التربية أولا وأخيرا

بقلم: 

"إذا أردنا أن نحقق السلام الحقيقي في العالم، فعلينا أن نبدأ بتعليم الأطفال" هذه المقولة التي قالها غاندي هي أساس ومحور مقالي هذا، مقالي الذي يأتي بعد مشاهدات متكررة ألاحظها وأسمعها على لسان الكثيرين من الأصدقاء والصديقات ، وعن معاناتهم الكبيرة في احتواء ما يتعرض له أطفالهم\ن  في الحيز الخاص والعام.

فحتى نبني جيلا متصالحا مع ذاته ومع غيره، وحتى نبني أسر محبة ومتفاهمة وبعيدة عن العنف داخلها يجب أن نؤمن بهذه المقولة ونطبقها، فما وصل له وضعنا الإجتماعي في الآونة الأخيرة من ازدياد المشكلات الإجتماعية من عنف وخصام وكراهية ...الخ، هي نتاج ما نربيه لأبنائنا يوما بيوم.

فالأم أو الأب الذي يربي ابنه أو ابنته على كره الآخر، والأنانية وحب الذات، وعدم تقدير القيم المجتمعية وحقوق الآخري، والإعتداء على هذه الحقوق، هو من يقودنا الى نتيجة ازدياد حالات القتل والعنف والمشكلات بين الأفراد وما بين الأسر وفي السياق العام أيضا.

عندما تقف الأم أو الأب متفرجين على أبنهم أو إبنتهم وهم  يمارسون العنف فعليا، ويتحدثون بمصطلحات مشبعة بالعنف مثل"ساقتلك" راح أدبحك" بالإضافة الى قائمة طويلة من المسبات والألفاظ السوقية التي نسمعها على لسان الأطفال والفتيان في أغلب الأوقات.

عندما يقف الأب أو الأم مشجعين أبناءهم على الضرب أو الإعتداء على أقرانهم دون ردعهم ودون تعليمهم ماذا يعود هذا السلوك عليهم وعلى علاقاتهم، يكون الآباء شريكون في هذا الخطأ وليس الطفل وحده.

الى جانب الدلال الزائد حيث يعطي الطفل معظم رغباته كما يريد هو وعدم توجيهه وعدم كفه عن ممارسة بعض السلوكيات الغير مقبولة خلقيا او اجتماعيا والتساهل معه في ذلك، فعندما يصطحب الأباء الطفل معهم مثلا الى منزل الجيران او الأقارب ويخرب الطفل أشياء الآخرين ويكسرها لا توبخه او تزجره بل تضحك له وتحميه من ضرر الآخرين ، كذلك الحال عندما يشتم او يتعارك مع احد الأطفال تحميه ولا توبخه على ذلك السلوك بل توافقه عليه.

وقد يتجه الوالدين أو احدهما إلى اتباع هذا الأسلوب مع الطفل إما لإنه طفلهما أو طفلتهما الوحيد\ة او لأنه ولد بين أكثر من بنت أو بنتا بين أكثر من ولد، او لإن الأب قاسي فتشعر الأم تجاه الطفل بالعطف الزائد فتدلله وتحاول ان تعوضه عما فقده، أو لأن الأم أو الأب تربيا بنفس الطريقة فيطبقان ذلك على ابنهم،  الأمر الذي يجله أنانيا  محبا لذاته فقط، وقد يصل  كبيرة من العدوانيةلأنه لا يجد رادعا أو من يقوم سلوكه بشكل صحيح، الأمر الذي يؤسس لمجتمع عنيف وغير متصالح أو متسامح مع ذاته وبين أفراده.