واشنطن ستطلب من إسرائيل توضيحا بشأن تصنيف مؤسسات فلسطينية بـ"الإرهابية"

واشنطن ستطلب من إسرائيل توضيحا بشأن تصنيف مؤسسات فلسطينية بـ"الإرهابية"

زمن برس، فلسطين:  كشفت وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، عن أن الحكومة الإسرائيلية لم تخطر الإدارة الأميركية قبل إدراجها 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية على أنها "منظمات إرهابية". كما أبدت "قلقًا" إزاء التوسّع الاستيطاني للاحتلال في الضفة الغربية.

وصنفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في وقت سابق الجمعة، 6 مؤسسات حقوقية فلسطينية كـ"منظمات إرهابية". والمؤسّسات هي: "الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان" و"الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين"، و"الحق" و"اتحاد لجان العمل الزراعي"، و"اتحاد لجان المرأة العربية"، و"مركز بيسان للبحوث والإنماء". وتعقيبا على ذلك، شدّد مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، والذي يضمّ المؤسسات الستّ على خطورة القرار، الذي من شأنه أن يتسبب في "تدمير مؤسسات المجتمع المدني"، وذلك في تصريحات أدلى بها منسقه، محمود إفرنجي لـ"عرب 48".

وجاء الإعلان الأميركي خلال تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، قبيل انتصاف ليل الجمعة.

وقال برايس لصحافيين في واشنطن: "إسرائيل لم تخطرنا بإدراج 6 منظمات فلسطينية غير حكومية منظمات إرهابية".


وأضاف أن واشنطن ستطلب من إسرائيل "توضيح الأسس التي اعتمدتها لتصنيف منظمات مدنية فلسطينية تنظيمات إرهابية".

وقال برايس: "نعتقد أن احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ووجود مجتمع مدني قوي، أمر بالغ الأهمية للحكم المسؤول والمتجاوب".

"قلق" أميركيّ إزاء التوسع الاستيطانيّ

وسُئِل برايس حول التوسّع الاستيطاني للاحتلال في الضفة، والذي كان آخره ما كشف عنه جدول أعمال "لجنة التخطيط والترخيص" التابعة للاحتلال، والذي نُشر الخميس، وأفاد بأن تل أبيب ستصادق، الأسبوع المقبل، على آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية.

وقال برايس بشأن ذلك، إن "الولايات المتحدة قلقة من نية الحكومة الإسرائيلية الموافقة على البناء في المستوطنات الأسبوع المقبل، بما في ذلك في عُمق الضفة الغربية".

وأضاف أنه "يجب الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية الجانب، وهذا يشمل البناء في المستوطنات، وتأهيل -بأثر رجعيّ- البؤر غير القانونية".

وتأتي المصادقة رغم حديث رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، عن "ضغوطات أميركية" لوقف البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، فقد نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، عنه القول خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت): "فوجئت من الضغط الأميركي ضد البناء في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وهذه مسألة بالغة الأهمية بالنسبة لهم".

وفي أعقاب ذلك، قال رئيس المجلس الإقليمي لمستوطنات "غوش عتصيون"، شلومو نئمان، إن "الضغوط الأميركية ضد البناء اليهودي ليست جديدة أبدا، لكن استيطاننا ليهودا والسامرة هو إلى الأبد". ويُشار إلى أن بينيت نفسه تولى في الماضي منصب رئيس مجلس المستوطنات.

وأضاف نئمان: "نتوقع من أي رئيس حكومة أن يصرّ على القيم الأبدية لشعبنا مقابل ضغوط تمارسها جهات لديها مصالح آنية. وهذا التوقّع موجود خصوصا من جانب رئيس الحكومة، وهو زعيم حزب ’يمينا’ ورئيس مجلس المستوطنات السابق، وانتخب بأصوات بينها تلك التي حصل عليها في مستوطناتنا. وهذه ساعة امتحان له بكل تأكيد".

"هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية": قرار مريع

في السياق، وصفت منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، الجمعة، القرار الإسرائيلي بأنه "مجحف".

وقالت المنظمتان في بيان مشترك: "هذا القرار المجحف والمريع هو اعتداء من الحكومة الإسرائيلية على حركة حقوق الإنسان الدولية".

وأضاف البيان: "لقد سعت السلطات الإسرائيلية على مدى عقود بشكل ممنهج إلى تكميم رصد حقوق الإنسان ومعاقبة أولئك الذين ينتقدون حكمها القمعي للفلسطينيين".

ولفت إلى أن "عاملين في منظماتنا واجهوا الترحيل وحظر السفر، فقد كان المدافعون الحقوقيون الفلسطينيون يتحملون دائما وطأة القمع".

وأوضح أن هذا القرار "هو تصعيد آخر مثير للقلق يهدد بوقف عمل بعض من أبرز منظمات المجتمع المدني الفلسطينية".

 

وشددت المنظمتان على أن "تقاعس المجتمع الدولي على مدى عقود عن التصدي للانتهاكات الحقوقية الإسرائيلية الخطيرة وعن فرض عقوبات مجدية عليها إلى تحفيز جرأة السلطات الإسرائيلية على التصرف بهذه الطريقة السافرة".

"لا يجب استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لتقييد حقوق الإنسان"

بدوره، عبر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة عن قلقله من القرار، وقال في بيان إن قرارات التصنيف، تدرج أسبابا شديدة الغموض وغير ذات صلة، بما فيها أنشطة سلمية ومشروعة مثل تقديم المساعدة القانونية والترويج لخطوات ضد إسرائيل على الساحة الدولية، إذ تعتبر هذه التصنيفات أحدث تطور في حملة طويلة ضد هذه المنظمات وغيرها، الأمر الذي يضر بقدرتها على أداء عملها ذو الأهمية القصوى.

وتابع أن "تشريعات مكافحة الإرهاب يجب أن لا تستخدم لتقييد حقوق الإنسان المشروعة والعمل الإنساني".


 

ودعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إسرائيل إلى الاحترام الكامل للحق في حرية تكوين الجمعيات والحق في التعبير دون أي تدخل أو مضايقة ضد المنظمات أو موظفيها، وقال إن "المنظمات التي تم تصنيفها والتي ضمت عدد من شركائنا الرئيسيين هي: اتحاد لجان العمل الزراعي، والحركة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، ومؤسسة الحق، ومركز بيسان للبحوث والتنمية، ومؤسسة الضمير، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية".

شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: الاحتلال أساس الإرهاب

من جانبها، أكدت شبكة المنظمات الأهلية أن الاحتلال هو أساس الارهاب بما يمثله من ممارسات وجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وسياسات الاستيطان الاستعماري، والتطهير العرقي بحق المدنيين العزل وتصاعد الاعتداءات التي يقوم بها في كل الأرض الفلسطينية.

وشددت الشبكة في بيان على أن القرار، يُعدّ "امتدادا لذات السياسة الهادفة لكسر إرادة المؤسسات، وثنيها عن مواصلة عملها، واستمرارا للمخطط الذي تقوم به دوائر مؤيدة لدولة الاحتلال تنشط في أميركا، وأوروبا عبر ما يسمى ’NGO Monitor’، لتجفيف مصادر تمويل المؤسسات الأهلية الفلسطينية وتلفيق التهم بحقها، ومحاولات وسم عملها بالإرهاب".

وجددت الشبكة رفضها لهذا القرار وكل القرارات السابقة، وقالت إنها "ستستمر بذات الرسالة، والأهداف التي تسعى لتحقيقها، ولن تخيفها مثل هذه القرارات أو تزعزع من ايمانها، وعملها المهني والقانوني".

وأكدت أن "هذه المؤسسات هي مؤسسات فلسطينية أصيلة انبثقت من الحاجة لدعم الفئات والقطاعات التي تمثلها، وهي لا تحتاج لأمر الاحتلال لاستمرار علمها، وما يحكم عملها هو القانون الفلسطيني، واستمرار أداء رسالتها تجاه الشعب الفلسطيني، وهي مؤسسات أعضاء في شبكة المنظمات الأهلية لها بصماتها في إطار المشاريع التي تخدم الشعب الفلسطيني، ولن تتعاطى مع هذا القرار الجائر".

كما أكدت أنها ستطللق حملة دولية واسعة مع المؤسسات الدولية، والإقليمية لفضح جريمة الاحتلال، كما ستتابع على المستوى القانوني كل الحيثيات المتعلقة باستهداف العمل الأهلي على مدار السنوات الماضية.

وبحسب بيان للخارجية الفلسطينية، فقد بعث مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، رسائل متطابقة إلى 3 مسؤولين أمميين بشأن السياسات والممارسات التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين، وآخرها الإعلان حول المؤسسات الحقوقية.

ووُجّهت الرسال إلى الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو غوتيريش، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر مندوب كينيا مايكل كيبوينو، ورئيس الجمعية العامة المالديفي عبد الله شاهد.

وأشار منصور في رسائله بحسب البيان، إلى "مواصلة استعمار إسرائيل للأرض الفلسطينية وقمعها المنهجي للفلسطينيين مع الإفلات من العقاب". وأضاف أن ذلك "أدى إلى جملة أمور، من ضمنها الهجوم الأخير على منظمات المجتمع المدني في محاولة لتخويفها وإسكات تقاريرها التي تفضح انتهاكات الاحتلال".

وذكر منصور أن "هذا الافتراء والقذف يعتبر جزء من حملة ممنهجة ضد المجتمع المدني الفلسطيني لجرأته على فضح جرائم الاحتلال".

وطالب "بعدم السماح بمرور هذا الاعتداء السافر دون عواقب"، داعياً إلى "إدانته ورفضه". كما لفت منصور إلى "الوضع الحرج في القدس المحتلة جراء مواصلة إسرائيل بناء المستوطنات غير القانونية وهدم المنازل والطرد القسري ومصادرة الأراضي، بهدف عزل المدينة عن بقية الأراضي المحتلة".

وأشار إلى "مواصلة الجماعات الاستيطانية المتطرفة التي ترعاها دولة الاحتلال عمليات التوغل المنسقة في المسجد الأقصى المبارك، بهدف تأكيد السيطرة والسيادة الإسرائيلية على الحرم الشريف كجزء لا يتجزأ من محاولاتها لترسيخ الاحتلال في المدينة المقدسة ومحو هويتها الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية".

وشدد على "أهمية توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني". وتطرق إلى "مواصلة هجمات المستوطنين الإسرائيليين بهدف إيذاء وإرهاب شعبنا مع بدء موسم قطف الزيتون في فلسطين".

وزعم وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، في وقت سابق الجمعة، أنّ هذه المؤسّسات "مرتبطة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وأنها حصلت بين عامي 2014 و2021 على أكثر من "200 مليون يورو" من عدّة دول أوروبية.

وادّعى بيان لوزارة القضاء الإسرائيلية، أن "عشرات المسؤولين في هذه المؤسسات مرتبطون بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بطرق مختلفة، حتى أن بعضهم كان متورطًا في قتل الشابة رينا شنراف. ومع ذلك، الحكومات المناحة تجاهلت لسنواتٍ الوقائع"، على حدّ زعم البيان.

واستعان بيان وزارة القضاء بمعلومات قدّمتها جمعية "مراقب الجمعيات" (NGO Monitor)، المعروفة بمواقفها المتشدّدة تجاه المؤسسات الفلسطينية، في التحريض على المؤسسات الفلسطينية، وربط موظفين فيها بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

ومنذ سنوات، تشن إسرائيل حملة تحريض واسعة على مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في الاتحاد الأوروبي في محاولة لقطع تمويل هذه الجمعيات غير الربحية.