تأييد الكنيست الإسرائيلي "ضم" الضفة الغربية.. من وماذا؟ (إطار)

تأييد الكنيست الإسرائيلي "ضم" الضفة الغربية.. من وماذا؟ (إطار)

زمن برس، فلسطين:  أيد الكنيست الإسرائيلي بأغلبية 71 نائبا من أصل 120، الأربعاء، اقتراحا يدعم ضم الضفة الغربية المحتلة وغور الأردن إلى إسرائيل، في خطوة يتوقع أن تثير رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها انتهاكا للقانون الدولي.

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن 71 نائبا صوتوا لصالح المقترح، فيما عارضه 13.

وأشارت الصحيفة، إلى أن "الاقتراح لا يترتب عليه أي أثر قانوني أو تشريعي"، وهو ما أكدته القناة 14 العبرية أن الاقتراح "تصريحي فقط، وليس له أي قوة قانونية ملزمة".

وأوضحت القناة أن القرار يأتي بهدف "توجيه أنظار الإدارة الأمريكية إلى أن هناك رؤية إسرائيلية واضحة تجاه فرض السيادة على الضفة الغربية من قبل الائتلاف الحاكم في تل أبيب".

بينما لفتت صحيفة "معاريف" إلى أن المقترح "لا يتطلب إجراء فوريا من الحكومة، وليس له صفة قانونية مُلزمة، إلا أن له أهمية رمزية وسياسية واسعة، لا سيما بين فصائل الائتلاف الحاكم".

يذكر أن المقترح تقدم به أعضاء الكنيست سيمحا روتمان من حزب "الصهيونية الدينية"، وليمور سون هار ميليخ من حزب "القوة اليهودية"، ودان إيلوز من حزب "الليكود" الحاكم.

من جانبه، قال رئيس الكنيست أمير أوحانا، بعد التصويت مباشرة: "وافق الكنيست على الإعلان التاريخي الذي يدعم تطبيق السيادة الإسرائيلية على وطننا يهودا والسامرة (الضفة الغربية)".

وتابع بحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية: "إنه لشرف عظيم لي أن أكون رئيسا للكنيست الذي يقول بصوت قوي وحازم هذه أرضنا وهذا وطننا. أرض إسرائيل ملك لشعب إسرائيل، ونحن هنا باقون، وأكد الكنيست ذلك بأغلبية ساحقة".

** ادعاءات إسرائيلية

القناة السابعة العبرية قالت إن "المذكرة التوضيحية للمقترح تذكر أن أراضي يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وغور الأردن جزء لا يتجزأ من الوطن التاريخي للشعب اليهودي".

ووفق المذكرة التوضيحية: "في ضوء أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والإجماع الوطني الواسع المعارض لفكرة إقامة دولة فلسطينية، يتزايد الإدراك بضرورة اتخاذ خطوة استراتيجية وأخلاقية وأمنية لضمان مستقبلنا في هذه الأرض".

وتابعت المذكرة: "تطبيق السيادة (الضم) الإسرائيلية على هذه المناطق سيرمز إلى التزام دولة إسرائيل بالرؤية الصهيونية، وبتعزيز السيطرة اليهودية على هذه الأجزاء من الوطن، والدفاع عن مواطنيها".

وادعت أن "هذه الخطوة ستوضح للعالم أن إسرائيل لن توافق على حلول تتضمن تنازلات إقليمية خطيرة، وأنها ملتزمة بمستقبلها كدولة يهودية آمنة" وفق تعبيراتها.

وتدعم الحكومة الإسرائيلية هذه الخطوة في الضفة الغربية المحتلة، لكنها لم تقرر رسميا ضم أي أجزاء من الضفة.

** معارضة المقترح

صحيفة "يديعوت أحرونوت" قالت إن كل أحزاب الائتلاف الحاكم صوتت لصالح القرار، فيما قاطعه حزبي "معسكر الدولة" بزعامة بيني غانتس (12 مقعدا)، و"يش عتيد" (24 مقعدا) بقيادة يائير لابيد.

ولفتت إلى أن معارضة الاقتراح جاءت من حزب "الديمقراطيين" والأحزاب العربية في الكنيست التي تنطوي تحت "القائمة العربية الموحدة" و"الجبهة العربية للتغيير".

وبيَّنت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن حركة "السلام الآن" أول من عارضت قرار الكنيست، معتبرة إياه "شاهد على الفجوة الهائلة بين الحكومة والشعب الإسرائيلي الذي يعارض المستوطنات وأوهام بن غفير وسموتريتس".

فيما طالبت الحركة اليسارية المختصة بشؤون الاستيطان بضرورة الإسراع بالإفراج عن المختطفين وإنهاء الحرب في قطاع غزة، بدلا من الالتفات إلى ضم الضفة الغربية.

وطالبت بـ"إعادة تفويض الشعب من خلال الانتخابات البرلمانية للكنيست"، وفق الصحيفة.

ويأتي تصويت الكنيست على مقترح الضم، بينما يستعد لدخول عطلته الصيفية التي تستمر 3 أشهر اعتبارا من 27 يوليو/ تموز الجاري.

** مباركة حكومية

وفور تصويت الكنيست، شدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، على "وجوب فرض السيادة وتشجيع الهجرة والاستيطان" في الضفة الغربية.

وجاءت تصريحات بن غفير في كلمة له بالكنيست عقب التصويت، مشددا على أن "السحق وفرض السيادة وتشجيع الهجرة والاستيطان هو ما نحتاج إلى فعله" في الضفة.

كما أيد المقترح، رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية يسرائيل غانتس، معربا عن شكره للوزراء وأعضاء الكنيست من الائتلاف والمعارضة الذين صوّتوا لصالح المقترح الذي وصفه بـ"المهم لتعزيز السيادة الإسرائيلية" في الضفة.

وطالب غانتس بـ"ضرورة تطبيق السيادة" على الضفة الغربية، معتبرا إياها "خطوة مهمة على طريق تعزيز الخطوة الاستراتيجية التي ستعزز أمن دولة إسرائيل بأكملها"، على حد زعمه.

ولم يكتف غانتس بذلك، بل دعا إلى استغلال الفرصة التي وصفها بـ"التاريخية" لفرض السيادة على الضفة الغربية، مع تشديده على تطبيق القرار على أرض الواقع.

** مقترح مضاد

ويأتي تصويت الكنيست في وقت قالت "القائمة العربية الموحدة" برئاسة منصور عباس، إنها تعتزم تقديم مشروع قرار مضاد يقضي بـ"إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل تعيش بأمن وسلام وشراكة".

كما سيقدم عضو الكنيست عن "القائمة العربية المشتركة" أحمد الطبيب، مشروعا بديلا يطالب باحترام قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، وفق وسائل إعلام عبرية.

يشار إلى أن الكنيست صوّت بالأغلبية في يوليو/تموز 2024 على رفض قيام دولة فلسطينية.

* تركيا: القرار باطل ولاغٍ

قالت وزارة الخارجية التركية إن القرار الكنيست الداعم لضم الضفة الغربية المحتلة "باطل ولاغٍ بموجب القانون الدولي، ولا قيمة له".

وأكدت الخارجية التركية، في بيان، أن الضفة الغربية "أرض فلسطينية وتحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967".

وأضافت أن "أي محاولة إسرائيلية للضم هي مجرد محاولة غير شرعية واستفزازية، تهدف إلى تقويض جهود السلام".

وأشارت إلى أن مساعي حكومة نتنياهو للبقاء في السلطة عبر سياسات العنف والإجراءات غير القانونية تؤدي إلى أزمات جديدة كل يوم و"تشكل تهديدا خطيرا للنظام الدولي والأمن الإقليمي".

وشددت الخارجية التركية على ضرورة اتخاذ إجراءات ملزمة ورادعة ضد عدوانية إسرائيل والإبادة الجماعية التي ترتكبها.

كما أكدت على ضرورة وفاء إسرائيل بالتزاماتها القانونية والأخلاقية للنظام الدولي بشكل فعال.

* الأردن تُدين

أكد الأردن رفضه المطلق لأي محاولة إسرائيلية لفرض السيطرة على الضفة الغربية، معتبرا تصويت الكنيست على قرار يدعم ضم الضفة "انتهاكا للقانون الدولي وتقويضا لحل الدولتين".

وقالت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان، إن بلادها تدين "بأشدّ العبارات تصويت الكنيست الإسرائيلي على بيان لدعم السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية المحتلة".

واعتبرت ذلك التصويت "انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وتقويضا واضحا لحل الدولتين ولحق الشعب الفلسطيني في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة".

* فلسطين: تصويت الكنيست يقوض فرص السلام

اعتبرت الرئاسة الفلسطينية مطالبة الكنيست الإسرائيلي للحكومة بفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة "تصعيدا خطيرا يقوض فرص السلام".

جاء ذلك في بيان لمتحدث الرئاسة نبيل أبو ردينة، نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، بعد تأييد الكنيست بالأغلبية اقتراحا يدعم "ضم" الضفة الغربية.

وقال أبو ردينة، إن دعوة "الكنيست لحكومة الاحتلال بفرض السيادة والضم على الأرض الفلسطينية المحتلة مرفوض ومدان، ويخالف جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي الذي يؤكد أن الطريق الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار هو عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".

وأضاف أن "مثل هذه الدعوات الخطيرة لضم أراض فلسطينية محتلة تشكّل تحديا لإرادة المجتمع الدولي بتحقيق السلام العادل والشامل وفق حل الدولتين القائم على قرارات الشرعية الدولية".

وشدد أبو ردينة، على أن "الطريق الوحيد لتحقيق السلام والأمن هو الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال وتقرير المصير على كامل ترابه الوطني".

من جهته، قال نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ، إن "مطالبة الكنيست الإسرائيلي الحكومة الإسرائيلية بفرض السيادة على الضفة الغربية تمثل ليس فقط اعتداء مباشرا على حقوق الشعب الفلسطيني، بل أيضا تصعيدا خطيرا يقوض فرص السلام والاستقرار وحل الدولتين القائم على التفاوض، والذي يفرض ويحمي الأمن الإقليمي".

وفي منشور عبر منصة "إكس"، اعتبر الشيخ أن "هذه الإجراءات الإسرائيلية الأحادية، تنتهك بشكل صارخ القانون الدولي والإجماع الدولي المستمر بشأن وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية".

ودعا المجتمع الدولي إلى "الانتصار للشرعية الدولية ولقراراتها، والعمل على وقف هذه الانتهاكات ومنع ترسيخ واقع الاحتلال بالقوة."

وعلى مدار أشهر الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، تصاعدت دعوات مسؤولين إسرائيليين بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، كان أبرزها في 2 يوليو الجاري، حينما وجه وزراء حزب "الليكود" الـ14 ورئيس الكنيست، رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، دعوه فيها إلى المصادقة على قرار بضم الضفة.

وواجهت تلك الدعوات رفضا عربيا ودوليا واسعا باعتبارها "انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية" التي أكدت جميعها ضرورة "زوال الاحتلال من جميع الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها الضفة الغربية والقدس الشرقية".

وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي المحتلة "غير قانوني"، وتحذر من أنه يقوض إمكانية معالجة الصراع وفقا لمبدأ حل الدولتين، وتدعو إسرائيل منذ عقود إلى وقفه دون جدوى.

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 1001 فلسطيني على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.

‎وخلفت الإبادة الإسرائيلية في غزة، بدعم أمريكي، أكثر من 202 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.