هآرتس - لا لعملية برية

اعتقدت النظرية القتالية للجيش الاسرائيلي على مدى السنين بأنه بعد الضربة الجوية الافتتاحية للمعركة، ومرغوب فيه أن تكون مفاجئة، تكون لازمة خطوة برية لاستغلال النجاح – احتلال أرض، ابادة عدو أو انهيار منظوماته. فما المعنى من هجوم ساحق لسلاح الجو، اذا لم تعط في اعقابه الفرصة للقوات المدرعة، المشاة والمساعدة لاظهار القدرة التي تجمعت في سنوات من التدريبات المضنية. «موكيد» (بؤرة) حملة الافتتاح في 5 حزيران 1967، كانت بالتالي المقدمة لحرب الايام الستة.

لقد علمت التعقيدات عديدة السنين والاصابات في العقود التالية جيوش العالم، بما فيها الجيش الاسرائيلي بأنه من المجدي التفكير أيضا باتجاه آخر، جوي فقط. وساهم في ذلك تطور التكنولوجيا وفي أعقابها التزود بسلاح موجه دقيق.

وقد جرب هذا النهج بنجاح في حرب كوسوفو في حرب 1999 وتبناه بحماس الجيش الاسرائيلي بعد انسحابه من لبنان، لا سيما في فترة كان فيها رئيس الاركان وجنرالات مركزيون حوله من خريجي سلاح الجو. غير أن الغلاف السياسي للقتال في لبنان، في 2006، سرعان ما أظهر أنه لن يكون كافيا استخدام السلاح من بعيد، سواء أكان جويا أم بريا.

ورغم أنفها، وبثمن لم يبدو محتملا في نظر الجمهور، انجرت في حينه إسرائيل الى تجنيد الاحتياط وإدخال الفرق الى الميدان. وهكذا، على نطاق أضيق، في حملة «رصاص مصبوب» في غزة أيضا، التي بدأت بضربة جوية، ولكن بعد انتظارٍ لاسبوع – بفضل جهد سياسي وبسبب حالة الطقس – استمرت في عملية برية لاسبوعين آخرين.

حملة «عمود السحاب» دارت، في الايام الثلاثة الاولى، دون احتكاك بري. واضح أن النشاط العلني لحشد القوات وتجنيد الاحتياط (والذي لم يأتِ أساسا لارسالها الى المعركة، بل لاستبدال القوات النظامية التي تنتقل من جبهات أخرى الى حدود غزة) يفترض أن يشكل ضغطا على المنظمات المسيطرة في غزة وعلى الجهات الدولية المؤثرة عليها كي توافق على صيغة وقف النار.

هذا رهان: اذا ما أصر الطرف الاخر، فمن شأن اسرائيل أن تنجر الى عملية برية، فقط كي لا تظهر بأنها مردوعة. يفضل ألا يأتي بعد عمود السحاب عمود النار بل صفحة في تسوية أمنية – سياسية لوقف النار.