الإعلام المحلي وقضية الأسرى

بقلم: 

تعتبر قضية الأسرى العنوان الأبرز للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال هذه المرحلة، فهم قبلة التحرر والخلاص من الإحتلال الذي كلفنا الاف بل ملايين السنين من أعمار هذا الشعب على امتداد سنوات النضال الفلسطيني، حتى أصبحت كل بيوتنا لها تجاربها الخاصة مع الإعتقال، حيث إننا كل يوم نقترب شيئا فشيئا من تسجل الرقم مليون لحالة إعتقال في سجلاتنا المؤرخة منذ نكسة عام 1967.
ولا زال هذا المحتل ماضيا في جريمته، كيف لا وهو العاشق لبذور التشتت والحرمان، ويوميا يبرهن انه لا يملك من مواصفات الإنسانية الا شكلها، ولا زالت فاتورة التحرر تتسع، فنحن اليوم نفتقد 6500 مواطن، يحتجزون في سجون ظلماء بحقدها، يتجرعون مرارة القهر والعنصرية، تثاقلت أجسادهم وتجعدت وجوهم وبحت حناجرهم من الأوجاع والاهات، وشوهت عيونهم بزنازين وأسوار وأسلاك شائكة وصمت اذانهم بمفردات عبريتهم وقذارة لسان سجانهم.
لقد أصبح أسرانا فريسة المحتل الانية، يعتدى عليهم وينتهك حقوقهم ويزرع الامراض في أجسادهم ويعذبهم لأتفه الأسباب، ومن هنا يتوجب علينا كإعلام محلي أن نزاوج الخيط بالإبرة، وأن نبدأ بالنسيج وتضميض جروح المغيبين، وأن نكسر أقفال سجونهم ونلقي بها إلى عالم الإنسانية والديمقراطية كي يعالجوا تشوهات ادعاءاتهم أو يجمدوها حتى نصبح أحرارا.
أعلم جيدا وأتابع الكثير من وسائل الإعلام المحلية المرئية والمسموعة والمقروءة التي تخصص مساحات متباينة لقضية الأسرى، ولا يستطيع أحد ان ينكر دورها في مساندة قضيتهم ودعم صمودهم وفق الإمكانيات المتاحة، ودائما ما كان إعلامنا جزءا أساسيا من مقومات النضال ومقاومة المحتل، ونحن نفخر بهذا وبصوت مرتفع، وحريصون دوما على الشراكة التكاملية التي تفرضها علينا مسؤولياتنا تجاه الوطن بكل مكوناته.
ولكننا اليوم يجب أن نقرأ المرحلة جيدا، وأن نعيد تقييم الأمور في ظل جملة المتغيرات محليا وإقليميا ودوليا، حتى ننطلق بقوة أكبر، حاملين قضة أسرانا إلى أبعد فضاءات الكون، وأن نحاكي الإعلام العالمي بصوت الإعلام الفلسطيني الموحد، وأن نتغلغل في عقول جمهوره، لعلنا نزيل شيئا من الضباب الحاجب لشمس حريتهم.
لقد شهدت السنوات القليلة الماضية نجاحا كبيرا في تدويل قضية الأسرى على المستوى الدولي، فعقدت المؤتمرات والإجتماعات والندوات في كثير من دول العالم، وأقيمت الفعاليات والنشاطات، ومن هنا يأتي دور الإعلام المحلي وفقا لمبدأ التراكمية، حيث يتوجب عليه ان يدعم هذا التدويل من خلال القيام بدوره الطبيعي تجاه هذه الشريحة، للمساهمة في تحويل هذا التدويل الى نتائج ايجابية ملموسة من قبل اهالي الأسرى وعائلاتهم.
واليوم يجب على وسائل إعلامنا الوقوف بشكل جدي عند كل التفاصيل التي يمكن ان يكون لها دور في اجبار العالم على تحمل مسؤولياته تجاه من يسجنون بحثا عن حرية وطنهم وشعبهم، ومن هنا يتوجب علينا إيجاد رؤية وطنية وخطة إعلامية ممنهجة ومحصنة للنهوض بقضية الاسرى الى المستوى الحقيقي الذي يليق بها.
كما لا بد من إعلامنا المحلي توخي الدقة في إستخدام المصطلحات ذات العلاقة بقضيتهم، وان لا نسقط في التلاعبات اللفظية التي يسعى هذا المحتل بالزج بها في نصوصنا، وهذا يتطلب ان يكون هناك عمل جاد ومسؤول من أجل الفهم الصحيح لدلالات المصطلحات التي أفرزتها الحركة الاسيرة في سجون الإحتلال الإسرائيلي، مع التركيز بنوع من الخصوصية على استخدام المفاهيم والمصطلحات القانونية الصحيحة لدعم قضيتهم محليا ودوليا، وتوخي الدقة وصحة المعلومة قبل تعميمها، حتى لا تسجل علينا استشهادات لاحقا.
ويجب على الإعلام المحلي أنسنة هذه القضية بمختلف جوانبها، بحيث نحمل للعالم قصة الانسان الفلسطيني المحروم من من حريته ومن اهله ومن ممارسة حياته الطبيعية بأدنى درجاتها، وأن نرمي بمئات بل الاف القصص عن حياة الأسرى وأسرهم بين شعوب العالم المتحضر والمقدس لشعار الديمقراطية، لنقول لهم لا قيمة لديمقراطيتكم طالما بقي أسرى في سجون الاحتلال الاسرائيلي، هم بشر مثلكم، يحبون الحياة ويعشقونها، ولكن بعيدا عن تشوهات الاحتلال.
وفي الختام لا ينكر أحد مدى تطور الاعلام المحلي خلال السنوات الماضية، ونثمن دوره النضالي في ترسيخ كل معاني الوطنية وحب التضحية والدفاع عن كرامة هذا الشعب وفضح ممارسات الاحتلال، ولكن علينا توسيع الشراكة الداخلية اولا، بحيث تكون كل وسائل الاعلام المحلية لها هدف موحد تجاه قضية أسرانا، وبعد ذلك الانطلاق اقليميا ودوليا للتاثير على وسائل اعلامهما في تغطية احداث الاسرى ونشر قضيتهم في كل انحاء العالم.