هذه حقيقة لقاح “MR” في الأردن.. ليس تجريبياً، وأسباب تركيز السلطات على إعطائه في المدارس
زمن برس، فلسطين: تثير الحملة الرسمية في الأردن لإعطاء لقاح MR في المدارس، جدلاً واسعاً في المملكة، وسط انتشار لتحذيرات منه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما يثير تساؤلات عن دقة ما يتداول من مخاوف بشأنه.
ما أثار هذا الموضوع، هو إطلاق السلطات في الأردن حملة رسمية وطنية لإعطاء لقاح MR للطلاب في المدارس.
روايات عدة انتشرت في الأردن بشأن هذا المطعوم، أبرزها أنه:
- "لقاح تجريبي".
- "غير مجاز من المنظمات الدولية".
- "خط الإنتاج الخاص به ومعاييره مختلفة عن باقي دول العالم".
- "أعراض جانبية خطيرة".
هذا الأمر أثار مخاوف لدى أهالي طلاب في الأردن، لأن حملة التطعيم الوطنية تستهدف إعطاء اللقاح في المدارس.
"أم محمد" والدة لـ3 أطفال هم طلاب في المدارس، وهي واحدة من أهالي الطلاب الذين تفاعلوا مع التحذيرات بشأن إعطاء لقاح MR، قالت لـ"عربي بوست"، إنها حذرت أطفالها من أخذه بسبب ما يشاع عن أنه "لقاح تجريبي".
وتساءلت: "لماذا هذه الحملة فجأة؟ لو لم يكن هناك شيء غير عادي لكنا سمعنا عن هذا اللقاح سابقاً"، موضحة: "نحن نعرفه باسمه MMR، لكنه لم يكن يعطى في المدارس، والآن يتكلمون عن MR، فما قصة التغيير باسم اللقاح؟".
كذلك الأمر بالنسبة لأحد أولياء أمور الطلاب، الذي قال لـ"عربي بوست" إن "تغيير اسم اللقاح يثير مخاوف من أن هذا اللقاح تجريبي، ومعدّل عليه، ويريدون أن نكون حقل تجارب لهم"، متابعاً أن "هناك عدم ثقة لدينا من اللقاحات المنتجة خصوصاً لمنطقة الشرق الأوسط".
معلقاً على حقيقة هذه الروايات، وأسباب تركيز الاهتمام بالمدارس، قال الطبيب محمد عبد الحميد القضاة، المختص بتشخيص أمراض الجهاز التنفسي وطب المختبرات، وكذلك عميد كلية الطب في الجامعة الهاشمية، إن المخاوف لدى الأهالي قد تكون مبررة بسبب عدم وجود حملات توعية كافية لإعطاء اللقاح قبل إطلاق الحملة الوطنية لإعطائه لطلبة المدارس.
لكنه أوضح أن المخاوف والروايات التي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي ليس لها أساس طبي، وإنما هي تشكيكات تعود إلى صدمة الأهالي بهذا اللقاح واسمه.
ما هو لقاح MR؟
أوضح الطبيب القضاة أن الجرعة التي عادة ما يأخذها الأطفال في الأردن هي "MMR"، أي: (Measles, Mumps, and Rubella)، وتعني تطعيمات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية، أما الجديد الآن وسبب حذف حرف "M" منه، أن الحكومة في حملتها الأخيرة تعطي لقاح "MR"، أي فقط Measles وRubella، ولن يعطوا الـMumps.
للتوضيح أكثر قال إن المطعوم الذي يعطى الآن للأطفال في المدارس لقاح ثنائي للحصبة والحصبة الألمانية، وليس ثلاثياً كما جرت العادة، أي من دون النكاف الذي يمثل حرف "M" الذي يتساءل الناس لماذا هو محذوف.
تابع أن لقاح MR، هو عبارة عن فيروس مضعف مع مواد آمنة حوله لنستطيع إعطاءه للمرضى ليقوم الجسم بصنع أجسام مضادة لمرضى الحصبة والحصبة الألمانية، لتساهم هذه الأجسام المضادة في الوقاية منه ومن خطورة أعراضه في حال الإصابة به مستقبلاً، ما يعطي مناعة جيدة للجسم.
ماذا عن الأعراض الجانبية؟ وهل هو لقاح تجريبي؟
قال الطبيب القضاة، إن الأعراض الجانبية للقاح MR، قد تكون حرارة وصداعاً وألماً في مكان الحقنة، أو شعوراً بالقيء، وهي أعراض محدودة جداً، تتشابه مع أي فيروس بسيط مضعف.
وطمأن الطبيب القضاة، بأن "وجود أعراض جانبية لأي علاج أو دواء أمر معروف عالمياً، وتقاس خطورة اللقاح أو العلاج بشدة الأعراض الجانبية أو تجاوزها للفائدة الطبية المحققة".
وأوضح أن هذا الأمر "ليس مخيفاً، ولا يجب أن يكون عائقاً أمام إعطاء المطاعيم أو العلاجات التي تسبب فقط الحد الأدنى للأعراض الجانبية المتوقعة التي تثير قلق البعض، مثل لقاح MR".
أما بشأن هل هو لقاح تجريبي، أكد أن التطعيم مجاز من كل الهيئات التي تدرس المطاعيم في العالم، وليس تطعيماً جديداً ولا تجريبياً، بل هو معتمد من منظمة الصحة العالمية، ويعطى في الأردن منذ نحو 10 سنوات.
لكنه شدد على أهمية معرفة أن أغلب التطعيمات لا تمنع الإصابة 100% بالفيروس، ولكنها تجهز ردة فعل مناعية عند الجسم في حالة تعرضه له، لتكون نسبة الإصابة أقل بكثير، وإن كانت هناك إصابة ستكون الأعراض الجانبية أقل بكثير، وهذا يشكل حماية للأطفال بالمستقبل من أن يصابوا بأمراض شديدة جداً وأعراض شديدة لهذه الأمراض.
واعتبر أن المخاوف الحالية المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، مبالغ فيها جداً من وجهة نظر طبية، مضيفاً: "لا أجد أي عائق طبي أمام إعطاء مطاعيم فيروسات مضعفة، للأطفال أو الكبار، لأن هذه أكثر طريقة آمنة في إعطاء المطاعيم".
وشدّد على أن المخاوف الموجودة حالياً مبالغ فيها، وغير مبررة، ولا يوجد ما يدعو للقلق الشديد منها.
لماذا في المدارس؟
من أكثر الأمور جدلاً المتعلقة بمطعوم MR على مواقع التواصل الاجتماعي، تركيز الحملة الوطنية على إعطاء هذا اللقاح في المدارس للطلاب، وقال القضاة إن سبب ذلك يعود إلى أنها طريقة فعالة للغاية، لأن المدارس فيها الفئة الأكثر عرضة للإصابة بحكم الاختلاط القريب بين الأطفال في المدرسة؟
وقال: "المدارس أكبر تجمع للأطفال يمكن الوصول إليه بكل سهولة، فلا تستطيع أن تطلب من الناس أن يراجعوا المراكز الصحية لأخذ المطعوم، ولا أن تذهب إلى بيوت المواطنين بكل سهولة".
وتابع بأنه "تم في الأردن تشخيص 164 إصابة بمرض الحصبة مؤخراً، فاتخذت الجهات المعنية قرارات بأهمية إعطاء جرعة مدعّمة للأطفال، لمنع انتشار هذا المرض بسبب احتكاك الطلبة في المدرسة، ليعمل المطعوم من خلال الحملة الجارية على زيادة مناعتهم لسنوات طويلة جداً من هذا المرض".
خطوط إنتاج اللقاح للشرق الأوسط
بشأن الفروق بين خطوط إنتاج اللقاحات للشرق الأوسط أو مناطق غيرها في العالم، قال القضاة إن هناك فروقاً بالفعل، ولكنها بسيطة جداً، موضحاً أن "المختلف هو في بعض المواد البسيطة جداً التي تساهم في حفظه، أو بعض الجرعات يكون المطعوم فيها مادة تكفي لـ10 أشخاص، وبعضها كافٍ لـ5، أما المادة الأساسية للمطعوم فهي مشتركة في كل خطوط الإنتاج في العالم والحاصلة على الموافقات اللازمة من المؤسسات الدولية".
عن الحملة الوطنية لإعطاء لقاح MR، قال القضاة إن "إعطاء الجرعة المعززة هو قرار وطني بامتياز، وأنصح الأهالي باحترامه وتقديره"، مشدداً على أن "الأردن من بين أقوى الدول في برامج التطعيم الوطني، فبرنامجه قوي جداً وبُني على خبرات كبيرة، وتم إنفاق أموال طائلة عليه، وهو من أسباب انخفاض معدلات الإصابة بالأمراض في المملكة مقارنة بكثير من الدول الأخرى المحيطة بنا".
أهمية التوعية باللقاح
أعاد أسباب القلق من هذا اللقاح، إلى "فقدان الثقة بين الشعوب والحكومات، وهذه ظاهرة عالمية وليست فقط في الأردن، فالتشكيك بلقاحات كورونا مثلاً كان في دول متقدمة بسبب ازدياد فجوة الثقة مع الحكومات".
أضاف إلى ذلك دور مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة حالة القلق، بسبب الرسائل والمنشورات غير المدققة وغير المعتمدة على رأي علمي موثوق.
وقال: "رغم مبررات التشكيك، لكن يجب على المشككين أن يعودوا إلى المراجع الطبية المعتمدة والمتخصصين الثقات، وأن يستمعوا إلى الرأي العلمي المبني على التجربة والبرهان، وليس على الرأي الشخصي المبني على المشاعر والانطباعات".
انتقد القضاة مستوى التوعية باللقاح قبل بدء الحملة الوطنية له، قائلاً: "كنت أتمنى أن يكون هناك دور أكبر لمركز مكافحة الأوبئة والأمراض السارية في الأردن في توعية الناس بشأن هذا الموضوع، ودور أكبر لوزارة الصحة، ولنقابة الأطباء، لإبلاغ الناس الرسالة الصحيحة والحقيقية".
وأكد أنه "كان يجب أن يكون هناك مزيد من التوضيح، بأن إعطاء هذه المطاعيم خطوة استباقية ذات إيجابية عالية جداً، وهذا دور المسؤولين عن القطاع الصحي لحماية أبنائنا من الإصابة من هذه الأمراض ووقايتهم لسنوات طويلة جدا للتعرض لأعراض شديدة من هذا الفيروس".
وشدد على أنه "طبياً، أتمنى أن يأخذ الناس هذا المطعوم، وأن يبادروا في أخذه، فهو يحميهم ويقيهم من تعرض حياتهم للخطر وقد تكون سريعة الانتشار بسبب عدم وجود أجسام مضادة كافية بعد سنوات طويلة من أخذ المطعوم".
وكانت وزارة الصحة الأردنية أعلنت مؤخراً عن البدء بحملة تطعيم لطلاب المدارس ورياض الأطفال والحضانات، لتلقيحهم بمطعوم MR ضد الحصبة والحصبة الألمانية، ما أثار جدلاً واسعاً.
تفاعل مع هذا الجدل نواب أردنيون، من بينهم النائب عدنان مشوقة، الذي طالب بتوضيح رسمي حول الأسباب التي دفعت وزارة الصحة إلى اتخاذ قرار تطعيم الأطفال من عمر السنة وحتى عمر الـ18 سنة بلقاح MR.
أما رسمياً، قال الأمين العام لوزارة الصحة الأردنية للرعاية الصحية الأولية والأوبئة رائد الشبول، إن "مطاعيم برنامج التطعيم الوطني آمنة، وليست جديدة وتُفحص في مؤسسة الغذاء والدواء".
ولفت إلى أن وزارة الصحة استخدمت مطعوم MR ضد الحصبة عام 2013 بواقع 4 ملايين جرعة، مؤكداً أن الوزارة تستهدف استخدام مطعوم MR ضد الحصبة بواقع 2.6 مليون جرعة في الحملة الحالية.
وقال إن البرنامج الوطني للمطاعيم أنشئ عام 1979 ويضم 12 مطعوماً، وأنه بفضل فعاليته تجنب الأردن الكثير من الأمراض، مثل شلل الأطفال والسعال الديكي.
وأوضح أن الوزارة تعيد تقييم المطاعيم كل فترة، وتدخل عليها مطاعيم أخرى.
أما مدير إدارة الأوبئة في وزارة الصحة أيمن المقابلة، قال لوسائل إعلام محلية، إن الحملة الحالية تأتي في ظل ارتفاع إصابات الحصبة في الأردن مؤخراً، وأنه سيجري إطلاق المرحلة الثانية لهذه الحملة منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولفت إلى أنه تم تسجيل 164 حالة إصابة بالحصبة في الأردن خلال الفترة الماضية، مضيفاً أن 141 دولة حول العالم اعتمدت مطعوم MR، وتم إعطاء نحو مليار و600 مليون جرعة من المطعوم بالتنسيق مع الصحة العالمية.
وأكد أنه من بين الدول التي تعطي هذا المطعوم العراق ودول خليجية، بالإضافة إلى تركيا.