رؤيا والمحطة الجديدة المستقلة

بقلم: 

حينما إنفجرت قضية " رؤيا " على خلفية برنامج تلفزيوني ، أثارها أحد النواب المحترمين إحتجاجاً على بث برنامج تثقيفي أو تعليمي أو فكاهي ذات مضمون " إستفزازي " وحقيقة إحتجاجه يعود لرفض إدارة محطة " رؤيا " لمشروع برنامج تلفزيوني قدمه سعادته ،  ورداً على عدم تجاوب " رؤيا " معه ثارت حفيظته ، وفعل ما فعل عبر بيان وقعه زملاء له قال بعضهم فيما بعد أنهم لم يقرأوا محتوى البيان ووقعوا عليه خجلاً وإحتراماً للزمالة ، و" لم نكن نعرف حقيقة الواقعة ودوافعها " .

ومع ذلك ، ورداً على إتهامات رؤيا ، وتخلصاً من الحرج وإستجابة لمطالب البعض بمعاقبة " رؤيا " وإغلاقها ، قدم رئيس مجلس إدارة رؤيا السيد ميشيل الصايغ إقتراحين للرئيسين عبد الله النسور وفايز الطراونة ، كل من خلال موقعه ووظيفته :

الأقتراح الأول : تنازل المالكين لمحطة رؤيا عن ملكيتهم لصالح الحكومة ، ويكون التنازل مجانياً بلا مقابل لأن ذلك سيوفر على المالكين خسارة سنوية تقدر بمليوني دينار تُغطى من صافي أرباحهم من الشركات الناجحة المنتجة والمثمرة التي يملكونها .

والأقتراح الثاني : إذا كان لدى الحكومة نية أو رغبة أو برنامج أو مشروع لإنشاء محطة تلفزيون جديدة ، إلى جانب محطة التلفزيون الأردني الرسمية ومرافقة لها ، ولم تتجاوب الحكومة مع الأقتراح الأول وقبولها مجاناً ملكية " الرؤيا " ، فالمالكون لمحطة " رؤيا " لديهم الأستعداد للعمل من أجل إقتراح ثانِ وهو فتح المحطة لبث كافة البرامج السياسية والتاريخية والتثقيفية والترفيهية والرياضية والأقتصادية التي ترغب الحكومة ببثها أو بنشرها ويتم ذلك مجاناً .

ولكن الحكومة لم تتجاوب لا مع هذا الأقتراح الأول ولا مع ذاك الثاني ، وواصلت برنامجها لإنشاء محطة تلفزيون جديدة مستقلة، ولذلك يستوجب السؤال ويبقى مشروعاً حول هدف الحكومة لإنشاء محطة تلفزيونية جديدة ، طالما أن كلفة مالية كبيرة ستدفع من خزينة الدولة لمشروع إعلامي غير مضمون النتائج لتحقيق النجاحات له ، ليس لعجز إدارته فربما تملك الأدارة برنامجاً ورؤية تستاهل النجاح والدعم ، ولكن سوق المنافسة قوياً وروح الأدارة التي ستقود العمل وسقف حريتها لن يتجاوز سياسات الحكومة ورغباتها وإذا أحنت هذه الحكومة رأسها فماذا سيكون موقف الحكومات التالية ، لأن إدارة المحطة الجديدة المستقلة ستصطدم بعقلية ومصلحة الممول وسياسته ، والممول هنا وسياسته هي الحكومة فلماذا البعثرة إذا كانت " رؤيا " قد عبرت عن إستعدادها لعرض كل البرامج المرغوب من قبل الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها عرضها مجاناً على شاشة " رؤيا " علماً أن " رؤيا " قد كلفت أصحابها منذ تأسيسها لهذا الوقت 14 مليون دينار أردني ، فلماذا إضافة خسائر جديدة على خزينة الدولة في وقت تعاني منه الخزينة عجزاً متراكماً وديوناً طائلة ؟؟

مشروع المحطة الجدية قد يكون حلماً لدى أصحاب المبادرة الذين فكروا بها ، ويكون تحدياً لدى القائمين عليها ، ولكن إلى متى ؟؟ إلى متى ستبقى المحطة صامدة في وجه السياسات الحكومية وتمارس الأستقلالية عن السياسات الحكومية ؟؟ وإلى متى ستبقى المحطة مغلقة في وجه الواسطات الأردنية وتدخل أصحاب النفوذ ويقتصر العمل فيها على الكفاءات فقط ؟؟ وإلى متى سيبقى مجلس الأدراة صامداً في وجه الحكومة الحالية ؟؟ أو مع حكومات لاحقة ، ولن يتحول إلى نسخة مكررة عن التلفزيون الأردني إدارة وعاملين ؟؟ وعلى ذكر التلفزيون الأردني لماذا لا يتم تطويره وتحسين مستواه وإعطاء جرعة شجاعة لمضامينه إذا كان يفتقد لكل هذا ، والحقيقة يجب أن تقال أنه يملك الكفاءات والخبرات ولكنه يفتقد للغطاء والحماية إذا تجاوز السقف المسموح له ، ودلالة ذلك أننا نشاهد كفاءات التلفزيون الأردني على الشاشات العربية ، وخبراتهم هذه إكتسبوها من مدرسة التلفزيون الأردني !! وهذا يدلل أن سبب غياب الأبداعات عن التلفزيون يعود لغياب القرار السياسي لجعل التلفزيون حراً طليقاً بإرادة وطنية ولكن بسقوف مرتفعة ومتزنة في نفس الوقت .

ملاحظة : أرجو أن لا يلام التلفزيون الأردني مستقبلاً حينما يرفع سقفه لمجاراة تلفزيون المحطة المستقلة ، فيقال له أنت تلفزيون الحكومة بينما الأخر تلفزيون السياسة المستقلة .

في النهاية شكراً لمبادرة السيد ميشيل الصايغ الذي سعى لخدمة الأردن ولا يزال ، عبر تنازله عن ملكية " رؤيا " مجاناً ، أو لتقديم شاشة " رؤيا " مجاناً لسياسات الحكومة وبرامجها ، شكراً له لأنه قام بالمبادرة ولأنه لم يتلق كلمة الشكر من أحد لأن الذين إستمعوا إليه فوجئوا بالإقتراحين ونسوا تقديم شكرهم له وها أنا أفعل نيابة عنهم  وعن شعبنا كله رافع الضريبة للحكومة حتى تواصل تمويل سياساتها وبرامجها من جيوب الأردنيين .