تحليلات إسرائيلية: "عرين الأسود" ظاهرة يصعب قمعها

زمن برس، فلسطين:  ربط محللون إسرائيليون بين العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال في نابلس، الليلة قبل الماضية، وبين انتخابات الكنيست التي ستجري يوم الثلاثاء المقبل. واستهدف الاحتلال في عمليته مجموعة "عرين الأسود"، التي استشهد خمسة من ناشطيها. وتهدد إسرائيل بمواصلة استهداف المجموعة وأنها ستقضي عليها.

ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع، اليوم الأربعاء، فإن "العملية العسكرية في نابلس كانت عملية اغتيال وليست عملية اعتقال". وأضاف أنه استخدمت فيها قدرات استخباراتية للشاباك ووحدة التنصت 8200 في الجيش الإسرائيلي. وأفاد بأنه سبق العملية استخدام الشاباك لبرنامج "بيغاسوس"، الذي طورته شركة السايبر الهجومي الإسرائيلية NSO، لاختراق الهواتف الذكية والتجسس على حامليها والمحيطين بهم.

وتساءل يهوشواع حول توقيت هذه العملية واغتيال الناشط في "عرين الأسود"، الشهيد تامر الكيلاني، قبل ذلك بيومين: "لماذا لم يُنفذ ذلك حتى اليوم ضد تنظيم قدراته ضئيلة، لكنه نفذ عمليات مسلحة في منطقة نابلس ضد قوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين؟".

وبحسبه، فإن الجيش الإسرائيلي لم يفعل ذلك حتى الآن، إثر قرار اتخذ في المستوى الأمني في إسرائيل، بدعم المستوى السياسي، من أجل تمكين أجهزة الأمن الفلسطينية من العمل ضد تنظيم عرين الأسود. وينبغي أن نذكر أن عمليات مشابهة نُفذت عدة مرات في نابلس بقيادة قائد لواء أو فرقة عسكرية".

واستبعد أن تكون الصورة التي عممها الجيش الإسرائيلي لرئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، رونين بار، ورئيس شعبة العملية، عوديد بسيوك، في غرفة قيادة العمليات أثناء العملية العسكرية في نابلس "تخدم الردع الإسرائيلي، عندما يبثون أن قيادة رفيعة بهذا المستوى أدارت حدثا كهذا ضد تنظيم صغير. على العكس، هذا يُعظم عرين الأسود أكثر. وصور كهذه يتم نشرها عندما يتم اغتيال محمد ضيف (القائد العسكري لكتائب القسام في قطاع غزة)".

واعتبر المحلل العسكري في صحيفة "معاريف"، طال ليف رام، أنه "من الناحية التكتيكية كانت هذه عملية عسكرية ناجحة جدا". إلا أنه أضاف أنه "برز في قيادة المنطقة للجيش الإسرائيلي أن الضباط الكبار طلبوا يكون التعامل بتناسبية مع هذا الإنجاز وتأثيره ميدانيا. ويبدو أحيانا أنهم في جهاز الأمن يتحدثون بصوتين. من جهة، يحصل المُغتالون في البيانات الرسمية على أوصاف محترمة ويصورون كقادة تنظيم، كأن هذا أحد التنظيمات الإرهابية البارزة في العالم. ومن الجهة الأخرى، يوصي مسؤولون أمنيون آخرون بعدم تعظيم هذا التنظيم بهذا الشكل".

وأشار ليف رام إلى أن "تعظيم مبالغ فيه لعملية عسكرية ناجحة قد تعود كسهم مرتد إلى جهاز الأمن، وتطور ظاهرة تقليد وتشكيل تنظيمات مشابهة في مناطق أخرى" في الضفة الغربية. "والسرعة في الحصول على معلومات استخبارية هامة، سمحت بتنفيذ اغتيال بواسطة تفجير دراجة نارية، تؤكد أن مستوى الحرفية المنخفض".

من جانبه، شدد المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أنه "لا يمكن تجاهل العلاقة بين المجهود الأمني والخلفية السياسية. وثمة أهمية بالنسبة للحكومة، قبل أسبوع من الانتخابات، أن تُبرز أنها تحارب تهديدا إرهابيا جديدا ومتصاعدا. وطولب الجيش الإسرائيلي والشاباك بإظهار نتائج، الأمر الذي يفسر أيضا التواجد غير المألوف لرئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، ورئيس الشاباك، رونين بار، في غرفة قيادة العمليات أثناء تنفيذ العملية" في نابلس، الليلة الماضية.

وأضاف هرئيل أنه فيما يتعلق بالجانب الفلسطيني، فإن "’عرين الأسود’ نجحت في توصيف نفسها مظاهرة جديدة تتمتع بشعبية. ورغم عدد أعضائها القليل، فإن أي ادعاء يتعالى بشأن تحطيمها في الفترة القريبة لن يكون موثوقا. ولأنه لا توجد هنا خلفية تنظيمية راسخة أو هرمية واضحة، فإنه لا يمكن رصد انتماء ناشط كهذا أو ذاك مع المجموعة، إثر مقتله أو اعتقاله".

ورأى أن "’عرين الأسود’ هي عمليا فكرة أكثر من كونها بنية تنظيمية، وكونها كذلك يصعب وقف انتشارها. وحقيقة أن مئات الفلسطينيين تجمهروا حول المستشفى في نابلس، حيث تم إحضار الجرحى وجثث القتلى، تدل على أنه توجد هنا ظاهرة هامة. وشعبية ’عرين الأسود’ تتزايد. ولن تُقمع بسهولة".