قادة حماس في الدوحة.
وأوضح المسؤول القطري، خلال اجتماع طارئ عقده مجلس الأمن الدولي في نيويورك تحت بند "الوضع في الشرق الأوسط" لنقاش العدوان الإسرائيلي على قطر في التاسع من الشهر الجاري، أن: "الهجوم الإسرائيلي على الدوحة انتهاك سافر لسيادة دولة قامت به قيادة متطرفة". وأكد أن الهجوم الإسرائيلي الغادر على قطر تصعيد بالغ الخطورة وتهديد للسلم والأمن الدوليين، مقدراً التضامن الذي أبداه أعضاء مجلس الأمن مع بلاده. واتهم بن عبد الرحمن إسرائيل، بمحاولة عرقلة جهود الوسطاء لإنهاء الحرب على غزة من خلال مهاجمة قادة حماس في الدوحة.
وأوضح رئيس الوزراء القطري أن الهجوم الإسرائيلي على قطر "يكشف بأن المتطرفين الذين يحكمون إسرائيل اليوم، لا يأبهون بحياة الرهائن (المحتجزون الإسرائيليون في غزة)، وأن تحريرهم ليس أولوية لديهم، وإلا فكيف يفسر اختيار توقيت ومكان الهجوم، في الوقت الذي كانت فيه المفاوضات تعقد لمناقشة وقف إطلاق النار وفق المقترح الأميركي الأخير؟". وأضاف: "لقد اجتمع الوفد التفاوضي لحركة حماس لمناقشة الرد على الورقة الأميركية، فقصفت إسرائيل هذا الاجتماع".
وتساءل: "كيف يزور مسؤولون إسرائيليون للتفاوض ونستضيفهم على أرضنا، وقيادتهم تخطط لقصفها بعد أيام، ويقصفونها فعلاً. هل سمعتم عن دولة تهاجم دولة الوساطة بطائرات حربية مقاتلة، وتعمل خلال العملية التفاوضية على تصفية أعضاء الوفود التي تفاوضها في مقر اجتماعاتهم؟ ومن ثم يخرج رئيس وزرائها بتبريرات مشينة ومقارنات مغلوطة يحاول فيها شرعنة فعلته التي أدانها العالم أجمع".
وتطرق إلى تاريخ الوساطة القطرية في عدد من الصراعات من بينها الوساطة بين طالبان والجانب الأميركي في أفغانستان، مشددا على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يحاول تشويه نهج قطر "عبر تبريرات رخيصة للتكسب العاطفي".
الغطرسة الإسرائيلية
وتحدث رئيس الوزراء القطري عن الغطرسة الإسرائيلية التي وصلت إلى "حد المجاهرة، ليس فقط بأوهام إعادة تشكيل المنطقة بالقوة، بل أيضا بدوافع غيبية. وأفكار أصولية تحرك متطرفي الحكومة الإسرائيلية الحالية، كما يقولون علانية لجماهيرهم، ظنا منهم أن أحدا لا يسمع ما يقولونه سوى حشودهم. من نافلة القول إن دول المنطقة وشعوبها لا يمكن أن تقبل بهذا السلوك والخطاب المرافق له".
وأضاف رئيس الوزراء القطري: "قادة إسرائيل الحاليون مصابون بالغرور وسكرات القوة، لأنهم ضمنوا الإفلات من العقاب والمساءلة، فضلا عن الإبادة الجماعية في غزة، والكارثة الإنسانية غير المسبوقة في القطاع، والتي لم يتخذ المجتمع الدولي حيالها إجراء رادعا، ها هي أياديهم المخربة تطال دولا ذات سيادة، وتعبث بأمن المنطقة بلا حسيب أو رقيب".
وتحدث عن إيمان قطر بالوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية، مشداً على أن هذا الدور القطري يحظى "بتقدير إقليمي وعالمي، وقد أكدت تجربتنا أن الوساطة القطرية، بالشراكة مع جمهورية مصر العربية الشقيقة والولايات المتحدة الأميركية، بما حققته من نتائج ملموسة في الإفراج عن 148 رهينة من الإسرائيليين والأجانب. والمئات من الأسرى الفلسطينيين، وإيصال المساعدات الإنسانية لأهل غزة، كانت بارقة الأمل النادرة في هذا النزاع الدامي".
وتابع: "غير أن الاعتداء على أرضنا خلال انشغالنا بالوساطة، كشف بوضوح عن نوايا إسرائيل المبيتة لإجهاض أي مسعى نحو السلام، وإطالة أمد المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يتعرض لحجم من المعاناة تعجز الكلمات عن وصفه"
وطالب رئيس الوزراء القطري مجلس الأمن بتحمل مسؤوليته التاريخية، لافتاً إلى أن: "الصمت أمام فرض شريعة الغاب، واستهداف دولة ذات سيادة في وضح النهار، يقوض قواعد العمل الدولي ويهدد مستقبل أي عملية سلام في منطقتنا، إن استمرار هذه الاعتداءات لا يستهدف قطر وحدها، بل هو تهديد صريح باستهداف كل دولة تعمل على إحلال السلام، مما يزعزع الثقة بالمنظومة الأممية ذاتها".
وأكد أن بلاده وعلى الرغم من ذلك "ستواصل دورها الإنساني والدبلوماسي دون تردد، أينما كان هذا الدور طريقا نحو حقن الدماء، لكنها في الوقت ذاته لن تتهاون إزاء أي مس بسيادتها وأمنها، وتحتفظ بحقها المشروع في الرد عبر الوسائل التي يكفلها القانون الدولي". وأردف: "نحن في قطر دعاة السلام، لا دعاة حرب، وقد اخترنا السلام منهجا، ولن يردعنا عنه دعاة الحرب والدمار". وختم بالتأكيد على ضرورة رفع الحصار على غزة والتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار والاستمرار في السعي نحو سلام دائم وشامل وفق قرارات الشرعية الدولية.
وكان مجلس الأمن، قد تبنى الخميس، بياناً صحافياً دان فيه الهجوم على قطر من دون أن يسمي إسرائيل بالاسم. وصاغت البيان كل من بريطانيا وفرنسا، بالتشاور مع قطر، بحسب ما قال مصدر دبلوماسي غربي رفيع في مجلس الأمن الدولي لـ"العربي الجديد". وفي المسودة الأولية التي وزعت على أعضاء مجلس الأمن، لم يتطرق البيان إلى الإدانة واكتفى في التعبير عن القلق. ودان العدوان على قطر في النص النهائي، من دون أن يتضمن اسم إسرائيل.
ونص البيان الصحافي الصادر عن مجلس الأمن على أن أعضاء مجلس الأمن "يعربون عن إدانتهم للضربات الأخيرة التي وقعت في الدوحة". كما عبروا عن أسفهم العميق لسقوط ضحايا مدنيين. وشدد أعضاء مجلس الأمن "على أهمية خفض التصعيد، وأعربوا عن تضامنهم ودعمهم لسيادة قطر وسلامة أراضيها، بما يتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة". كما أكد أعضاء المجلس دعمهم للدور الحيوي الذي تواصل قطر لعبه في جهود الوساطة في المنطقة، إلى جانب مصر والولايات المتحدة.