الطيار الأردني “ضعيف” لكن طائرته أيضاً ليست متطورة

بقلم: 

أسقطت “دولة البغدادي الإسلامية” بقدراتها طائرة الطيار الأردني معاذ الكساسبة في الرقة السورية أو لم تسقطها ووصلتها فريسة جاهزة بفعل فاعل، هذا ليس مهماً باعتقادي بنظر عائلة الطيار الكساسبة، وغالبية الشعب الأردني، فالرجل لا يزال إلى الآن بين يدي التنظيم، وبات يرتدي سترة الإعدام البرتقالية الخاصة بالدولة التي تزيد مساحتها عن بعض الدول العربية، صورة زي “الذبح” البرتقالي نشرتها الدولة المختصرة إعلامياً “بداعش” عبر منبرها مجلة “دابق” التي تفوق قدراتها التحريرية والإخراجية بعض “صحفنا” العربية “المليونيرة”، وامتنعت في المقابل وسائل إعلام محلية أردنية عن نشرها تضامناً مع ذويه والوطن كما قالت، لتبقى كل هذه الأمور التحليلية والتضامنية “للسقوط” شكليات لحين عودة صاحبها “الكساسبة” لبلاده .
بالعودة لأسباب سقوط الطائرة الأردنية “إف 16″ التي لا نعرف إن كانت متطورة بالفعل أم متأخرة عن مثيلاتها ذات “الإف” ؛ اجتهدت و”تفننت” وسائل الإعلام الأردنية والعربية والعالمية بالحديث عن المسبب الحقيقي لسقوطها فأحدها أرجعه لصاروخ حراري أطلقته “داعش” عليها، وأخرى قالت أنه حصل “غنم” بفتح الغين أي تنظيم الدولة على أسلحة مضادة للطائرات من المعارضة “المعتدلة” المسلحة، أو أنه قام باختراق مخازن للنظام السوري واستخدم أسلحته الدفاعية الروسية الصنع وأسقطها .
بعيداً عن الأسلحة التي يمتلكها التنظيم، ذهبت بعض القنوات “المغرضة” كما اعتبرها البعض إلى التقليل من شأن الكساسبة، والتشكيك بقدراته ومهاراته بما أنه “عربي”، ووصفه بالضعيف والغير واثق، واتهم بعضها الآخر دون أدلة تذكر الإماراتية مريم المنصوري زميلته العربية الرائد الطيار في التحالف الستيني ضد تنظيم “دولة البغدادي” بالتسبب في سقوطه ووقوعه بالأسر، كما أشارت قلة من تلك القنوات إلى خلل فني قد يكون السبب الرئيسي في “السقوط الأردني” .
بين كل هذه القنوات كان مختلفاً مانقلته قناة “الميادين” عن سيناريو صحيفة محلية أردنية بدا لافتاً وغير مكرر يقول أن سقوط الطائرة قد يعود إلى تقنية روسية رفيعة المستوى، استعملتها قاعدة للدفاع الجوي السوري في محيط محافظة الأنبار، وهو ما يشير بحسب الصحيفة إلى أن دفاعات سورية الجوية تديرها أطقم روسية، ويبقى هذا السيناريو بنظر الصحيفة تقول القناة احتمال يمثل أحد الخيارات ويخضع للاختبار لعدم توفر معلومات أكيدة حوله.
إن تأكدت صحة سيناريو الصحيفة الأردنية وثبتت معلوماتها، يلح عقلنا علينا للسؤال، لماذا تحركت الدفاعات الجوية السورية أمام شقيقتها الطائرة الأردنية وأنزلت طيارها طعماً للتنظيم الإسلامي المتشدد بالرغم أنه لم يكن يهاجم مواقعها، واقتصرت أهداف هجماته على مواقع الدولة الإسلامية ؟ ولماذا لم تهب الحمية “الدفاعية السورية” لإسقاط زميلات “الأردنية” من طائرات التحالف الأجنبية والأمريكية منها على وجه الخصوص التي تنتهك أجواء سيادتها يومياً ؟ فالكساسبة على الأقل بالنهاية عربي ومسلم، وإن كان لأحد أن يستهدفه  فالأولى أن تكون “داعش” بحكم فعل الهجوم الأردني، وردة الفعل “الداعشية” عليه .
أعاد الله “معاذ” إلى أهله سالماً، وسواء كان بإرادته متطوعاً أو بغيرها تنفيذاً لأوامر سياسية و عسكرية، وحلق إلى الرقة بدلاً عن تل أبيب التي نبتغيها ضمن أهدافه كما قيل، تبقى العروبة تجمعنا، ودعوات والدته لها وقعها على قلبنا، فيا الله لا تريها بولدها كما رهائن “داعش” الآخرين، اللهم انصر الحق، ونور بصيرتنا وأظهر الظالم، وأغث المظلومين ياالله .
تهنئة أهل الكتاب “حرام” بالاتفاق !
يعرف بضم الياء ديننا الإسلامي بسماحته، ونعرف بفتح النون أننا لسنا جميعاً بقدر سماحته، فالعجيب أننا ندعيها بقدر معرفتنا أننا لا نبتغيها ونريدها أي السماحة فقط عنواناً فقط لمن يشتريها، ونضحك عليه فيها كأسلوب معاصر يتناسب مع مقتضيات حياتنا المبهرة، فهاهو ذاك الشيخ الجليل من هؤلاء الذين أصبحوا نجوماً في عالم الفضائيات بعباءته ولحيته “المصبوغة” على الموضة وشواربه المحفوفة على السنة يقول “ديننا سمح”، ولكن سماحته مجازاً كما فهمت أو كما يريد أن يفهمني لا تقارب حدود تقبل الآخر التي تصل إلى تهنئته بأعياده ومناسباته الدينية على اختلافها، وحكمها بحسبه “حرام” بالاتفاق .
في هذه الفترة من نهاية العام، واحتفال إخواننا وأخواتنا من الطائفة المسيحية بالميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية، وكما العادة تكثر أسئلة “المسلمين” حول حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم، منهم بالذات هؤلاء المتصلين على برامج الفتاوى الكثيرة على شاشاتنا العربية التي تعود ملكيتها إلى رجال أعمال دول الخليج، والتي لم نعد نفرق بين صالحها وطالحها أي “البرامج” لغرابة فتاويها وندرتها .
يتصل أحدهم “المسلم” بذلك الشيخ “المقدم النجم”، ويقول سائلاً “بالله ياشيخ ماهو حكم تهنئتي لأهل الكتاب بأعيادهم”؟  وكأن ذلك الأخ المسلم ختم علم شريعته ودينه، وطبقها وعرف حلالها من حرامها واهتدى، ولم يبق أمامه سوى تلك المعلومة الأخيرة التي ستكمل دينه ويستوي بها، وينطلق من بعدها إلى الجنة، وكأنها البشارة بعينها !
يأخذ “الشيخ” نفساً عميقاً، يتنهد ومن ثم يجيب، سؤالك في محله، مخاطباً إياه بيا أخي أو يا بني بحسب عمره، ويقول الحكم مانصه حرفياً “تهنئة الكفار بعيد “الكريسماس″ أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيّم – رحمه الله – في كتابه أحكام أهل الذمة، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول : عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات، وهو بمنزلة أن تُهنئه بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله، وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه، وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه”، يختم الشيخ إجابته !
لست فقيهاً بالدين، ولا علامة بشد اللام يحج الناس إليها لعلمها الواسع وتدينها القاطع، وهنا أرجوكم لا تكفروني ولا تقطعوا رأسي، لكن الأحكام في فتاوى التهنئة هذه ببساطة قائمة أساساً على تكفير إخواننا في الطائفة المسيحية وغيرهم، وبالتالي تحريم تهنئتهم بأعيادهم وكأن الأديان قامت على النبذ والقطيعة والكراهية والعداء لكل من يخالفنا ولا يسير حسب منهاجنا، هم بالأصل أهل كتاب وليسوا كفاراً، وحتى وإن كانوا كذلك بعرف ديننا واجتهاداته “البشرية”، فالحكم الأخير نتركه لخالقهم وخالقنا الله تعالى، ولنتعايش بمحبة وسلام، أما بالنسبة لتهنئتهم فميلاد مجيد، وكل عام وهم بألف خير، وكما يقال “اللي بيعرف أبوي، يروح يقول له” .
طرافة “الكبير أوي” وإنجازاته الفارغة !
هناك صورة طريفة يتداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام عن السلطة الفلسطينية ورجالاتها الذين تحولوا إلى أضحوكة بفعل وعودهم الفارغة، وتهديداتهم العبثية العلنية الاستعراضية على شاشات التلفزة، والتي لم يعد يصدقها أصغر طفل فلسطيني يملك ضميراً إنسانياً، وحساً وطنياً، فحتى الطفولة في زمن رئيس السلطة “أبومازن” محمود عباس أمست بلا كرامة، ويا خوفي أن يبيعها ويشتريها، ولا شك أنه “سيشحد” عليها !
الطرفة التي غابت أو غيبت عن الإعلام الفلسطيني تظهر ورقة امتحان كتب فيها “أذكر ثلاثاً من إنجازات السلطة الفلسطينية في العام 2014″؟، السطور الثلاثة ظهرت فارغة، وكتب على الصورة تعليق طريف “يومها لم ينجح أحد”، أي أن السلطة ليس لديها إنجازات ليكتبها الطلبة، وبالتالي لم ينجح أحد!
كبير مفاوضينا “الكبير أوي” كما في المسلسل الكوميدي للممثل أحمد مكي “صائب عريقات”، يقول أنهم ماضون في تقديم مشروع قرار يقال أنه “عربي” أو بالأساس أردني أمام مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عامين رغم تهديد الولايات المتحدة الأمريكية بالفيتو، وانتقاد القرار من قبلها.
سنتسمر على الشاشة اليوم الثلاثاء كما يقولون، أو غداً لنرى تصويت الدول الأعضاء على القرار الذي يحتاج إلى تسعة أصوات مؤيدة له من أصل 15، وهذا بالطبع من دون اعتراض أي من الدول الخمس دائمة العضوية على القرار “بالفيتو” !
المضحك أن “الكبير أوي واللي أكبر منه” لا يزالون يصدقون أنه يمكن لمثل تلك القرارات أن تمر ويوافق عليها العالم أو أنها ستثير عندنا الشهوة الوطنية لرقصهم النضالي المثير، وأن الولايات المتحدة الأم الحنون لإسرائيل والعطوفة عليها ستدعنا نسرح ونمرح في دولتنا من دون مطرقتها “الفيتو”، سأدعهم يكذبون، علهم يجدون أول إنجازاتهم في سطور ذكرها الثلاثة الفارغة !
الرئيس “الأسد” أسوأ شخصيات العام 2014
في العام المقبل 2015 أنا على يقين أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يكون ضمن قائمة أسوأ شخصيات العام، كما هو حاله بحسب تقرير قناة “العربية” في العام 2014 التي وصفته بأنه مفتعل أكبر مأساة إنسانية على وجه الأرض في العصر الحديث .
فالرجل باق في حكمه، وبكامل صلاحياته، إن قلنا نعم أو قلنا لا، هو الرئيس الرسمي حسب معايير القانون الدولي، ويمكن أن يكون الشرعي كذلك، سفاح، ديكتاتور، دكتور، حبيب الشعب أو ذباحه لا يهم ولا فرق بين هذه وتلك، المهم أنه بقي القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الجمهورية العربية السورية، وإن لا يزال يفقد السيطرة على ثلثها أو نصفها، وعلى ما يبدو أن توصيف الأبدية بمعناه الدنيوي المنتهي بالموت الذي كان يردده الشعب السوري باق لا محال .
وبما أن علمه الرسمي بنجمتيه الخضراوتين عاد ورفرف بالكويت الخليجية الذي سبق وأعاد رفعه جنوده بالقوة في ميادين المعارك، فمن غير المستبعد أن نراه يرفرف بغيرها من العواصم الخليجية، وقد تكرمه قناة “العربية” السعودية بجائزة شخصية العام 2015 مثلاً، وتقول ممتعضة مرغمة “إلى الأبد، يا بشار الأسد” !
عطوان تخطى يوسف ..
فكرت ملياً قبل أن أكتب هذه الفقرة بالتحديد، وخصوصاً أنني أتحدث فيها عن الأستاذ عبدالباري عطوان رئيس التحرير من منبره الصحفي، وأطل على القراء أسبوعياً من خلال صفحات جريدته رأي اليوم، لكن في الحقيقة لم أستطع إلا أن أكتبها وأفرغ مكنوناتها حتى ولو اعتبرها البعض مديحاً بحكم كتابتي ووجودي هنا في هذه الصحيفة .
حل الأستاذ عبدالباري ضيفاً على برنامج “لاباس″ الذي تعرضه قناة الحوار التونسية، ويقدمه الإعلامي نوفل الورتاني الذي أدار الحوار بكل أريحية وسلاسة، وجعلنا كمشاهدين وزملاء مهنة أن نتعرف لأول مرة على جوانب مخفية في شخصية الكاتب والصحافي الفلسطيني الأشهر في العالم العربي عبدالباري عطوان .
حلقة “لاباس″ هذه تمنيت أن لا تنتهي أبداً، فضيفها بالطبع ابن بلادي عطوان المعروف بجديته وحماسته اللامنتهية لقضايانا العربية المصيرية، وصرامة شموخه اتجاه قضايا بلده التي لا تباع ولا تشترى، ووقوفه مواقف عز وكرامة أمام إمبراطوريات الإعلام وثبات خطه التحريري وسياساته الداعمة للشعوب والمواطن العربي المسحوق، وصموده أمام إغراءات العروض المالية الكبيرة، التي سيعيد الكثير منا التفكير فيها لو كانوا مكانه، وسيقبلونها في غالب الظن .
كشفت لنا الحلقة عن جانبين لم أكن أدركهما جيداً في شخصية “أبو خالد” بحكم أنه لا يظهر إلا في برامج سياسية لا تظهر بالعادة معالم شخصيته، ويقتصر كلامه على الجانب السياسي والتحليلي، الجانب الأول كان إنسانياً بامتياز، فدموعه التي ملأت عيناه عندما تحدث عن الرئيس الراحل الشهيد صدام حسين، وكيف خصه برسالة قبل إعدامه بثمان ساعات، وأنه بكى يوم إعدامه أكثر من يومي وفاة والده ووالدته، حقاً أبكيتنا يا أستاذ عبدالباري ..
أما الجانب الثاني فكان في خفة ظله التي أنزلت دموعنا ضحكاً وأخفتها عوامل الاستضافة الجدية في نشرات الأخبار، وهو يصف حاله أثناء رحلة طريقه لمقابلة الشيخ أسامة بن لادن، وخوفه من سقوط الحجارة على السيارة التي تقله ويقودها مراهقون تراوحت أعمارهم بين 16 و 17 على مرتفعات جبلية في تورا بورا، وبحثه عن دورة مياه في كهف بدائي .
كان لافتاً كيف أضحكنا عطوان، وكيف أبكانا، وبات مستغرباً لماذا لم يطل إلى الآن ببرنامج منفرد يكون هو مقدمه، لما لا فخفة ظله تخطت الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف، وجديته أتعبت أنظمة، وإنسانيته أرهقتها وأبكتنا، حفظك الله أبو خالد، ولا تغب عن الشاشة طويلاً ..