عاللِّي جَرى وِاللِّي كانْ

بقلم: 

قالوا بينما كان الضرغام يسير في الغابَهْ، في حر الشمس اللهابَهْ، يبحث عن عيشةٍ مُهابَهْ، وفريسة يسد بها رمقاً، من غولِ الجوعِ اللذي أصابَهْ.

والقرد من أعلى الشجرهْ، يراقبهُ والكلُّ وَرَى. قد كان يقرأ لحظتها، عن قصة ترويضِ النَّمِرَهْ. والقصة أضحت منتشرَهْ، والسلطَة باتت مستَتِرَهْ، طار العُصفور عن الشَّجَرهْ. قد كنا أمَّهْ مُقتَدِرَهْ، ما أكثَر من صاروا وُزَرا، وتزاحَمَ جُلُّ الجُلِّ وَرَهْ. لكن من ازدانَ بسعدان، تلقاهُ هزيمَهْ مُنتتظَرَهْ.( يا جماعَة البلد صارت مليانه سعادين، في الشارع في البيت في الشغل، من البلد ومن خارج البلَد، يعني اللي ما بْيركبو سعدان، بيلاقي البوم والغِربان، فصبرٌ جميل وبالله المُستعانْ).

صاحَ السَّعدانُ على الأسَدِ، أنا فَوقُ فوقِكْ يا وَلَدي. شِكلَك جوعان وَفي كَمَدِ، محسوبَك جاهِزْ بالعُدَدِ. من دوني مش رايحْ تفْلِحْ، ستفتش عنها ولن تَجِدِ. لا جامعَة العُرْبِ سَتَنْفَع، ولا حتى الأممِ المُتَّحِدِهْ.عرضَ السعدان على الأسَدِ، ما بين الجَدِّ وباللعبِ. صفقَة مضمونَة بلا أحَدِ، سَتُفَتِّشُ عَنها يا وَلَدي.( الله وكيلكُم، لَو بِدنا انْعِد صفقات مضمونِه برسائل ضمانات وتعهدات وقرارات أمم متحدة ومؤتمرات، مِش راح انْلَحِّق، وكان صرنا عاملين دولِه ومتوسعين فيها حتى الأندلُس، وْهاي كملناها بالخفاجا عامِر واعْمِلنا مصالحة تَقْرُب من المطارَحَة إن لم تكن هي بعينها، ومع ذلك ندعو أن تتكلل بالسِّتِر وِالنجاح وِالفاتْحَة على نِيِّةِ التوفيق. وعلى فكرة قضية السعادين مع الأسود مش محصورة فينا وفي عدونا، لأنو في أعداء كثير، وعندنا سعادين منا وفينا، وبتشتغل معانا وْعلينا زي البوم اللي بيدلك عالخَرابْ، وهدول أخطر مليون مرة من السعدانْ، وكل اللي بنشوفه من عجايْبِ الزمانْ. إحنا عارفين إنو الولد العاطل بيجيب لأهلو المَسَبِّه، لكن شو بنقدر نعمل لما كل واحد بينَصِّب حالو عَ ظَهرَك سعدان، وبِيْلَمْلِم حَوالِيْه مجموعِة غِربانْ، علشان يِثبِت إنو الوطن خربان، اتقوا الله يا داعِشْ ويا داشِعْ ويا حِمْسان وْيا إخوانْ).

وأضاف السعدان من روس العلالي: أنا الرابِضِ دوماً في الأعالي، يعني ولا ستين رادار يا خالي، ما رأيك أعتلي ظهرَك ياغالي، مقابل أن أكشف لك الفرائس واحِدَة واحِدَة على التوالي، ولن يفيدك غيري لا إخوان ولا حِمسان ولا ملالي. وبلّش يغنيلو بالصوت العالي: أستحلفك بالله لا تسيبني خالي، قلبي عليك مشغول يا حلو يا غالي، وساعَة يغنيلو بين الدوالي بالكَرْمِ العالي، وساعَه يغنيلو بَعدَك على بالي، وأنا لما حبيتَك خَطَر على بالي، إللي جرالي واللي راح يِجرالي، يا حصِرتِي ويا كَشَلي ويا ظِيمْ حالي،(أنا اللي أستاهِل كل اللي يِجرالي، الغالي بِعتُو رْخِيص وَلا احسِبُوش غالي، يعني شو هالعِيشِه المِقِرْفِه وِالْهَمالِهْ، لما بدك تِتعامَل مع ناس زْبالِهْ).

صاحِ الأسد عزيز الدارْ، بَعِد ما العَقِل مِنو طارْ، أنا الأسَد أنا الملِك أنا الجبارْ، أنا اللي ما تِنطِفيلو نارْ، ولَكْ بدّك تركب عَ ظَهري مفكرني بَغِل وِلاَّ حْمارْ؟! إنتي ما بْتِسْوا بِوَقْتِ الغَلا عصايِةْ مِكْنَسِه ولا فَرْدِةْ بُصطارْ، تْفُو على الزَّمان اللي بدّوُ يْخَلي سعدان يِعمَل الأسَد حْمارْ.
على هُونَكْ يا بعِد عُمري عَ هُونَكْ، ما في حَدا شايِف غير أنا وِنتي وأنا عْيونَكْ. خليني بَس اركَب عليك شْوَيِّي، وكل الفرايِس والطرايِد مِلكَكْ وْلَعْيونَكْ. وبلش يْغَنيلو وِيْقول: شلونك عيني شلونَك، شو مْخلِّي على عيُونَكْ. وافكَّرَك بالليل وِاشْجُونَكْ، واحلِفْلَكْ عالشوق بِعْيونَكْ.
على طول قاطعو الأسد وِتْساءَل باتِسامِهْ: يعني فِكْرَك يا حِلُو يا بُو شامِهْ؟

قاللو: طبعاً فِكري وْفِكِر فِكري يا حفيظ السَّلامِهْ، إنتي الكسْبان عَ مَسؤولِيْتي وِالضَّمانِهْ، وِبْإذنِ الله ما راحِ ايْكُون نَدامِهْ.
اقتنع الأسد وِتْقَبّلِ الفِكرَهْ، وْنَط السعدان عَ ظَهرو وْعِمْلُو قُرَّهْ، بَعِد ما غَطى وْسَتَرْ قَفاهْ هالغَبْرَهْ، وْلِبِس بَدالِ البنطَلونْ وَزْرَهْ، وْلادِ الأكارِم بِشْحَدُوا وْحاملينْ صُرَّهْ. وْوَديعِ الصافي مِن قبرو ايْغَني ابْحَسْرَهْ، مُرَّه يا ليالي الهَجِرْ مُرَّهْ، أكثَر مِنِ العَلْقَم ألِفْ مَرَّهْ. يعني احذَر عدوك مرَّهْ، وِاحْذَرْ صديقَكْ ألفْ مرَّهْ، فَلربما انْقَلَبَ الصديق فكانَ أعلَمُ بالمَضَرَّهْ. واللي ما فِهْمِشْ محمود درويشْ، بَلْكي يِفْهَم جَبْرا ابراهيم جَبْرا. يا عمي اللي مِش عاجبو جِبْنِتْنا البِيضَه، يروح يْدَوَّر عَ جِبْنِه صَفْرا. بَس اللي خَليتو شَقْتُو أُوْضَهْ، بلاش تْخَلُّوا عِيشْتُو أَخْرَى. بِيكَفي وِلاَّ اقول الْكُمْ بَعِد أُخرَى؟!

يا إخوان شو بِدْكُم بالطويلِهْ، رِكْبِ السعدان عالأسَدْ أبو جْديلِهْ. وقالو الأسَد بَعِد ما ظَل إلو حِيْلِهْ، إنْزِل وَرجيني الفرايِسْ يا دَليلي. اتْنَطَّط السعدان بْذِيْلُه الطويلِهْ، وقالُّو مِشْ نازِل يا أسَدْ يا هَبِيْلي، حتى لَو جِبِت كُل أهْلَك وِالعَشيرِهْ، وَلو ضَرَبْتِ بْمَطاطي وْمِيْتْ مُسِيْلِه. عُمْرَك شُفِت حَدا بْيِنْزِل لَحالُو، غير اولادِ الأصايِلْ وِالأصيلِهْ؟
ما قِدْرَتِشْ إيدُو تِوْصَل لَظَهرو، لما حاول الأسَد يِلُقْطُو بِالإيْد. وِالقِرْد يِضْحَك وِمْخَلِّيْه بْقَهْرو، جابْلُو مْنِ الآخِرْ مُخْتَصَر مُفيدْ. ما اجَتْشِ العَتْمِهْ عَ قَدّ إيْدِ الحرامي، وِالدار قَفْرَه وِالمزارِ بْعِيدْ.
لَزَّقِ القِرْد عَ الأسد بِلُزِّيْكَهْ، وِالمَثَل قال عَلْقِة واوي بْعُلَّيكَهْ. فَتَّش وْدوَّر تا يِلقالو طريقَهْ، تا مَرّْ ابُو لِحصينْ بآخِر دقيقَهْ.
أبو لِحْصين قالُّلو بَنْصَحَكْ، تِرجَع عَ أهْلَك وْرَبعَك لأْسودِهْ. ولما السعدان ايْشُوفَك صِرِتْ بِيْنْهُمْ، بِفْعَط مِن خُوفو عَ أقرَب عُودِهْ. وعينَك تْشوفوا بْذَنْبَتُو المعقُودِهْ، ما تْقُول غير دِيكْ حايِفْتُو حُودِهْ. وْساعِتْها بِنْغنيلَك يا بُو بارودِهْ، يا مَربَى الدَّلال وْمَرْبَى لأِسُودِهْ.
لما وِصْلِ الأسَد عَلى أجَمْتُو، وْلِقي أهلو لِاسْباعْ عالِحْدودِهْ. فَلَخ السعدانْ عن ظهرو يِوَلْوِلْ، وِيْقُول الْحَقوني يا رَبْعي وِجْدودي. شُو جابْني لأسَدْ مِشْعَراني، وانا اللي بينكُمْ قَفاهْ جْرُودِهْ. يا حيف لما الهَمالِه وِالفَسادْ، بِتْصير بْهاالزمَن عَلامِةْ جُودِهْ.
أقولْكُم، نِذرٍ عَلَيْ إن صار اللي بِبَالي، لَصرَخ وَرَوِّدْلُو وِالْقُولْ في العالي:
سَبْعِي يا بو بارودِهْ/ عودِ النَّخِلْ مِتْدَلِّي
يُومِن اتْشُوفَك عِينِي/ كلِّ لِهْمُومِ اتْوَلِّي
يا جماعة القصة مش قصة سعدان فالِتْ مِتْجَلِّي، ولا قصِّة شفيقَة وْمِتْوَلِّي، القصة قِصِّة شَعِبْ مظلومْ، مع احتلالْ وْعَدُو مِتْسَلِّي.
المصالحَه مِش مَنسَف عَ لَحْمِه أو جاجْ، ولا خَلْطِة قَطيع اسْباعْ مَعِ نْعاجْ. الموضوع هُوِّ الناس اللي وِقْعَت بِسْياجْ، مِشِ الناسِ اللي عِمْلَت في الهَوى حُجَّاجْ. لا تِنْدَهي ما في حَدا، لِبْواب مْسَكَّرَه وِالعِشِبْ غطَّى دّْراجْ.
صحيح العصفور ابْيِتفَلَّى والصياد ابيِتْقَلَّى، إلاَّ في بلادنا الصياد ابْيِتْبَلَّى وِبْيِتْحَلَّى وِبْيِتسَلَّى.

المصدر: 
الأيام