تدفيع الثمن .. إرهاب ممنهج

بقلم: 

الإرهاب اليهودي في فلسطين لم يتوقف لحظة منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا... بل أخذ أشكالاً متعددةً محاولاً الاستناد إلى حجج واهية، ولكنه في كل مرحلة كان إما مشرعاً كما في إرهاب العصابات الصهيونية قبل النكبة، أو مسكوتاً عنه في كثير من الأحيان أو محمياً من قبل القوات الإسرائيلية كما يحصل في البلدة القديمة من الخليل، وفي المستوطنات التي توصف بالأكثر تطرفاً في الضفة الغربية.
الحكومات الإسرائيلية لم تتحرك لوقف الإرهاب اليهودي بحق الفلسطينيين على مدار السنوات الطويلة الماضية، ولكن كانت هناك ردات فعل تجاه بعض الأحداث التي كانت تؤثر سلباً على مواقف هذه الحكومات خارجياً... ما يضطرها للتحرك بالحدود الدنيا من أجل الظهور بمظهر من يحارب هذه الفئات.
وإذا ما نظرنا إلى عصابات تدفيع الثمن الإرهابية اليهودية، فسنلاحظ صمتاً إسرائيلياً رسمياً، ورفضا لتوصيف هذه العصابات بالإرهابية، رغم كل الجرائم التي تقترفها بحق الفلسطينيين، لأن أقطاب الحكومة الإسرائيلية يعرفون أصلاً أن هذه الجماعات هي امتداد لأحزابهم وأفكارهم... بل هي جزء من تنظيمهم السياسي.
ومن الملاحظ أن أجهزة الأمن الإسرائيلية بدأت تتحرك، ليس من أجل اجتثاث هذا الإرهاب اليهودي، بقدر رغبتها في إيصال رسالة إلى هذه المجموعات بأنها وصلت إلى مرحلة بدأت أعمالهم فيها تنعكس سلباً على الحكومة الإسرائيلية والمستوطنين في الغرب. ولعلّ التقرير الأميركي الأخير هو الذي أشعل الضوء الأحمر أمام الحكومة الإسرائيلية وأجهزة أمنها للتحرك من أجل تبريد الأجواء.
تشجيع الحكومة الإسرائيلية واضح... فهل لا تعي هذه الحكومة ما قامت به هذه الفئات الإرهابية من إجرام طال الإنسان الفلسطيني وأرضه وشجره ودنس مقدساته.
عشرات آلاف الأشجار قطعها المستوطنون أو أحرقوها عمداً، وفي كثير من الأحيان تحت أعين وحماية القوات الإسرائيلية.
عشرات المساجد تم تدنيسها أو إحراقها أو خط شعارات معادية على جدرانها، وهذه الظاهرة ليست حديثة العهد كما يدعي الكثير من الذين يحاولون تغطية الاعتداءات الإسرائيلية!.
المسجد الأقصى أحرق في العام 1968 وهو الذي كاد يودي بالمنطقة إلى الهاوية... ثم دمّرت مساجد في عدة قرى... أعقبت ذلك مجزرة الحرم الإبراهيمي التي أوقعت عشرات الشهداء والجرحى من الساجدين فجراً في شهر رمضان.
كما اقتحمت ساحات الأقصى من قبل إرهابيين يهود والذين أطلقوا النار وتحصّنوا هناك.
إذن هي اعتداءات ممنهجة ومتواصلة شجّعتها الحكومات الإسرائيلية، لأن كل الذين شاركوا فيها أفلتوا من العقاب... أو ربما كان عقابهم هامشياً ليس ذا مغزى.
الارهاب اليهودي تحت شعار تدفيع الثمن لا يفرق بين عربي وآخر بين مسلم أو مسيحي لأن كل الفلسطينيين هم عدو واحد أمامهم... وبالتالي فإن ازدياد حدة الاعتداءات تجاه الفلسطينيين يأتي في إطار الأيديولوجيا نفسها التي تقود هذه المجموعات الإرهابية... كنا دائماً نتساءل ماذا لو نبشت مثلاً مقبرة يهودية في أوروبا... ماذا سيحدث؟... ستقيم إسرائيل الدنيا ولن تقعدها... وسيتحدث الإعلام عن الاعتداءات اللاسامية... وستعلن الأجهزة الأمنية في تلك الدول استنفارها من أجل القبض على الجناة أو المجرمين... في الوقت الذي تدمّر فيه مقابر المسلمين... وأكبر دليل على ذلك مقبرة مأمن الله التي لم تراع فيها جرافات الاحتلال حرمة الموتى وألقت برفاتهم في حاويات القمامة.
إذن كله تدفيع ثمن بأشكال متعددة... ولكن يبدو أن هناك أيضاً مشكلة لدينا نحن الفلسطينيين في عدم قدرتنا على الرد على هذه العصابات حتى باستنفار إعلامي عالمي، وبفضح هذه الممارسات الإرهابية وذلك أدنى ما يمكن أن نعمله؟..

المصدر: 
الأيام