حـوار قـانــون الانـتـخـابــات

بقلم: 

حسناً فعلت اللجنة القانونية البرلمانية ورئيسها بفتح النقاش من أوسع الأبواب حول مشروع قانون الإنتخابات النيابية ، ووضعت برنامج استماع حواري مع مختلف الفعاليات والأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني بدءاً بالعاصمة ومروراً بكافة المحافظات ، وكان فاتحت اللقاءات مع الرؤساء السابقين للحكومات ولمجالس النواب ، الذين من المؤكد أنهم لم يتفقوا على القانون ، لا شكلاً ولا موضوعاً ، فالليبرالي التقدمي طاهر المصري وفاء لتراث لجنة الحوار الوطني طالب بالحفاظ على القانون المختلط الذي يجمع ما بين القائمة الوطنية وقائمة المحافظة ، لا أن يقتصر القانون على قائمة المحافظة ، ويشطب القائمة الوطنية ، وتوقف الرئيس الروابدة حول ضرورة ربط تقسيم الدوائر بالقانون وليس بنظام مرفق وهكذا باقي المحافظين إلى المحافظين جداً ، والمحافظين نص نص إلى الذين يتمسكون بقانون 89 ، مما أدى ويؤدي إلى مزيد من الأرباك وعدم التوصل إلى صيغة وطنية وقاسم مشترك بين قوى التأثير مع قوى الأصلاح المستنيرة ورغبات الطامحين للتغيير الديمقراطي التدريجي ، وما بين هذا وذاك تبرز قوى التطرف المراقبة لتصل إلى نتيجة وخلاصة تقول : شايفين ما في فايدة والحل الجذري هو الجهاد والجهاد وحده والأسلام هو الحل ولا حل غيره ، وأخرين يطالبون بالحفاظ على هيبة الدولة بدون إنتخابات ومجالس نواب تسبب الصداع بلا فائدة ، وأخرين يقولون بالحل القومي ، وربما البعض ما زال وفياً للحل الإشتراكي ، وهكذا ننسف أي أمل بالسير نحو التغيير المدني الديمقراطي التدريجي متعدد المراحل نحو نظام نيابي ملكي وحكومات برلمانية حزبية .
بالأمس سمعت ذوات معتبرة سبق وأن شغلت وظائف ومارست دوراً في الحياة العامة جواد العناني وسمير حباشنة وسامي جمو وإتفقوا وخلصوا إلى نتيجة غياب التقاليد البرلمانية والقانونية والدستورية بغياب التراكم ونزع الخطوات التدريجية فالعنوان الحكومي القوي  هو من يأتي بنسف تراث ما قبله ، ولا يبني عليه وتستمر شرعيته من خلال إلغاء إنجازات ما قبله .
حسناً فعلت اللجنة القانونية ، بما فعلت من فتح الحوار ، وقد سبقها الوزير خالد الكلالدة ، بفتح بوابات حوار مماثلة ، مما يفتح الذهن إلى إحتمالين :
الأول : أن مؤسسات صنع القرار وصلت إلى نتيجة مفادها ضرورة الأستماع إلى الأردنيين على مختلف مستوياتهم ، كي يشعروا أنهم شركاء فيها يتصل بهم من قوانين وسياسات ، خاصة أن تجربة ثورة الربيع العربي الدموية المُرة ، كانت أحد دوافعها ومبرر إنفجارها عدم الصلة ما بين طبقة صناع القرار مع مؤسسات المجتمع المختلفة لغياب الديمقراطية وضعف المؤسسات الرسمية بإستثناء الأجهزة الأمنية التي فشلت وحدها في معالجة الربيع العربي وهُزمت أمامه مثلها مثل قادة أنظمتها .
والثاني : أنها لعبة ذكية تستهدف إستنزاف الأردنيين بالقانون وكأنه الملاذ الوحيد لأخراج الأردنيين من مشاكلهم السياسية والأقتصادية والإجتماعية والديمقراطية ، وبالتالي يتحول القانون إلى حالة إلهاء منهجية بدون أن تترك الحوارات أثرها المطلوب في صياغة مشروع قانون أكثر عصرية وديمقراطية وأكثر إستجابة لمطلبي الأردنيين وهما : أولاً الحفاظ نسبياً على هوياتهم الفرعية وما يسمى حقوقهم المكتسبة ، وثانياً تطوير القانون والمجتمع نحو الهوية الوطنية الجامعة لكل الأردنيين فالتجربة السابقة بخوض الأنتخابات ضمن قوائم وطنية أعطت ملامح إيجابية يجب التمسك بها والعمل على تطويرها لا أن يقوم قانون جديد على حسابها .
مهما كانت حسنات مشروع القانون الجديد بما حوى من قوائم المحافظات المفتوحة أو المغلقة ، والنجاح على أساس قانون التمثيل النسبي ، فهو لا يملك الوصف على أنه خطوة متقدمة إلى الأمام طالما أنه تراجع عن مضمون القائمة الوطنية على مستوى الوطن والتي جمعت في حصيلتها تشكيل كل قائمة على أوسع قطاع تمثيلي من الأردنيين وتنجح كما النائب مصطفى عماوي رئيس اللجنة القانونية الذي سبق وأن فازمرتين الأولى عبر الدائرة المحلية ، والثانية عبر القائمة الوطنية وحزب الوسط الأسلامي ، إذ يقول لقد حصلت عبر القائمة الوطنية على أصوات الأردنيين من كل المحافظات والألوية ومن أحياء المدن والريف والبادية والمخيمات ، ومن المسلمين والمسيحيين ولذلك أتباهى لأن أقول إعتماداً على ذلك أنني فزت كنائب وطن وأتمنى الحفاظ على ذلك .