في مراجعة لانتخابات جامعة بيرزيت.. قد تكون حركة فتح هي الفائز!
نشر يوم:أيار 9, 2016الكاتب/ة: غسان الخطيب
أثارت انتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت ونتائجها الاهتمام الذي تستحقه، كيف لا وهذه الانتخابات أصبحت من النوادر بعد الانحسار التدريجي لممارسة الانتخابات وثقافة الانتخابات في بلادنا، سواء على المستويات السياسية، كالمجلسين الوطني والتشريعي ولجان الفصائل المركزية، أو على مستوى المؤسسات النقابية والمهنية والأهلية، وحتى الطلابية في معظم الجامعات.
وبالرغم من تعدد جوانب الاهتمام بهذه الانتخابات، والتركيز على نتائجها، إلا أنني اخترت التركيز على جانب غير تقليدي، وهو التباين بين النتائج الانتخابية والنتائج السياسية لهذه الانتخابات، إذ في النتيجة الحسابية، قد يكون عدد المقاعد التي حصلت عليها الكتلة الطلابية المؤيدة لحماس أكثر من تلك التي حصل عليها الطلبة المؤيدون لفتح. ولكن النتيجة السياسية قد تكون غير ذلك.
ويعود سبب التباين بين النتيجتين الحسابية والسياسية إلى مفارقتين مهمتين يجدر الانتباه لهما:
المفارقة الأولى
أن مؤيدي حماس فازوا بأكثرية مقاعد مجلس طلبة جامعة بيرزيت التي تقع في الضفة الغريبة، وتخضع لحكم السلطة التي تشكل فتح أكثريتها وقيادتها، في حين لا تحصل مثل هذه الانتخابات الديمقراطية النزيهة في قطاع غزة الذي يخضع لحكم حركة حماس، لذلك، يحق لطلبة الجامعة من مؤيدي حماس الذين فازوا أن يتباهوا ويحتفلوا، ولكن لا يحق لحركة حماس في غزة التباهي بذلك، لأن توفير المساحة الديمقراطية اللازمة لمثل هذه الانتخابات في الضفة انتصار سياسي لفتح، وتعذرها في غزة هزيمة سياسية لحماس.
المفارقة الثانية
تكمن في أن أحد أسباب خسارة الطلبة المؤيدين لفتح يعود لقربها من رام الله التي شكلت في الأشهر الأخيرة عنوانًا للاحتجاجات الشعبية المتوالية ضد حكومة فتح، وآخرها التظاهرات الاحتجاجية الحاشدة ضد قانون الضمان الاجتماعي، وقبلها تظاهرات المعلمين ومؤيديهم المحتجين على معاملة الحكومة لهم، وقبلها الاحتجاج على قانون الصحافة، وهؤلاء المحتجون في الغالب آباء الطلبة أو إخوتهم أو جيرانهم، ما حمّل الطلبة المرشحين من مؤيدي فتح أوزار سلوك حكومتهم القريبة من جامعتهم جغرافيا واجتماعيا.
في المقابل، فإن بُعد غزة التي تحكمها حماس عن بيرزيت جغرافيّا واجتماعيّا، جنّب الطلبة المؤيدين لها أوزار الحركة التي كانت ستؤثر عليهم سلبيّا لو أن مثل هذه الانتخابات تحصل في قطاع غزة الذي تحكمه حماس، وتتعرض لقدر أكبر من الانتقادات من الجمهور هناك.
تمثل تجربة جامعة بيرزيت نموذجاً للتنافس والتعايش بين الاجتهادات السياسية والأيديولوجية والنقابية المختلفة، وسر نجاح هذا النموذج هو انتظام الانتخابات الدورية، والتزام الجميع بنفس قواعد اللعب، إضافة إلى التربية القائمة على تقبل الاختلاف والتعددية، فهل يمكن لهذا النموذج أن يكون ملهمًا للنخبة السياسية والمجتمع الفلسطيني في مختلف أماكن تواجده؟