لا للتنسيق الأمني ولا للتفاهم الأمني

بقلم: 

حركة فتح تتهم حركة حماس أنها تحرض الشباب على القيام بأعمال كفاحية في الضفة الفلسطينية ضد الاسرائيليين ، وحركة حماس تتهم حركة فتح على دفع شباب غزة للوصول الى الحدود نحو مناطق 48 ، في محاولة لاختراقها والتصادم مع جيش الاحتلال ، والهدف أن فتح تحاول احراج حماس في قطاع غزة ، وحركة حماس تحاول احراج فتح في الضفة الفلسطينية ، فالفعل الكفاحي بات في نظر الفصيلين معابة واتهام ، ومستمسك من كليهما على كليهما ، وذلك ليس بسبب انتقال الفتحاويين والحمساويين من مواقع العداء للاحتلال الى موقع التحالف معه ، بل لأن الفصيلين مكبلان باتفاقات غير متكافئة مع عدوهما الاسرائيلي ، فحركة فتح ملتزمة بالتنسيق الامني مع الاسرائيليين على خلفية اتفاق أوسلو وتشعباته وتراثه الذي بدأ مؤذياً وضاراً واستنفذ أغراضه وبات عبئاً على الشعب الفلسطيني ينفذه الطرف الضعيف وتنصل من تنفيذ التزاماته الطرف الاسرائيلي القوي والمتمكن .

وحركة حماس ملتزمة بالتفاهم الامني مع العدو الاسرائيلي منذ أن تم التوصل الى اتفاق “ تفاهمات القاهرة “ الموقعة بوساطة مصرية يوم 21/11/2012 ، في عهد الرئيس السابق محمد مرسي ، وتم تجديدها يوم 26/8/2014 ، في عهد الرئيس السيسي في أعقاب الاجتياح الاسرائيلي لقطاع غزة ( الجرف الصامد ) ، وهي تمنع بقوة أي محاولات للمس بالاسرائيليين من قطاع غزة ، والرسائل التي ترسلها للاسرائيليين عبر السفير القطري ، ومعبر عنها في الاعلام علنية تشير الى تمسكها بالتهدئة .

فتح ملتزمة بالتنسيق الامني بين رام الله وتل أبيب ، وحماس ملتزمة بالتفاهم الامني بين غزة وتل أبيب ، والحال من بعضه ، فكلاهما يحرص على الحفاظ على مكتسباته الحزبية والتنظيمية ، كل من منطقته وبقاء السلطة صامدة معه وبيده .

لقد انفجرت الهبة – الانتفاضة على طريق الثورة ، بسبب الحدث المباشر وهو الاعتداء على المسجد الاقصى ، ومحاولة تقسيم الحرم القدسي الشريف زمنياً ، واذا تم سيسعى المستوطنون المتطرفون للتقسيم المكاني للموقع المقدس لدى المسلمين ، وهو للمسلمين فقط ، كما الكنيسة للمسيحيين والكنيس لليهود والخلوة للدروز .

انفجرت ثورة الانتفاضة على خلفية المساس بالمسجد الاقصى ، ولكن الثورة الانتفاضة الانتقالية محطة من محطات العمل الكفاحي الفلسطيني الذي يستهدف ليس فقط حماية الاقصى ، بل حماية مدينة القدس باعتبارها فلسطينية عربية اسلامية مسيحية ، وعاصمة للدولة المنشودة ، والصراع يتفجر فيها وعليها رداً على محاولات تهويدها وأسرلتها بل وصهينتها ، وهذا هو مصدر الفعل الفلسطيني ودوافعه ، واذا كانت القدس وفي قلبها الاقصى والقيامة ، بوابة النضال الحي لباقي فلسطين ، فالنضال في قطاع غزة يستهدف استكمال خطوات الحرية والاستقلال لتكون غزة نموذجاً لباقي المناطق الفلسطينية في كنس الاحتلال واقامة السلطة الوطنية المحلية المتعددة ، وتحررها من الحصار الخانق ومن التسلط المحلي المنفرد منذ الانقلاب والانقسام عام 2007 .

النضال الفلسطيني يستهدف كنس قواعد جيش الاحتلال وازالة المستوطنات عن أراضي الضفة الفلسطينية كما سبق وحصل في قطاع غزة ليتم استكمال توحد وتماسك ووحدة القدس مع الضفة والقطاع لتكون وحدتها الجغرافية هي الارضية لوحدتها السياسية والوطنية في قيام الدولة المنشودة وعاصمتها القدس .

بسالة شباب فلسطين ، غير محدودة ، فالذين يواصلون العمل والكفاح يواصلونه وهم يعرفون سلفاً أن العمل يستوجب التضحية بالنفس ، وهو ما يحصل من تتالي سقوط الشهداء ورفعتهم ، كشموع  مضيئة لطريق شعبهم وصولاً نحو استعادة حقه في الحياة والكرامة والاستقلال والمساواة والعودة .

كل اجراءات حكومة العدو الاسرائيلي ، ومستوطنيه المستعمرين لن توقف مسيرة شعب لا يستطيع العيش في ظل غياب الامل وفقدان الكرامة ، ومتطلبات العيش ، وهذه النتيجة هي الخلاصة السوية الطبيعية في رفض الذل والفقر والتسلط ، وتعبيرات شباب فلسطين ، بأفعالهم الكفاحية هي الدليل على حجم الوجع والمعاناة ولهفتهم نحو المستقبل ، فقد تم اختبار كل الوسائل الممكنة والمتاحة من وقف عمليات الكفاح المسلح ، الى وقف الانتفاضة الى الجلوس على طاولة المفاوضات منذ أوسلو الى اليوم ، لم تثمر على تحقيق الحد الادنى من حقوق وكرامة الشعب الفلسطيني ، فالاستيطان اتسع والمستوطنون المستعمرون زادوا ، واليمين المتطرف ازداد شراسة وقوة وبات في مركز صنع القرار الاسرائيلي .

لقد فشلت مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 في عهد كلينتون ، وأنابوليس 2007 في عهد بوش ، وفي عهد وولايتي أوباما الاولى مع جورج ميتشل ، وولايته الثانية مع جون كيري ، ولم تثمر المفاوضات عن شيء يمكن المباهاة في تحقيقه ، سوى الفشل والسراب وعدم القيمة .