هل خيب اتفاق الكهرباء آمال الجمهور؟

استبشر المواطنون ورحبوا  كثيرا بما تمخضت عنه "اتفاقيات" سلطة الطاقة الفلسطينية مع الجهات ذات العلاقة فيما يخص الكهرباء، وهيؤوا أنفسهم لمرحلة جديدة تكون فيها خدمة الكهرباء بلا انقطاعات كما في الدول المتطورة، خصوصاً بعد أن وصفت الجهات الرسمية الاتفاق مع الجانب الإسرائيلي بالتاريخي، وبعد أن تولى صندوق الاستثمار الفلسطيني مهمة الإشراف على التيار الكهربائي.

ولكن وما ان ظهرت اول الغيوم في سماء فلسطين كشفت معها المستور، وبدت التساؤلات عن مصير الكهرباء التي تحتاج إلى صدمات كهربائية لضمان استمرارها بالتدفق عبر الشبكات إلى المستهلك، فهل غرر الاسرائيليون بنا في الاتفاق التاريخي لتحرير قطاع الكهرباء؟، وهل وقع مفاوضنا في "فخ" اسرائيلي فيما يخص هذا الاتفاق؟، ام أن هناك جهات فلسطينية مستفيدة منه على حساب توفير الطاقة الكهربائية للجمهور؟، أم أن قلة الخبرة والدراية بالحاجة الفلسطينية هي التي اوقعتنا والزمتنا باتفاقيات لا تلبي حاجاتنا حتى وإن قمنا بنسديد اثمان الكهرباء سلفا؟

وكذلك حال المواطن الذي شعر أن حكومته تركته وحيدا يصارع الظلمة والبرد حتى في أكثر نقاط السيادة "رام الله ومحيطها"، بات يضع يدا على قابض الكهرباء الذي جرى تشبيهه "بميزان الجزر" صعودا ونزولا، وما حمل معه من تدمير لأجهزته الكهربائية والتي لم يفرغ من تسديد اقساطها للبنوك والشركات الخاصة، واليد الاخرى على ما تيسر له من أغطية يدفئ بها ابناءه الذي ينتظرون مصيرا لم تبد ملامحه بعد.

حيث أعادت الأحوال الجوية العاصفة والتحذيرات الصادرة عن شركات كهرباء القدس، من عدم كفاية الطاقة الكهربائية المتوفرة لتغطية احتياجات محافظة رام الله والبيرة، الحديث مجدداً إلى السطح تفاصيل اتفاق الكهرباء الذي وقعته السلطة الفلسطينية مع وزارة المالية الإسرائيلية في سبتمبر الماضي، وجدوى ذلك الاتفاق الذي وُصف حينها بالتاريخي،  طالما أن أزمة التيار الكهربائي ما زالت حاضرة.

هذه الشركة التي تحمل اسم عاصمة الدولة الفلسطينية لا يعلم احد عنها شيئا، وكيف تدار؟، واين تذهب موازانتها؟، وما هي آليات المحاسبة فيها؟، ومن صاحب القرار فيها؟، وكيف تتعامل في عملها مع الجانب الاسرائيلي؟، وما هي الاتفاقيات التي تحكمها بهذا الصدد؟.

المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود قال حينها إن الاتفاق سيلغي كافة أشكال التعامل السابقة التي كانت تفرضها إسرائيل في هذا الإطار، ويحول شكل التعامل إلى ان تكون فلسطين مستورداً للطاقة.

وكانت  أبرز بنود الاتفاق التي لم يُفصح عنها كاملة، هي نقل صلاحيات الكهرباء بشكل كامل للحكومة الفلسطينية بما فيها نقاط الربط والقطع، إضافة إلى خفض تعرفة الكهرباء بمقدار 1.5 بالمئة مما عليه الآن، إلى حين الاتفاق على تعرفة نهائية خلال عدة أشهر، وذلك بالإضافة إلى معالجة مشكلة الديون المتراكمة والتي بلغت قيمتها 800 مليون شيكل، وكان الجزء الأكبر منها متراكم على شركة كهرباء القدس، حيث نص الاتفاق على خصم 40 بالمئة منها وتسديد البقية على دفعات، فهل ما زالت الديون تعيق تزويد الشركات الفلسطينية بكميات اضافية من الكهرباء؟.

عبد الكريم عابدين وكيل سلطة الطاقة قال إنه يوجد تواصل  مع الجانب الإسرائيلي لإنشاء خطوط ربط إضافية أو على الأقل تطوير نقاط الربط الحالية، مضيفاً أن هذه المسألة كانت مرتبطة باتفاق سداد الديون الذي تم مؤخراً، متوقعاً الحصول على موافقات قريبة من الجانب الإسرائيلي للحصول على حل هذه المشكلة، من خلال اللجان المشتركة التي تتابع تنفيذ الاتفاق.

وأكد عابدين على أن عدم موافقة الجانب الإسرائيلي على تزويد الشركات الفلسطينية بنقاط ربط جديدة حتى الآن، لا علاقة له بموضوع الديون، الذي تم انجازه مؤخراً، مشيراً إلى أنه سيتم خلال أسبوعين إلى ثلاثة تشغيل محطة تحويل الطاقة الكهربائية في الجلمة شمال جنين، وذلك بهدف سد العجز بالتيار الكهربائي في محافظات مختلفة.

وكان الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، بعث برسالة إلى رئيس الوزراء رامي الحمد الله مطالبا إياه بنشر الاتفاق وإيضاح مدى انعكاسه الإيجابي على ضبطفاتورة الكهرباء مع الجانب الإسرائيلي والترتيبات المتعلقة بالتزويد وبالتالي الحد من هدر المال العام من خلال ماسمي ب "صافي الإقراض.

وطرح الائتلاف عدداً من التساؤلات التي تشمل نطاق تغطية شركة النقل الوطنية التي ستتولى ملف الكهرباء،ودور الإدارة المدنية المستقبلي في إدارة هذا القطاع، فضلاعن كيفية احتساب سعر التيار الكهربائي من الموردالإسرائيلي والأسس التي سيعتمد عليها.

وللإجابة عن تلك التساؤلات قال نائب رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم إنه تم منذ توقيع الاتفاق تحويل مبلغ 572 مليون شيكل من الديون المتراكمة في مجال الكهرباء إلى الجانب الإسرائيلي، فيما تم تحويل مبلغ مليار و44 مليون شيقل كحقوق للسلطة الفلسطينية على إسرائيل.

ونوه ملحم إلى أن تسليم نقاط الربط لا يعني التسليم بالأمر الواقع كما هو، مشيراً" إلى أنه سيكون هناك إجراءات فنية كبيرة، ستؤهلنا للوصول إلى تعرفة مخفضة وخدمة أفضل بالاضافة الى زيادة القدرة التي يمكن الاستفادة منها وتغطية الاحتياجات للسنوات القادمة".

بعض المؤسسات والنقابات العمالية أبدت تخوفها من احتمالية اقتطاع اسرائيل لديون الكهرباء من المستحقات المترتبة للعمال، وهو ما نفاه نائب رئيس سلطة الطاقة، مشدداً على أن سداد ديون الكهرباء سيكون فقط من خلال شركات التوزيع والبلديات والتي ستسلمها مباشرة للجانبالإسرائيلي على مدى 48 شهراً".

وأكد ملحم في حديثه على أن شركة النقل الوطنية التي ستتولى إدارة قطاع الكهرباء، مملوكة بالكامل للحكومة وهي غير ربحية ومصاريفها الوحيدة تتمثل في نقل الطاقة من مصادرها، مشيراً إلى أن  مصادر الطاقة لن تكون إسرائيلية فقط وإنما ستكون  من دول مجاورة ومن مجطات تحويل خاصة ومحطات طاقة شمسية، وأضاف:" نحن لنا الحرية الكاملة في التعاقد مع أي مصدر للطاقة سواء كان عربي أو إقليمي أو محلي".

وكان المهندس هشام العمري مدير عام شركة كهرباء محافظة القدس حذر من احتمالية حدوث انقطاعات مبرمجة في التيار الكهربائي مع اقتراب كتلة هوائية باردة قد تعبر فلسطين خلال اليومين القادمين حسبما أفادت الأرصاد الجوية، موضحاً أن هذه الانقطاعات قد تحدث في ظل استمرار رفض إسرائيل تزويد الشركة بطاقة ربط إضافية والمدفوع ثمنها منذ العام على الرغم من توصل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لآلية السداد إلا ان ذلك لم يمنع من استمرار مماطلة الشركة الاسرائيلية منذ 2012، وذلك بحجة تراكم الديون على الشركة الناتجة عن عدم سداد الديون واستمرار السرقات، مما يهدد استمرارية الخدمات، ويحد من القدرة الكهربائية في حال حدوث منخفضات قوية وعميقة.

وأكد العمري احتمالية أن تكون هناك انقطاعات مبرمجة للتيار الكهربائي في عدد من المناطق خلال المنخفضات الحالية أو القادمة إذا زادت الأحمال على الشبكات، وخصوصاً في محافظة رام الله والبيرة، موضحاً أن ساعات الانقطاعات المبرمجة ستكون ما بين 3 إلى أربع ساعات عن كل منطقة.

حرره: 
م.م