"بدنا نعيش".. احتجاجات بالضفة ضد الغلاء ودعوات للإضراب

"بدنا نعيش".. احتجاجات بالضفة ضد الغلاء ودعوات للإضراب

زمن برس، فلسطين:  يواصل  حراك “بدنا نعيش” تنظيم فعاليات احتجاجية على الغلاء المعيشي وسياسة فرض الضرائب في قطاع غزة، وسط دعوات إلى الإضراب الشامل يومي الأربعاء والخميس المقبلين، بينما يواجه الحراك قمعا غير مسبوق من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحماس.

وعلى مدار 6 أيام تتواصل الفعاليات الاحتجاجية التي بدأت عقب توجيه  نشطاء دعوات على التواصل الاجتماعي بالتظاهر تحت شعار “بدنا نعيش” للمطالبة بتخفيض الضرائب، وتوفير فرص العمل،  لكن الحراك بدأ يخفت على ضوء غياب حاضنة من القوى السياسية والوطنية والإسلامية له، وتراجع حماس عن بعض قراراتها، إضافة إلى القمع العنيف الذي تعرض له المحتجون من قبل الأجهزة الأمنية.

واتهمت “حماس” النشطاء بالعمل المسيس تحت غطاء “بدنا نعيش” لإسقاط حكمها، واتهمتهم بأنهم مدفوعون بتوجيهات من السلطة الفلسطينية في رام الله وأجهزة عربية، على حد قول شخصيات قيادية في الحركة بررت قمعها للاحتجاجات.

في المقابل، نظمت عناصر محسوبة على حركة حماس مسيرات داعمة للحركة، وهاجمت “الحراك” وقيادة السلطة الفلسطينية. وفي الضفة الغربية نظمت وقفات تضامنية  مع الحراك في مختلف مدن الضفة، بينما نظمت نقابة الصحافيين في رام الله،  يوم أمس الاثنين، وقفة تضامنية مع الصحافيين المعتقلين وطالبت حماس بحماية حرية العمل الصحافي.

وقال المحلل السياسي، هاني حبيب، في حديث مع “القدس العربي” إنه “بعد 5 أيام من الحراك القوي ضد سياسة فرض الضرائب والجباية التي تنتهجها حماس يبدو أن الحراك متجه إلى الهدوء، على ضوء القمع الشديد الذي تعرض له من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحماس، إضافة إلى تراجع حماس عن بعض الضرائب والجباية التي فرضتها مؤخرا وإطلاق سراح المعتقلين، وسحب عناصرها من بعض التجمعات والمفترقات، واقتصار دعم فصائل العمل الوطني على البيانات”.

وأوضح حبيب أن “الحراك شعبي بامتياز ومطالبه حياتية ولا عيب في أن يكون مسيسا، لكن الفصائل بما فيها حركة فتح أعجز من أن تقود هذا الحراك”. مشيرا إلى أن “المحرض الأساسي للحراك، هو فرض الضرائب والمطالبة بالعيش الكريم، لكنه تم التحريض عليه  لمواجهته”.

وتعد التظاهرات هي الأوسع التي تخرج منذ 12 عاما ضد سياسة حكم حركة حماس في قطاع غزة، حيث دعا الحراك الشعبي “بدنا نعيش” اليوم الثلاثاء، إلى الإضراب الشامل في كافة مناطق قطاع غزة، يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

وأكد الحراك في بيان صحفي “أن الحراك مستمر دون تراجع، لإرغام حماس على الاستجابة للمطالب العادلة لأبناء شعبنا (حرية- عيش- كرامة)، والدعوة إلى ضرورة التجمع في كل الميادين والساحات، وفي الشوارع والحارات في تمام الساعة الرابعة عصرا من كل يوم”. كما دعا إلى “التجمع في كافة مناطق القطاع والهتاف والتهليل والطرق على الأواني والأنابيب، في الساعة الثامنة مساء من كل يوم”.

وفي سابقة من نوعها، قامت مساء الاثنين، عناصر مجهولة باختطاف الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة، عاطف أبو سيف، وهو شخصية وطنية وأدبية رفيعة، وقامت بتكسير أطرافه. حيث اتهمت حركة فتح عناصر حركة حماس باختطافه وتعذيبه وتكسير عظامه، إضافة إلى تكسير أطراف شخصيات فتحاوية أخرى، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورا لها.

وأثار الاعتداء على أبو سيف استنكارا واسعا من قبل الفصائل الفلسطينية، وشخصيات أدبية وكتّاب. وأدانت حكومة تسيير الأعمال في بيان لها اليوم الثلاثاء، الاعتداء على الإعلامي والكاتب الروائي عاطف أبو سيف في قطاع غزة، ووصفت ما حدث بـ”الإجرامي”.

وفي السياق، نشرت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان تقريرا مساء الاثنين، يرصد انتهاكات جسيمة وقعت بحق المحتجين، واعتقالات طالت المئات منهم. حيث قالت إن “الأجهزة الأمنية استخدمت نهجا أمنيا يرتكز على استخدام القوة المفرطة دون مراعاة للمعايير والضوابط القانونية التي تنظم الحق في ممارسة التجمع السلمي، ودور الأجهزة الأمنية في حمايتها”.

وبين التقرير “وجود استخدام مفرط للقوة في فض التجمعات التي تجاوز عددها 25 تجمعاً خلال الأيام الماضية في مختلف محافظات قطاع غزة. والاعتداء على المشاركين فيها”.

وأوضح تقرير الهيئة: “اعتدت عناصر كبيرة يتجاوز عددها سبعين عنصراً في بعض التجمعات من الأجهزة الأمنية بالزي المدني، والزي الشُرطي الأزرق والأزرق المموج، المدججين بالسلاح والهراوات والعصي وكان منهم ملثمون، تساندهم عناصر مدنية محسوبة على حركة حماس، والعديد منهم كان يحمل السلاح، واستخدموا في قمعهم للتجمعات القوة وإطلاق الرصاص لإرهابهم وتفريقهم، وغاز الفلفل، الأمر الذي أدى لوقوع إصابات مختلفة للمعتدى عليهم وكسور في الأطراف والأرجل، وسجلت إصابة لأحد المتظاهرين في رفح بعيار ناري في الساق”.

إضافة إلى احتجاز مئات المواطنين سواء من المشاركين في التجمعات أثناء فضها أو من خلال ملاحقات سابقة أو لاحقة للمظاهرات عبر مداهمة منازل المواطنين واحتجاز العديد منهم على خلفية المشاركة فيها.

ووفقاً لمعلومات الهيئة فقد زاد عدد المحتجزين عن 1000 مواطن على خلفية علاقتهم بالحراك، بشكل ينتهك الحق في المشاركة بالتجمعات السلمية والحماية من الاحتجاز التعسفي، كما رافق تلك الانتهاكات، دخول ومداهمة المنازل، وترويع قاطنيها من النساء والأطفال وكبار السن، وكسر الأبواب وتكسير محتويات المنزل من الأثاث والعبث فيها، ومصادرة الهواتف المحمولة المستخدمة في تصوير الأحداث من قمع وفض للتجمعات واعتداء على المتظاهرين.

وبيّن التقرير أن عدداً من المحتجزين تم اقتيادهم إلى مركز يتبع الشرطة العسكرية يقع في شمال قطاع غزة، ويقدر عدد المحتجزين المتبقين فيه حسب تقدير الهيئة أكثر من 300 شخص من جميع محافظات قطاع غزة.

ووثقت الهيئة احتجاز 23 صحافياً في مختلف محافظات القطاع، تم احتجازهم أو توقيفهم أو استدعاؤهم، على خلفية تغطيتهم لفعاليات الحراك سواء ميدانياً أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قامت الأجهزة الأمنية بتهديد عدد منهم ومصادرة هواتفهم النقالة ومعداتهم، بالإضافة إلى تعرض العديد منهم للضرب والإهانة وسوء المعاملة.

ومن بين تلك الحالات، وثقت الهيئة لحظة مداهمة منزل الصحافي أسامة الكحلوت، الذي تعرض للضرب وسوء المعاملة والاحتجاز على خلفية تغطيته فعاليات الحراك في منطقة دير البلح.

يُشار إلى أن فصائل العمل الوطني تدخلت لدى الأجهزة الأمنية للإفراج عن الصحافيين، وقد تم الإفراج حتى صباح هذا يوم الاثنين، عن معظمهم باستثناء الصحافيين عامر بعلوشة، وعمر طبش، وصالح ساق الله.

وقال التقرير: “في تطور غير مسبوق امتدت انتهاكات الأجهزة الأمنية لتطال المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يتمتعون بحماية قانونية خاصة تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لتمكينهم من ممارسة عملهم، فقد تعرض نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامي جميل سرحان، ومنسق التحقيقات في الهيئة المحامي بكر التركماني للضرب المبرح، ما استدعى نقلهم للمستشفى، بالإضافة إلى توقيف واحتجاز والتحقيق مع 5 باحثين ميدانيين من مراكز ومؤسسات حقوقية (المركز الفلسطيني والميزان والضمير)”.

وطالبت  الهيئة في تقريرها بالإفراج الفوري عن المحتجزين وحماية وصون حرية التعبير وحق التظاهر، وطالبت النائب العام بفتح تحقيق رسمي وجدي ومستقل في الانتهاكات التي وقعت خلال فعاليات الحراك.