هآرتس: هدم جماعي للمنازل في سلوان يعكس محاولات تهجير أهل القدس لصالح المستوطنين

هآرتس: هدم جماعي للمنازل في سلوان يعكس محاولات تهجير أهل القدس لصالح المستوطنين

زمن برس، فلسطين:  أكدت صحيفة "هآرتس"، في تقرير نُشر يوم الخميس، أن بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى في القدس تشهد عمليات هدم واسعة، تعكس محاولة سلطات الاحتلال لتهجير أهالي القدس الأصليين لصالح المشاريع الاستيطانية.

بلدية الاحتلال في القدس نفذت 243 عملية هدم خلال عام 2024، وهو أعلى معدل هدم في عام واحد منذ احتلال الجزء الشرقي من القدس عام 1967

وجاء تقرير "هآرتس" بعد أيام من تنفيذ الاحتلال عملية هدم جماعي في سلوان، طالت 11 منزلاً خلال يوم واحد في حي البستان، في مؤشر على تحول عمليات الهدم في سلوان من الهدم الفردي إلى الهدم الجماعي، ما ينذر بأن بلدية الاحتلال أصبحت قريبة من تنفيذ وعيدها بإزالة حي البستان بالكامل، وفقًا لما أورده فخري أبو دياب في حديث لـ الترا فلسطين.

وتناولت "هآرتس" عملية الهدم الجماعي هذه، مبينة أن أهالي سلوان ينظرون لها على أنها جزءٌ من خطة أوسع تهدف إلى  طردهم من منازلهم لصالح المشاريع الاستيطانية، مستغلين حالة الطوارئ التي فرضتها الحرب على غزة.

يصف أحد السكان الوضع قائلاً: "عندما يهدمون منزلاً، قد تظن أنهم يهدمون الحجارة فقط، لكن الحقيقة أنهم يدمرون ذكريات وأحلام العائلات بأكملها".

وجاءت عملية الهدم الجماعي هذه بعد أيام من إجبار عائلة فلسطينية على إخلاء منازلها لصالح جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستيطانية. وقبل ذلك أيضًا بأسبوع، قتلت شرطة الاحتلال، الطفل عمر شويكي (16 عامًا)، ومايزال جثمانه محتجزًا لدى الاحتلال. كل هذه الأحداث بالنسبة لأهالي سلوان تُمثل سلسلة متواصلة من هجوم شامل ضدهم من قبل سلطات الاحتلال، في إطار محاولات لإخلائهم لصالح الاستيطان.

ويقول زهير رجبي، إن جميع أهالي سلوان "يشعرون أن أن الحرب تُستخدم لطردنا وتدمير منازلنا. ولا يمكن لأحد التحدث". وبحسب "هآرتس"، فإن هذا التصريح يعكس الشعور المتزايد لدى أهالي سلوان بالعجز والمظلومية.

ونقلت الصحيفة عن جمعية "عير عميم" أن بلدية الاحتلال في القدس نفذت 243 عملية هدم خلال عام 2024، وهو أعلى معدل هدم في عام واحد منذ احتلال الجزء الشرقي من القدس عام 1967. كما تم تسجيل 103 عملية هدم ذاتية لتجنب تكاليف الهدم التي تفرضها بلدية الاحتلال على أصحاب المنازل في حال قامت هي بعملية الهدم.

وأكد أفيف تاتارسكي، الباحث في جمعية "عير عميم"، أن حي البستان في سلوان يتعرض للحملة الأشد قسوة من رئيس بلدية الاحتلال في القدس، بدعم من ايتمار بن غفير. كما انتقدت لورا وارتون، من حزب "ميرتس"، سياسة الهدم في حي البستان، وقالت: "هذه الأعمال الهمجية لا تفيد سوى في تعميق الاستياء والغضب بين السكان".

وبحسب "هآرتس"، فإن 85 منزلاً في حي البستان مهددة بالهدم حاليًا. في حين أن فخري أبو دياب، عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، يؤكد أن عدد المنازل المهددة بالهدم بلغ 116 منزلاً، يسكن فيها 1500 نسمة تقريبًا.

وتُبرر بلدية الاحتلال عمليات الهدم بأن هذه البيوت أقيمت دون ترخيص. في حين أن أصحاب هذه البيوت يؤكدون أنهم حاولوا استصدار تراخيص، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب تعقيدات إصدار تراخيص البناء من بلدية الاحتلال للفلسطينيين بشكل خاص. بل إن العديد من البيوت التي تم هدمها أقيمت أصلاً قبل الاحتلال الإسرائيلي للقدس.

وفي عام 2010، أعلن نير بركات، الذي كان في حينها رئيس بلدية الاحتلال في القدس، عن خطة لهدم حي البستان وبناء "حديقة الملك" على أراضيه. ومن المتوقع أن تتصل الحديقة الاستيطانية بحديقة مدينة داود التي تديرها جمعية "إلعاد" الاستيطانية.

وقالت صحيفة "هآرتس"، إن هذه الخطة أثارت انتقادات واسعة من دول عديدة، بما في ذلك إدارة أوباما. وعرضت بلدية الاحتلال خطة لنقل أهالي سلوان من منازلهم إلى مبان مرخصة في منطقة أخرى من الحي، إلا أنهم أكدوا أن الخطة لا تتماشى مع احتياجاتهم، ورفض معظمهم الموافقة عليها. في المقابل، أعدَّ أهالي حي البستان خطتهم الخاصة، إلا أن بلدية الاحتلال رفضتها.

وهدمت بلدية الاحتلال منزل فخري أبو دياب في شهر شباط/فبراير 2023. وقد أكدت "هآرتس" أن هدم منزل أبو دياب كان محاولة من البلدية للضغط عليه للموافقة على خطتها.

وأوضحت "هآرتس"، أن أعمال الهدم لم تقتصر على المنازل، بل طالت أيضًا ناديًا مجتمعيًا ومواقف للسيارات ومستودعات. ويعتقد أهالي حي البستان أن جمعية "إلعاد" الاستيطانية هي التي ستدير الحديقة المستقبلية التي تنوي بلدية الاحتلال إقامتها.

ونقلت الصحيفة عن بلدية الاحتلال زعمها أن عمليات الهدم لا تشير إلى أنها لم تعد راغبة بالتوصل إلى اتفاق مع أهالي حي البستان، إلا أن أهالي الحي أعلنوا أنهم سيتوقفون عن التفاوض مع البلدية بسبب سياسة الهدم هذه.

وقال أهالي الحي، في بيان لهم: "حقوقنا في العيش بكرامة غير قابلة للتفاوض". وأضاف الأهالي، في بيانهم، أن الخطة التي قدموها لبلدية الاحتلال تسمح لهم بالعيش بسلام مع توفير مساحة لحديقة سيتمكنون من الاستفادة منها.

أهالي حي البستان أعلنوا أنهم سيتوقفون عن التفاوض مع بلدية الاحتلال في القدس، ويقولون: "حقوقنا في العيش بكرامة غير قابلة للتفاوض"

وجاء في البيان، أن بلدية الاحتلال تريد نقل الحي بأكمله إلى 10 مبان شاهقة، وبناء الحديقة الاستيطانية على أراضي الحي بأكمله.

وأشارت "هآرتس" إلى أن المعاناة في سلوان لا تقتصر على حي البستان، وإن كان الأشدّ استهدافًا، إلا أن حي بطن الهوى القريب يواجه أيضًا خطر التهجير القسري. لكن، في بطن الهوى، لا تسعى بلدية الاحتلال إلى هدم المنازل، بل تريد أخذها من أصحابها المقدسيين وتسليمها للمستوطنين.

ويزعم الاحتلال أن البيوت في بطن الهوى بُنيت على أرض اشتراها مستوطنون يهود في القدس، في نهاية القرن التاسع عشر، أي قبل إقامة "دولة إسرائيل" بعقود. ويتساءل أهالي بطن الهوى "إذا كانوا يقولون إن الأرض ملكهم، فلماذا علينا تسليمهم البيوت؟".