أبو مازن في خط الدفاع الأخير

بقلم: 

ها إن المهلة النهائية التي حددها وزير الخارجية الاميركية جون كيري للوصول الى اتفاق إطار للحل النهائي للقضية التي يسميها الاميركيون «الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي»، من دون أن تظهر في الأفق إشارات عملية يبدو منها ان الاوضاع تغيرت الى درجة التمهيد للحل النهائي المشار اليه.

ومع ذلك، ومع ان الامور تشير الى عدم ظهور بوادر تحولات تاريخية بهذا الحجم، فإن بعض هذه المؤشرات تنبئ بخطر كارثي على القضية الفلسطينية، وأهم هذه الاشارات اثنتان:
1- الضغط الاميركي الشديد على السلطة الفلسطينية للاعتراف بيهودية الدولة الاسرائيلية.
2- الضغط الاميركي الشديد على السلطة الفلسطينية لاتباع طريقة تؤدي الى موافقة فلسطينية رسمية على شطب حق العودة.
صحيح ان السلطة الفلسطينية لم تعط حتى الآن اي مؤشر قبول بهذين الشرطين الكارثيين، وأنها على العكس من ذلك تبدي إصراراً على عدم الموافقة، فإن ضعف موقف السلطة الفلسطينية يهدد بخطر محتمل، لاسباب عديدة، أهمها هزال الوضع الفلسطيني في قيادته العليا المتشتتة ما بين غزة والضفة الغربية، ثم اكتمال الغياب العربي الكامل عن دعم القضية الفلسطينية، بالتخلي عن عروبة القضية، الى درجة نفض اليد منها.
والحقيقة ان غرض اميركا الاهم والاخطر يتركز على الحصول على هذين التنازلين الفلسطينيين التاريخيين، اللذين يصبح انجازهما كافيا لإنهاء قضية فلسطين إنهاءً تاريخياً عملياً، حتى من قبل تتويج المفاوضات، باتفاقية رسمية نهائية، او باتفاق إطار.
تجد السلطة الفلسطينية نفسها في وضع كهذا في خط الدفاع الاخير، بعد ان اختفت خطوط الدفاع الاولى واحداً إثر الآخر، بالتنازلات التي بدأت تتم منذ ايام الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، والتي بدأت بحذف الاهداف التاريخية للقضية من الميثاق الوطني الفلسطيني بعد تعديله، وتتويجاً بـ«اتفاقيات اوسلو»، التي الغت حركة المقاومة الفلسطينية تاريخياً، ووضعت القضية عملياً في احضان سلطة الاحتلال الاسرائيلي، والتحالف الاسرائيلي- الاميركي.
يبدو كأن اوراق القوة كلها قد تسربت من ايدي محمود عباس، ولم يبق من حاجز يمنع وقوع الكارثة التاريخية، الا وقفة ضمير تقفها السلطة الفلسطينية، موازنة بين المخاطر التي تهدد القضية وتهدد المصير الشخصي لقيادات السلطة الفلسطينية في حال الرضوخ للضغوط الاميركية ـ الاسرائيلية، والمخاطر التي تخشاها السلطة في حال إصرارها على الصمود وراء خط الدفاع الاخير، ورفض اي ضغوط جديدة ستؤدي حتما الى تصفية تاريخية نهائية لقضية فلسطين.
إن تاريخية القضية بالنسبة لشعب فلسطين المشتت في بقاع الارض، أهم وأكبر من اي مسؤول في قطاع غزة او في الضفة الغربية. واذا كانت اوراق القوة كلها قد تبخرت من ايدي رجال السلطة، فليس اقل من الصمود وراء خط الدفاع الاخير، بانتظار تغير جذري في الظروف العربية والفلسطينية.

السفير