أولى خطوات النجاح

ترتيب البيت من داخله وتحديد الأدوار بين ساكنيه، أولى خطوات النجاح والسعي لتحقيق الأهداف المنشودة من الحياة بشكل عام، وحتى إن اختلفت الأهداف من شخص لأخر خاصة بين أفراد البيت فإن هذا لا يتعارض ووحدتهم، بل بالعكس الوحدة تساعد وبشكل مباشر في تحقيق كل شخص لهدفه، وهذا الأمر ينطبق على جميع المستويات إبتداءً من الأسرة ثم العائلة فالمجتمع والأمة، فمنذ أن خُلق الإنسان وهو يسعى للعيش ضمن جماعة، وهذا ما أكده العلماء من خلال بحوثهم بأن الإنسان بطبعه يسعى للإنخراط ضمن بوتقة جماعية واحدة، ينصهر فيها فيكون له ما لهم وعليه ما عليهم، وهو ما أشار إليه رسولنا الكريم بشكل صريح وواضح، حينما قال: "يد الله مع الجماعة".
والأساس في زرع هذه القيم يأتي بالمقام الأول على عاتق الأسرة أو بمعنى آخر الأب والأم في تربيتهم لأبنائهم، فكلما كانت التربية صالحة إخضر الزرع ونضج، وغير ذلك يبس الزرع وإندثر، أي كما يقولون ما تزرع تحصد، لذا فمن الأوجب على الأهل تربية أبنائهم على حب الأخر، كيف لا ورسولنا يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، وكذلك تربيتهم على روح العمل والتماسك والتعاضد فيما بينهم كأسرة ومن ثم كمجتمع وأمة، وهذا ما حثنا عليه سبحانه في كتابه العزيز، حينما قال جل في علاه: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، فأسس ديننا الحنيف تدعونا الى التقارب وحُسن الجيرة وإسداء المعروف. ومن ثم يأتي الدور المهم للمدرسة الذي يكون في أساسه مسانداً ومتجانساً مع دور الأسرة في التربية، فمؤسسة المدرسة إن جاز التعبير والأسرة هما الأساس في غرس روح التعاون وتشكيل الأفكار للأطفال منذ صغرهم.
وبالطبع هنا لسنا بصدد الحديث عن الأسس الرئيسية لإصلاح الأمة، فعلى ما يبدو قد فات القطار وبلغ السيل الزبى، والأمر أصبح بحاجة إلى معجزة إلهية حتى يتم تصويب الأوضاع، ولربما تكون المعجزة إيضا في صغائر الأمور، إي إذا تم الإصلاح من القاع صلُحت القمة، بمعنى إذا تم التعاطي مع الموضوع بأهمية كبيرة داخل الأسرة، كتعاضد وتعاون أطرافها وحبهم الخير لأخوانهم من أبناء جلدتهم وهكذا دوليك، لربما نستطيع التغيير أو يحدث من تلقاء نفسه في المستويات الأولى، وأما طالما الكل يسعى لتحيقيق مآربه الشخصية متسلحاً بمقولة "أنا ومن بعدي الطوفان"، حتماً فإن الأمر سيكون من سيء لأسوأ، وهذا ما يعمد إلى تفكيك البنية الرئيسية التي جاء بها الإسلام ودعا لإتباعها. فالأمر ما زال بين إيدينا، ويُمكننا التغيير إن أردنا.