من الملام نحن أم البحر؟

بقلم: 

تُحرك صورة الطفل الشهيد على أحد شواطئ البحر المتوسط، في نفوسنا الألم والبكاء، ولكننا نعلم تماماً أن آلاف الأطفال قُتلوا قبله، وما زال هناك من هو مرشح لأن يُقتل بعده، ولا يبكي عليهم أحد. تفنن النظام السوري بتعذيب شعبه وقتله بالغازات السامة، أو بالبراميل المتفجرة، أو التعذيب وقطع الأطراف والموت جوعاً وعطشاً داخل السجون، وهذا ما رأينا صوره بالآلاف. النظام السوري هو نظام إرهابي بامتياز، وليس فقط نظام استبدادي يرعب معارضيه، لأنه يقتل الأبرياء تخويفاً لمن قد يُفكر بالاحتجاج عليه.

    لو لم يتحرك الإعلام الغربي بكثافة، لما تحرك أحد، ولا ذكر الخبر في بلاد العرب أحد، لو لم تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، لبقي كغيره في غياهب النسيان.

  الإعلام العربي والكُتاب العرب، يلومون دوماً الغرب على كذا وكذا، ويُلقون بالمسؤولية على كاهل الأنظمة العربية، لأنها هي المسؤولة عما يحدث، ويلومون روسيا وإيران. المشكلة أن كل هذه الاتهامات لهذه الأطراف تعني تحديد مُعسكر الأعداء الجلادين؛ النظام السوري وداعميه والساكتين عن إجرامه، ولكن لا أحد يلوم أو يذكر الأطراف التي تقف في صف الاتجاه المُعاكس، أي مُمثلو الضمير العربي والشباب العربي، من حركات اجتماعية وسياسية، ومن جماهير ثائرة.
  نحن نرى عشرات الآلاف في أوروبا يتظاهرون، دعماً للاجئين السوريين، وعشرات الآلاف يستعدون لفتح بيوتهم الخاصة وقلوبهم لاستقبالهم، حتى في أيسلندا التي لا يزيد عدد سكانها عن 300 ألف نسمة. بينما لا نرى أي مظاهرة  تضامن شعبي مُعلن في شوارع عمان، القاهرة، الرياض، الرباط أو الجزائر، أين هم الإسلاميون والقوميون، واليساريون والعلمانيون، واتحادات الطلاب والعمال، والمهنيون وجمعيات التضامن وغيرها.

  نحن ندرك أن الأنظمة العربية، هي جزء من المشكلة، وليست هي الأولى بالمساهمة في الحل، ولذلك ليس من المفيد ذكرها والطلب منها فتح الحدود، فهي لن تقبل، ولكن من حقنا أن نطلب من كل مواطن عربي، أن يفتح قلبه وبيته ومحفظته لأبناء وأطفال سوريا، ويرفع صوته ضد حكامه، من حقنا أن نصرخ بوجه الأحزاب العربية والهيئات الاجتماعية، المحسوبة على معسكر الشعب؛ أين أنتم؟.

  معسكر الأعداء أكثر تضامنا مع أهدافه المعلنة والمضمرة، وها هو يواصل العمل ضد الربيع العربي، وبدون أدنى رحمة، بينما معسكر التغيير والنهوض من الإستبداد ما زال نائماً ومُقسماً. وحدها مظاهرات جنوب العراق وبيروت قد تعيد لنا بعض الأمل في صحوة جديدة.

  وامعتصماه، صرخة لا يجب انتظار الجواب عليها من أنظمة الظُلم والإجرام المُنتشرة على طول الوطن العربي وعرضه، والتي تُمسك برقاب 430 مليون إنسان، وإنما إلى هؤلاء الناس مباشرة، نحن الآن في زمن الشعوب وقد ولى الظلم والاستبداد في مُعظم أرجاء المعمورة، فمتى سنعود لنصحو من جديد، بانتظار ذلك، إن غرق أطفالنا في البحر، أو ماتوا حرقاً في فلسطين أو حماة، فلا يجب أن نلوم إلا أنفسنا.