أبـعـد مـن غـزة وإعادة إعمارها!!

بقلم: 

بعد أن وضعت الحرب أوزارها، بكل ما تركته من دمار، وقتل ومآس ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، كان طبيعياً للفلسطينيين وللإسرائيليين، كما للعالم أجمع، وماذا بعد؟!! وهل ستبقى دوامة العنف والحرب مشرعة الأبواب، ومفتوحة على احتمالات التهدئة والحرب.

الفلسطينيون من جهتهم، وبعد طول عناء، عبر ممرات مفاوضات طويلة وصعبة منذ العام ١٩٩٣، حتى قبلها، حتى الآن، توصلوا الى جملة نقاط، أبرزها أن لا جدوى من المفاوضات في ظل الاستيطان، الذي أكل الأرض في الضفة الغربية، ومزقها شر ممزق، وأن لا جدوى من المفاوضات، دون أجندات زمنية واضحة، تضع المفاصل، لإنهاء النقاط العالقة، وهي كثيرة وأساسية. وأن لا جدوى من المفاوضات، دون تحديد المرجعيات لها، ومنها مقررات الشرعية الدولية .. وبأنه لا جدوى من المفاوضات، دون تحديد الحدود، حدود إسرائيل وحدود الدولة الفلسطينية.
توقفت المفاوضات، منذ زمن، وحتى ما قبل الحرب الأخيرة، وتبين للجميع، بأن أجندة نتنياهو السياسية، تتعارض جذرياً، مع أي توجه للسلام، يضع للصراع نهايات واضحة، ويقضي بتقرير مصير الفلسطينيين لأنفسهم، وبأنفسهم.
طرحت الحرب الأخيرة، التساؤل الأساسي والجذري في آن، ما هو مصير الفلسطينيين؟!!
هل أن مصيرهم في الخارج والشتات، هو الذوبان داخل الأطر المجتمعية التي يعيشون فيها، وضياع ما تبقى من هويتهم الوطنية، وهل مصيرهم في الدول الأوروبية والاسكندنافية ذوبانهم، لغة وثقافة وتاريخاً، بتلك المجتمعات؟!!
وهل سيكون مصيرهم في الضفة، ذوبانهم داخل المجتمع الإسرائيلي، والقبول بهيمنة الاحتلال، بهذه الطريقة او تلك؟!! وهل ستقبل الدول العربية المضيفة بتلك الحلول؟!! وهل سيتوافق المجتمع الدولي مع هذه الرؤية الإسرائيلية؟.. الاتجاه في إسرائيل لا يزال يميل، ويشتد ميلانه، نحو اليمين والمزيد من اليمينية .. ولا شيء يوحي او يشي، بتعديل هذا الميلان الخطير، بل على النقيض من ذلك.
وصل الفلسطينيون، الى نقطة اللاعودة، بشأن مفاوضات، على النمط السابق، المفتوح وغير المحدد .. لا زمانياً ولا مرجعياً.
باتت م.ت.ف والسلطة، والمفاوضون الفلسطينيون، على قناعة تامة، بأن ما ينتج عن الحرب الأخيرة، يتمثل بإعادة طرح القضية الفلسطينية، على المجتمع الدولي مجدداً، كي يتحمل مسؤولياته، ويتحسس واجباته تجاه الفلسطينيين وقضيتهم إجمالاً.
نعم لمفاوضات قادمة، ولكن بهدف التوصل لحل شامل وعادل، وعلى أسس، يتم بموجبها تحديد الإطار الزماني، وتعلن خلالها المرجعيات التي تستند عليها، وفي المقدم منها، مقررات الشرعية الدولية .. وكل ذلك، بضمانات دولية محددة. دون ذلك، تصبح العودة للمفاوضات، بلا جدوى ولا معنى، وعندها سينطبق عليها مقولة المفاوضات العبثية، التي أضحى الجميع، ينبذها ويستبعدها بل ويرفضها.
هنالك جهد فلسطيني - عربي، باتجاه تحرك دولي، لتحريك الجو السياسي، باتجاه تنشيط العودة للمفاوضات، وفق الأسس السابقة، وهنالك رفض إسرائيلي قاطع وواضح، لهكذا توجه. صراع الإرادات الإقليمية والدولية، سيحدد الاتجاه العام، وليس هذا، باليوم البعيد!!!.

المصدر: 
الأيام