القضية الفلسطينية : غياب الامة ... غياب القضية

بقلم: 

لا يختلف اثنان على أن فلسطين لا زالت تنام  بين "  فكي كماشة " ،  يمسك بها ويحكم قبضتها الاحتلال الاسرائيلي منذ سنين طوال ، وبمختلف الاداوت الوسائل والاساليب المتاحة والتي يتفانى المحتل في تطويرها وتعزيزها وتمكينها يوماً بعد يوم ان لم يكن ساعة تلوى الاخرى ، بينما  الفلسطينيون " الساسة منهم  " ينجحون فقط في تعزيز هذه الادوات ، خاصةً مع استمرار رهانهم على " لعبة المفاوضات " والتي لازالت اللعبة المفضلة لهم منذ أكثر من عشرين عاماً الخاسر فيه الهوية الفلسطينية و رحمها " الأرض " .

لكن ماقد يثير جدلاً هو ان بعض " المستفيدين " أو المارقين من الفلسطينين ومن خلال لعبة المفاوضات قد غيروا الصورة في قضية الشعب ، بل وضعوها على محك اشبه " بالخازوق " بات يفتتها شيئاً فشيئا ، وفي ظل غياب وطني قاتل لوحدة الصف والاهداف ، وفي ظل غياب مميت للأمة ، والتي تتداعى عليها الأمم شيئاً فشيئا بعد انشغالها وتزاحمها على المناصب .
ومع استمرار هذا المشهد " المخيف " والذي لم يحظى بأي اهتمام جاد من قبل الأمة العربية والاسلامية والعالم بأسره سوى رفع لوحة "ألصمت "  ، والاستمرار بعزف قصائد الشجب والاستنكار بين عقد وآخر وحسب الموقف ، بل ان الامر اسقط ذلك كله ليصبح الصمت والاستنكار ايضا في عداد المفقودين ، ويحل مكانهما دعم صريح للمشروع الصهويني في الأرض المحلتة . وتحت شعارات مختلفة بات بعض الفلسطينيون يمارسونها من خلال الانقسام وندبه ومن خلال المفاوضات وتبريرها ، حتى اكتملت  " الكماشة " واحكمت القبضة .

القدس ،،،، طهر الروح ... ومدينة الصلاة .....  بدون صلاة ...

ان المراقب للمدينة المقدسة والقارىء للأحداث المتسارعة فيها  لابد أن يقرأ امراً وحداً في ظل تسارع العمليات القصريه التي تمارس بحقها بشكل يومي من قبل الاحتلال الاسرائيلي وأداوته ، فما يحدث في المدينة المقدسة من اجتثاث لعروبة المدينة واسلاميتها  أمر يضع اليد على  خطورة وابعاد هذا الاعتداء التاريخي لوجه الأرض ، ومن قبل أبشع احتلال عرفه التاريخ ، فسياسية الهدم والبناء والقتل والاعتقال والتشريد والابعاد ، والتهويد والتحريف والابتكار غير المشروع لقلب الحقائق وتزوير المعالم وتهوديها في ظل الصمت العربي والعالمي و الذي تحول اليوم لشريك فاعل في كل هذه السياسيات اصبح عنواناً بارزاً لتهويد المدينه لكن دون أن بلتفت اليه أحد ، بعد تحويل وجه العالم باسره خاصة العربي والاسلامي لوجهتان ، الأولى مايسمى بالربيع العربي ، والثانية " لعبة المفاوضات " ، ولو امعنا النظر قليلاً في هاتين الوجهتين لوجدنا ان هناك نموذج مصغر يمارس في فلسطين ، من خلال تجسيده بملف الانقسام بين حركتي فتح وحماس كوجه أولى ، و ملف المفاوضات بين " السلطة " و" دولة الاحتلال "  وما ينتج عنها من فتات  يرى البعض فيه انجاز !
أي انجاز والقدس تمزق ارباً ارباً كل يوم ، اي انجاز والصلاة باتت تنعدم في المدينه المقدسه ، اي انجاز والحديث يدور عن تهجير ممنهج للمواطنين في المدينه ، اي انجاز وآلاف آلاف الدونمات تسلب بغير وجه حق كل يوم لصالح بناء المستوطنات ، اي انجاز و عمليات الهدم قائمة فيها ، أي انجاز والاعتقالات تكاد تفرغ المدينة من أهلها ، اي انجاز والموت ينزف في اسواقها ، اي انجاز وصوت الاذان ينخفض شيئاً فشيئاً فيها بينما صوت الباطل يعلو من قباب المفاوضات ومنابر السفهاء ممن يجلسون على طاوله المفاوضات من كلا الجانبين ليقولوا " هناك تقدم ،،، في المفاوضات " !! ... يتسائل المواطن الفلسطيني الذي بات يلثم جلده وعرقه من قسوة الاحوال ومرارتها والتي تسوء يوماً بعد يوم مع دوران العجلة التي تديرها العلمانية الحديثه ووفقاً لسياسه الإحتلال الداخلي والتبعية الإقتصاديه كسيناريو لا يبعد عن الاهداف عن السيناريو العام لتصفيه قضيته العادله من خلال وضعه في صراع اقتصادي حتى لا يلتف لقضيته فيبقى فقط في هم " لقمة العيش " .
ان لعبة المفاوضات ولعدم جدواها بات لعنة على كل الفلسطينين جراء ما يتمخض عنها  ، فمنذ عام 1993 ، بدأ الفلسطينيون  يدفعون ثمناً قاسياً بعد جلوسهم على طاولة " التنازلات " الى ان بات الثمن اليوم أكثر وضوحاً .خاصة مع حلول اشكال  " دخيلة " للمقاومة الفلسطينية ، والتي منها ما يسمى " بالمقاومة السلمية " والمقاومة الشعبية " وغيرها من الاشكال التي أسقطت  الحق المشرعي للفلسطينين جيمعهم بالدفاع عن أرضهم وهويتهم وما يتعرضون له من عملية اعدام كاملة للحلم الفلسطيني والحق الفلسطيني .
الوطن البديل ... واللغة الأخيرة
وفي ظل هذا السجال المريب ، يعيش الفلسطينيون دون العيش الحقيقي ، سياسياً واقتصادياً واجتماعيا  واخلاقي ، لا حول لهم سوى لغة " الآمال " و لغة " الانتظار " كحال من ينتظر الأمطار هذا العام ! مع ان الحل امامهم واضح ، فعلى الرغم من ايمان الكثير من الفلسطينيين بأن بصيص الأمل سيجد نوره في هذا النفق المظلم ، إلا ان لغة التشاؤم ايضاً تلصتق به ويعود ذلك لسبب واحد هو تشتت الخيار والابتعاد عن المسار في ظل ماآالت اليه الظروف الراهنه في فلسطين وبفعل السياسة الاسرائيلية التهويدية والاحتلالية ، حتى بات الجميع يؤمن ان النتيجه ستكون وطن بديل لهده الارض لتنعكس الأية التاريخية " شعب بلا أرض لأرض بلا شعب " فتصبح " شعب كانوا كشعب كان  لهم ارض و باتوا من غير أرض " .
اما الرباط والخيل والوطن فيبقى فقط لمن يكتبون صهيل الغضب بفوهة بندقية تعرف اين تصوب شراعها والى اين تتجه، كحل يؤمن به البعض ، فالبوصلة السياسية تشير ايضاً اى وجهتان وفريقان ، فريق الحق وفريق الباطل ، فريق يناضل فوق الأرض  وفريق يتنازل على الطاولة ، والفاصلة بين الفريقين  " وطن " وخيار....