الشفافية وقانون الانتخاب

بقلم: 
يواصل ممدوح العبادي تسجيل نجاحات تراكمية عبر امتلاكه لناصية العلاقات العامة بشكل ذكي سلس وخفة دم، وادارته لجمعية الشفافية الاردنية، المسجلة عام 2009، ويتباهى بها انها لم تحصل على اية مساعدات مالية من اي جهة اجنبية، وهو بذلك يتبرأ من تدني مواصفات السياسيين والاعلاميين ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز الابحاث الذين يتورطون بوعي او في جهالة الحصول على التمويل الاجنبي واغلبه غير نزيه .
 
ندوة قانون الانتخابات التي عقدتها جمعية الشفافية الاردنية في مجمع غرفة صناعة عمان ناجحة بكل المقاييس لانها جمعت نوعية محاضرين مميزين، وجمهورا واسعا متنوعا، وكرم ضيافة صناعة عمان .
 
فقد اختار محاضرين من ذوات مهنية رفيعة المستوى من عبد الرؤوف الروابدة الشخصية القيادية الجريئة ذات الحضور في اي من المواقع القيادية التي شغلها، او الجلسات التي يشارك بها، او المحاضرات التي يقدمها، فهو نكهة اردنية لا تتكرر، وكانت مداخلته نوعية تقدمية بتمسكه بخياري القائمة الوطنية والقائمة المحلية جنباً الى جنب،  والمراقب السابق لحركة الاخوان المسلمين الشخصية الدافئة التي تُضيف لجماعته وحزبه مزيداً من الاصدقاء وسعة اوسع لتسويق رؤية تنظيمه بدون تعصب، وقد افلح في تقديم وجهة نظره بطريقة واقعية غير منفرة على خلاف العديد من القيادات الاسلامية واليسارية والقومية المتعصبة الذين يقعون في عرض رؤية مغلقة لا تحتمل النقاش والمعارضة، فثمة فرق كبير بين التعصب المنفر والثقة المقبولة في توصيف الوضع السياسي وعرض المواقف الحزبية امام الاخرين سواء كانوا من المستقلين او من الحزبيين الذين يحملون وجهات نظر مخالفة، اما زميلنا عريب الرنتاوي فقد قدم مداخلته بتفوق بسبب متابعاته الجدية ومشاركاته العينية، ولذلك تكاملت الادوار بين ثلاثتهم وكانها مرسومة سلفاً، ولا شك ان هذا ما أراده ممدوح العبادي في هذه التوليفة من المحاضرين المتنوعين الأكفاء .
 
وطالما ان قانون الانتخاب هو اساس الندوة ومضمونها ومادتها فلا بد من اعادة التاكيد على ما يأتي :
 
اولاً : لقد اعطت لجنة الحوار الوطني خلاصاتها وتوصلت الى ضرورة وجود صيغتين متلازمتين هما القائمة الوطنية والقائمة المحلية للخروج من مازق التجريب والتوهان، ولكن مشروع القانون شطب القائمة الوطنية وابقى على القائمة المحلية، وبما يتعارض مع استخلاصات لجنة الحوار الوطني ـ الحكومية الملكية ـ انذاك، وهذا يدلل على استمرارية التجريب الرسمي عبر الحكومات المتعاقبة، ويدلل على غياب الارادة السياسية الثابتة والتدريجية في العمل من اجل عملية الاصلاح وهذا التجريب ينسجم ورغبات ونفوذ قوى الشد العكسي المحافظة التي لا ترغب بالتعديل والتطوير والتدرج نحو اردن ديمقراطي تعددي مُتطور .
 
ثانياً : القائمة الوطنية وحدها تملك امكانية شيوع الهوية الوطنية الاردنية الواحدة الموحدة وانتصارها، عبر مراكمة الاجراءات والسياسات والقوانين التي تميل لصالح الهوية الوطنية الاردنية الجامعة، والتراجع التدريجي عن الهويات الانقسامية والجهوية المتعصبة، فعبر القائمة الوطنية يتم جمع الاردنيين في قائمة واحدة في سبيل تحقيق النجاح، وتفرض على الاردنيين بمكوناتهم المختلفة التصويت لقائمة واحدة تضم مختلف المكونات الاردنية مؤتلفة فيما بينها ومبنية على المصلحة الذاتية والوطنية المتداخلة والمرتبطة مع الاخر، وتؤدي الى ترسيخ التصويت الجماعي من قبل القطاع الاوسع من الاردنيين، لصالح القائمة الوطنية الواحدة، واعادة انتاج ثقافتنا الوطنية بما ينسجم وهذا الطموح النبيل .
 
ثالثاً : لقد ادت القائمة الوطنية خدمة، ووفرت خبرة، واعطت نتيجة ملموسة لما نهدف اليه في تجميع الاردنيين وتوحيدهم ترشيحاً وتصويتاً، فقد نجحت قائمة عاطف الطراونة ابن الكرك مع خميس عطية ابن المخيم، ونجحت قائمة رولا الحروب المسلمة مع منير الزوايدة المسيحي، ونجحت قائمة حزب الوسط الاسلامي التعددي الذي يتباهى بها النائب مصطفى العماوي انها حصلت على اصوات من جميع محافظات المملكة، ونجّحت القائمة الوطنية المحامي فيصل الاعور من بني معروف كاول درزي من الازرق ، وحصل عبد الهادي المجالي على اصوات معتبرة من مخيم البقعة، وهكذا نستطيع ترسيخ القائمة الوطنية وتذليل العقبات امامها وتطويرها، رغم الثغرات التي صاحبتها، ولكنها اعطت نتيجة جديدة، لم تصل اليها سابقاً القوائم الفردية .
 
نحن بحاجة لتوحيد الاردنيين في ظرف نحن في امس الحاجة فيه للتماسك، خاصة في مواجهة ما نشاهده من تمزيق وانقسام عمودي بين مكونات المجتمع في السودان وليبيا ومصر وسوريا والعراق واليمن، ولا احد خال من الامراض الكامنة والمؤامرات الدفينة، فهل نتعظ من تجارب الاشقاء المريرة حماية لانفسنا وعائلاتنا وبلدنا ؟؟ .