موازنة المعارضة

بقلم: 

على بال زمن...بقلم صالح مشارقة

للمرة العشرين هذا العام أردد في مقالاتي فكرة أن على المتهمين في الإعلام أن يسارعوا إلى النفي إذا كانت المعلومة خطأ.
فاذا لم يقطع الرئيس شفوياً أو بشكلٍ مكتوب مخصصات الجبهة الشعبية، فعلى مكتبه أن يعلن موقفاً للرأي العام، لمعلومات الجمهور حتى يتخذ الأفراد مواقف جميلة تزيد البلد جمالاً، أو هائمة وضائعة فتزيد البلد هياماً وضياعاً.
في المقابل، ليس حال الشعبية أفضل من حال الرئيس، فحارقي صور الرئيس المستبد في غزة، أفضل تعبير عن حالة تلاعب شديد من الطابق العاشر في قيادة الشعبية، تلاعب مع القيم التي يربون الرفيقات والرفاق الصغار عليها في الشعبية: لماذا تذكرتم أن تحرقوا صوره عندما قطع الموازنة، ألهذه الدرجة المسائل مالية، لماذا لم تتحدوه عندما أوقف "تمثلات" الحقوق الوطنية أو لماذا لم تخرجوا عليه عندما جمد أرصدة الثوابت مثلاً؟.
والحادثة غير المعروفة المعلومات حتى اللحظة، تجعلنا نضيق ذرعاً بكثرة غضب عمنا الرئيس، فمن طرد رفاق الدرب في ذات الفصيل إلى عزل الحلفاء الشخصيين التاريخيين من الفصائل الجيران، إلى مطاردات لكوادر في الصف الثالث من نواب ونقابيين وصولاً إلى تعيينات وترقيات وظيفية سريعة.
يحدث كل هذا مع الرجل الذي لطالما أيدته الأغلبية الصامتة في منظمة التحرير، ولطالما قالوا عنه رجل المؤسسة، وبطل سلامة الفكرة، ومنازل ومجالد عباقرة الشعار الثوري الخنفشاري.
طيب: كيف سنفسر كل هذا الخلاف الفرداني مع المؤسسة وشخوصها، ألم يرفع هذا الرئيس شعار المؤسسة والمأسسة والأسس والأسوة الحسنة وابن عمها وبنت خالتها.
على كل: الحال ليس محصوراً في الرئيس وكيف قطع الموازنة بشكل شفوي أو بتوقيع وحيد، فالحادثة تذكرني بخاصرة رخوة تماماً في كل أجسامنا في المنظمة والسلطة والنقابات والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والهيئات المحلية، خاصرتنا المالية الرخوة، فأمين سر المال في جمعياتنا ومؤسساتنا بما في ذلك لجنتنا التنفيذية واحد أحد، ولا توقيع ثلاثي ولا خرافي على الشيكات والنفقات والمصاريف، فما جرى في الطابق العاشر في لجنتنا التنفيذية تكرار عن حوادث كثيرة تحوّل عالم "المؤسسة" الفلسطينية إلى درب من السوبرماركت المسكوت عن كل إدارته المالية.
كم نحن بحاجة إلى نص في كل انظمتنا الداخلية، يقول إن موازنة معارضتنا يجب أن تكون مثل موازنة مولاتنا السياسية، كي يظل قرارانا الوطني محترماً ويكوي قمصانه ويداوم بانتظام في المؤسسة ولا يباع ولا يشترى ولا تأخذه الصعقات العصبية ولا النزعات الفردية. 
كم كنا طماعين عندما رأينا في الوطن والوطنية شراعنا العالي في الإبحار نحو الحضارة والنماء. واكتشفنا أننا صعدنا الى السفينة ونسينا الدفاتر والأقلام على الشاطئ. 
كم كنا منحازين وعميان، عندما اعتقدنا أن منظمة التحرير وحدها هي البديل التاريخي لأبويتنا وقبليتنا،  وكم نحن بحاجة إلى تعلم مهارات جديدة في بناء المجموعة.

مقال خاص بزمن برس