النفط الإيراني.. مصدر الدخل الرئيس تحت التهديد بهجوم إسرائيلي
زمن برس، فلسطين: كثرت مؤخرا التقارير حول احتمالية أن توجه إسرائيل ضربة إلى قطاع النفط الإيراني، وذلك ردا على هجوم طهران الأخير على مواقع إسرائيلية بمئات الصواريخ التي أطلقت من أراضيها بشكل مباشر.
و"ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية وأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله والمجازر بغزة ولبنان"، أطلقت إيران مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الجاري مئات الصواريخ على مواقع عسكرية بإسرائيل، ما تسبب بأضرار مادية وإغلاق المجال الجوي، فيما هرع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ بينما دوت صفارات الإنذار في معظم أنحاء البلاد.
نظرة على القطاع
وتعتبر عائدات النفط الخام والغاز الطبيعي مصدر الدخل الرئيس لإيران بنسبة لا تقل عن 70% من مجمل الإيرادات، بحسب بيانات الحكومة عام 2019.
وفي شباط/ فبراير الماضي، قال نائب الرئيس الإيراني حينها، محسن منصوري، إن عائدات بلاده من النفط زادت بمقدار 20% في 2023 رغم الحظر الاقتصادي المفروض من واشنطن.
ولم يذكر بدقة حجم إيرادات 2023؛ إلا أن وكالة الطاقة الدولية قدرت إجمالي الإيرادات التي حصلت عليها الحكومة الإيرانية نتيجة مبيعات النفط في ذلك العام بأكثر من 54 مليار دولار.
وفي نيسان/ أبريل الماضي، قال وزير النفط الإيراني في ذلك الوقت جواد أوجي، إن بلاده تصدر النفط الخام إلى 15 دولة رغم العقوبات الأميركية المفروضة على الإنتاج والتصدير.
وكتب أوجي على حساب الوزارة بمنصة "إكس"، أن إيرادات النفط والغاز والبتروكيماويات ارتفعت إلى 65 مليار دولار في السنة المالية الإيرانية المنتهية في 20 آذار/ مارس 2024، مقارنة بـ30 مليار دولار عام 2020.
وتبدأ السنة المالية في إيران، بتاريخ 21 آذار/ مارس من كل عام، حتى 20 آذار/ مارس من العام التالي، بحسب قانون الموازنة العامة في البلاد.
ويشكل إنتاج إيران النفطي حاليا ما نسبته 3.1% من مجمل الطلب العالمي على الخام، استنادا إلى بيانات الطلب العالمي على الخام الصادر عن أوبك، في أيلول/ سبتمبر الماضي، والبالغ قرابة 104 ملايين برميل يوميا.
مخاوف أسواق الطاقة
وتخشى أسواق الطاقة العالمية هجوما إسرائيليا على أهداف حيوية إيرانية، خاصة تلك المرتبطة بإنتاج النفط، لا سيما أن طهران عضو في منظمة "أوبك" وتنتج في اليوم متوسط 3.9 ملايين برميل في الظروف الطبيعية.
لكن وبسبب العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها على إيران في آب/ أغسطس 2018، تراجع إنتاج البلاد النفطي الفعلي، ليسجل حاليا قرابة 3.4 ملايين برميل يوميا.
وفي نيسان/ أبريل 2018، أعلنت إيران خططا لزيادة إنتاج النفط الخام إلى أكثر من 5 ملايين برميل يوميا، بحلول عام 2022 مقارنة بـ3.9 ملايين برميل يوميا في ذلك الحين.
إلا أن عودة فرض العقوبات الأميركية على طهران، وتركيزها في مراحلها الأولى على صناعة الطاقة التقليدية (النفط والغاز)، أجّلا خطط طهران حتى إشعار آخر.
وفي الشهور الأولى للعقوبات الأميركية، تراجع إنتاج إيران النفطي يوميا إلى أقل من 2.1 مليون برميل، قبل أن يصعد تدريجيا وصولا إلى قرابة 3.4 ملايين برميل حاليا، بحسب بيانات منظمة "أوبك".
وفي أيار/ مايو الماضي، أوردت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن الحكومة أقرت خطة لرفع إنتاجها من النفط إلى أربعة ملايين برميل يوميا، دون الكشف عن أي جدول زمني للوصول إلى المستهدف.
أبرز المستوردين
ولا تعلن إيران أبرز مشتري نفطها تجنبا لفرض عقوبات أميركية عليها، إلا أن ما يسمى "أسطول الظل" أو "الأسطول الشبح"، قادر على تمرير النفط للأسواق النهائية، من خلال عمليات نقله عبر ناقلات غير مسجلة رسميا.
ونشرت صحيفتا "وول ستريت جورنال" و"التايمز"، تحقيقات خلال السنوات الخمس الماضية عن بعض أشكال تهريب النفط الإيراني إلى الأسواق النهائية من خلال "أسطول الظل".
و"أسطول الظل"، مجموعة من ناقلات النفط والغاز منتهية الصلاحية، وغير مسجلة لدى أية شركات نقل أو شركات تأمين، تم استصلاحها وإعادة إدخالها إلى الخدمة، ومهمتها نقل الخام والغاز الخاضع للعقوبات الدولية عبر أعالي البحار، بعيدا عن خطوط الملاحة الرسمية.
بينما تنقل قناة الحرة الأميركية عن مدير الأبحاث في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" دانييل روث، قوله إن طهران "تعتمد بشكل شبه كامل على أسطول مكون من 400 ناقلة، تعمل بطرق غير قانونية لتهريب النفط".
وبحسب شركة "كبلر" التي تتعقب الناقلات في جميع أنحاء العالم، تبيع إيران أغلب نفطها إلى الصين رغم العقوبات، مستفيدة من عدم رغبة واشنطن في التطبيق الصارم لنظام عقوبات "الضغط الأقصى" الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018، لتجنب حدوث خنق تضخمي بإمدادات النفط العالمية.
وباعت طهران ما متوسطه 1.56 مليون برميل يوميا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، كلها تقريبا إلى الصين وهو أعلى مستوى منذ الربع الثالث من 2018، حسبما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية عن شركة "فورتيكسا" للبيانات.
فرضية الهجوم الإسرائيلي
وبدأت شركات دولية وبنوك استثمار عالمية تضع سيناريوهات لفرضية تعرض منشآت نفطية إيرانية لهجوم إسرائيلي خلال الفترة القريبة المقبلة.
والسبت الماضي، قال بنك الاستثمار الأميركي غولدمان ساكس، إنه عدل بالرفع توقعاته لسعر برميل النفط بحلول 2025، بمقدار 20 دولارا ليبلغ 96 دولارا في حال تراجع إنتاج طهران بمليون برميل يوميا، بسبب أي فرضية بتعرضها لهجوم.
بينما كشفت صور أقمار اصطناعية نشرتها شركة تتبع الناقلات (TankerTrackers)، السبت، عن إخلاء عدد من ناقلات النفط من المياه المحيطة بمحطة تحميل النفط الرئيسية في جزيرة خرج الإيرانية، خشية تعرضها لهجوم إسرائيلي.
وفي 2 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، نشرت وحدة BMI التابعة لـ Fitch Solutionsمذكرة، قالت فيها إن أية فرضية لتوسع الصراع بين إسرائيل وإيران سينتج عنه ارتفاع سعر برميل النفط فوق 100 دولار (يراوح سعره راهنا في حدود 78 دولارا).
ويمر عبر المضيق قرابة 27 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمشتقات بحسب تقرير لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، معظمها يتجه إلى الأسواق الآسيوية.
والدول التي يمر نفطها عبر مضيق هرمز: إيران، والعراق، والإمارات، وسلطنة عمان، والكويت، والسعودية؛ إلا أن الرياض وأبو ظبي تملكان خطوط أنابيب تمتد حتى البحر الأحمر غرب المملكة وبحر عمان على التوالي، لتجاوز أية عراقيل قد تطرأ على مضيق هرمز.